نشرت صحيفة المصريون يوم16 سبتمبر 2014 مقالا هاما لرئيس تحريرها الأستاذ جمال سلطان بعنوان (وفد الأزهر فى إيران؟!) ، نقدم تحليلا له ،ولكنه لايغنى القارئ الكريم عن قراءة المقال كاملا : 1- المقال يتعلق بزيارة قام بها وفد أزهري إلى إيران، برئاسة الدكتور أحمد كريمة الأستاذ المتفرغ بجامعة الأزهر، والتقى فيها بقيادات السلطة والأجهزة والمراجع الدينية وزار الحوزات المختلفة وخاصة في مدينة "قم" ، ووصفت وكالات أنباء إيرانية الوفد بأنه وفد رسمي. 2- ادعى الوفد أنه يمثل الأزهر الشريف ،و صدرت عنه تصريحات أثنى فيها "بقوة "على جهود إيران وتميز مؤسساتها الدينية وأنها "أسوة" يمكن أن ننقل تجربتها للقاهرة ، حسب ما نقلت وكالات الأنباء الإيرانية . 3- قدم الوفد مشروعا للتعاون والعمل المشترك بين الحوزة الشيعية الإيرانية وجامعة الأزهر، وذلك في مجالات كثيرة، إضافة إلى اقتراح إقامة المؤتمرات المشتركة لمواجهة التطرف الإسلامي، على حد قوله . 4- أن الحوزة العلمية الدينية الشيعية من جانبها طرحت على الوفد الأزهري مشروعًا لتبادل البعثات الدراسية بين مصر وإيران، معلنةً عن استعدادها لاستقبال الطلبة المصريين وغيرهم للدراسة بالجامعات والحوزات الشيعية فى إيران . 5- جامعة الأزهر أصدرت يوم الاثنين 15/9 بيانا شديد اللهجة صدر عن المركز الإعلامي لجامعة الأزهر قالت فيه ما نصه : " تداولت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى سفر وفد من جامعة الأزهر برئاسة الدكتور أحمد كريمة الأستاذ المتفرغ بالجامعة، فى زيارة رسمية إلى الحوزات الشيعية " ، ثم أضاف البيان قائلا : "وإذ تعبر الجامعة عن استيائها الشديد من هذا الخبر فإنها تعلن للكافة أنها لم توفد أحدًا أو مجموعة فى مهمة رسمية إلى الجهة المذكورة، وأنه إذا صح ذلك فإنه يعد افتئاتا صارخا على الأزهر وجامعته وتصرفا مخالفا للقانون، وأن أى حديث يصدر عن الوفد فإنه لا يعبر إلا عن صاحبه فقط وتحتفظ الجامة بحقها فى اتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة فى هذا الشأن". ثم أثار الكاتب العديد من التساؤلات حول بيان الأزهر ووصفه بأنه مهم ، وقال أنه يتضح من صيغته حجم الحرج الذي استشعرته المؤسسة ، غير أن مجرد إصدار بيان تبرؤ من الوفد المبشر بالإنجازات الشيعية ، والحديث عن أنه يمثل نفسه فقط وليس الأزهر ، وأن الجامعة تحتفظ بحقها في اتخاذ الإجراءات القانونية ، هو كلام غير مقنع ، ويعني أن "الأزهر عينه مكسورة" في هذه الواقعة ، فإصدار البيان يعني أن الأزهر استشعر الخطر الذي يتعرض له ، وأن هناك من تاجر باسمه في إيران ، وانتحل صفة الوفد الرسمي الأزهري ، وهو ما يستدعي إحالة الوفد بكامله للتحقيق فورا ، واتخاذ الإجراءات القانونية مباشرة تجاهه ، وليس الاحتفاظ بالحق في اتخاذها ، كما أنه يتوجب على الأزهر أن يكشف للرأي العام دوافع سفر هذا الوفد الذي يرأسه شخصيات أزهرية بالفعل وما زالت تعمل بجامعة الأزهر ، ومن الذي وجه إليهم تحديدا الدعوة الرسمية من الجانب الإيراني ، ومن الذي منحهم التأشيرة ، وهل كانت الجهات الأمنية المصرية التي تراقب حاليا بدقة متناهية حركة السفر والوصول إلى ومن عواصم مختلفة نظرا لحساسية اللحظة التي تعيشها مصر ، هل تابعت سفر الوفد المشبوه ، وعلى أي أساس وافقت على سفر وفد أزهري إلى إيران في الوقت الذي يتهم فيه القضاء المصري والأمن المصري تنظيمات إيرانية أو تابعة لها بالتآمر على مصر وتهديد أمنها القومي ، وهو ما تكرر في أكثر من قضية أعدها جهاز الأمن الوطني نفسه ، فكيف سمح الجهاز بسفر هذا الوفد إلى عاصمة توصف بأنها مهددة للأمن القومي المصري ، وعلى أي أساس اختارت "الأجهزة" الإيرانية هؤلاء الأشخاص تحديدا ، ما هي صلتهم بالأجهزة الإيرانية والمؤسسات الإيرانية ، لأن الاختيار لا يأتي عشوائيا ، وإنما تسبقه تمهيدات وتقارير ومقابلات وثقة خاصة بالأشخاص . واختتم الاستاذ جمال سلطان مقاله بأن كل ذلك ينبغي أن لا يمر مرور الكرام على الأزهر والجامعة ، لأن مؤسسة عريقة تمثل الدولة المصرية وتمثل ملايين المسلمين السنة ينبغي تطهيرها من تلك الاختراقات الخطيرة ، وأن تصارح الرأي العام بأي موقف مشابه ، وتثبت أنها قامت بردع المستهترين وتصويب المسار ، أما الاكتفاء بالخطب العصماء عن "الاحتفاظ بالحق في اتخاذ الإجراءات القانونية" فهو هشاشة وضحالة وهوان لا يليق. وبالإضافة إلى ما ذكره كاتب المقال ،فإن لدينا بعض الأسألة : 1- هذا البيان صدر من جامعة الأزهر ، فأين تعقيب مشيخة الأزهر ؟وما هو موقفها؟ ولماذا صمت شيخ الأزهر صمت القبور؟ 2- أين موقف أساتذة (الأزهر ) الذين يملأون الدنيا ضجيجا وصخبا إعلاميا فى موضوعات مثل الشيخ ميزو وموت الراقصة وهى تقوم بوصلة رقص فتعتبر شهيدة لأنها ماتت أثناء عملها لأن العمل عبادة ؟ أو أن الزوج إذا كان مسافرا وعاد من سفره فلا يصح أن يتجه إلى بيته مباشرة وعليه أن يتصل بزوجته أولا، لاحتمال أن تكون نائمة فى أحضان رجل غريب فيمنحها فرصة كافية لتهريبه. 3- أين رأى أعضاء مجمع البحوث الإسلامية الذى ربما يسمى الآن (هيئة كبار العلماء)؟ 4- أين الإعلاميون أصحاب الصوت العالى فى توافه الموضوعات الذين يستضيفون الراقصات لتعليم النّاس الدين؟؟ 5- قول جامعة الازهر فى بيانها سالف الذكر أنها( تحتفظ بحقها فى اتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة فى هذا الشأن) هو قول هزيل ،وكان الأجدر بها أن تعلن أنها بدأت فى إجراء تحقيقا شاملا حول هذا الموضوع تعلن نتائجه على الرأى العام،وأنه إذا صح ما نُشر فسوف يُقدّم الوفد ورئيسه للمحاكمة مع فصلهم من الجامعة. وختاما فإن الجامع الأزهرهو منارة العلم و العلماء في مصر ،وقد ظل مغلقاً لا تقام فيه صلاة الجمعة لمدة قرن من الزمان. وقد أنشأ جوهر الصقلي الجامع الأزهر لنشر المذهب الشيعي في مصر ، و كان يسمي في البداية المسجد الجامع و بدأ العمل في بنائه في أبريل سنة 970 م / جمادي الآخر 359 هجرية، و تم بنائه في يونية سنة 972 م / 361 هجرية. ثم عرفت القصور الفاطمية باسم القصور الزاهرة تيمناً بلقب السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلي الله عليه و سلم ، فأطلق عليه اسم الجامع الأزهر.. وبعد زوال الخلافة الفاطمية في مصر و التي استمرت قرابة 200 عام ، تولي القائد البطل صلاح الدين الأيوبي - محرر القدس و هازم الصليبيين – حكم مصر و آل علي نفسه إعادة مصر إلي المذهب السني ، فأغلق الجامع الأزهر عام 1171 م / 567 هجرية الذي كان منبر الدعوة للمذهب الشيعي في ذلك الوقت، و أنشأ مدارسا لتعليم المذاهب السنية الأربعة.. و هكذا ظل الجامع الأزهر مغلقاً مائة عام طوال فترة حكم الدولة الأيوبية،إلي أن أعاد فتحه السلطان الظاهر بيبرس- قاهر التتار وهازم الصليبيين- عام 1266م و لكن علي المذهب السني. يقودنا ذلك إلى سؤالين أخيرين: هل يوجد بيننا من يسعون لتحويل الأزهر إلى منبر للدعوة إلى المذهب الشيعي فى مصر ؟ هل هناك من يخططون لتحويل مصر من دولة سنّية إلى دولة شيعية ؟