أعلنت "الجماعة الإسلامية" عن تأسيس حزب سياسي باسم "البناء والتنمية"، معلنة بذلك انخراطها في العمل السياسي لأول مرة منذ إعلان ظهورها على الساحة في سبعينات القرن الماضي وما أعقبها من الدخول في مواجهات دموية استمرت لسنوات طويلة مع النظام السابق. وقال الدكتور عصام دربالة رئيس مجلس شورى الجماعة في كلمته بمناسبة الإعلان عن تأسيس الحزب، إن ثورة 25 يناير أزالت الحاجز الذي كان مفروضا علي التيار الإسلامي من ممارسة العمل السياسي وهذه التحولات التي حدثت والتي كان من مكاسبها إنهاء حالة الإقصاء المتعمد ضد التيار الإسلامي وأبعدته عن الساحة السياسية لسنوات طويلة وقد أنهت الثورة المباركة ذلك الأمر. وأضاف دربالة خلال الإعلان عن تدشين الحزب من مقر النادي النهري لنقابة المحامين، بحضور مجلس شوري الجماعة وعدد من أفراد الجماعة ورجال الصحافة والإعلام، إن من الحق التيار الإسلامي أن تكون له أحزاب سياسية وهذا حق أصيل له ليس علي سبيل التفضل من أحد فلا يجب أن يمنح الحق للشيوعيين والعلمانيين ويحرم منه الإسلاميين ويصادر حقهم في ذلك. لكنه شدد على تنحية العقيدة بعيدًا عن التجاذب السياسي، وقال إنه "إذا كان هذا حق للإسلاميين فان يجب عليهم أن يعلموا أن الحزب ليس ساحة لطرح المسائل العقائدية، وإنما هو ساحة لتبادل الأفكار وطرح الرؤى لإيجاد حل للمشكلات التي يعاني منها الوطن، كما عليهم أيضا أن يعلموا أن الحزب هو طرح بشري يحتمل الصواب والخطأ ويقبل النقد والتعديل والتطوير حتى يصل إلى الغاية المنشودة". ورفض دربالة ما يثيره البعض من المحسوبين على التيار الليبرالي والعلمانيين من مخاوف جراء انخراط الإسلاميين في العمل السياسي، وتساءل: لماذا الخوف من ممارسة التيار الإسلامي للعمل السياسي، بالرغم من وجود أمثلة عديدة في دول كثيرة تدعي أنها رأس الديمقراطية بها أحزاب دينية ولم تؤثر بالسلب على الحياة الديمقراطية ولم يمنعها أحد من ممارسة هذا الحق؟. وأكد أن الحزب السياسي للجماعة هو من حقها وتأكيدا على انتهاجها العمل السلمي الذي يترجم أفكارها ومبادئها ومعبرا عن الفهم الصحيح لرؤية الجماعة في كون الدين منهج شامل يمكن من خلاله إصلاح شأن الدنيا وترك الدين الوسيلة طبقا للواقع والظروف وهذه الوسيلة من الممكن أن تكون حزبا أو أي آليات أخرى تصبح وسيلة من وسائل الإصلاح والتغيير طالما كانت مشروعة. وعن علاقة الحزب بالجماعة قال: إن الحزب يعبر عن تيار الجماعة ورؤيتها ومرجعيتها وسوف تظل الجماعة مساندة للحزب حتى يتم له كافة الإجراءات وانتخاب قياداته ثم ينطلق الحزب بعد ذلك مغردا في سماء السياسة. وأكد دربالة أن الجماعة لن تشارك في الانتخابات الرئاسية القادمة، قائلاً إنها "اتخذت قرارًا بعدم المشاركة في انتخابات الرئاسة، وسوف تدعم من تراه مناسبا حتى وإن كان من خارج نطاق الإسلاميين". لكنه أعلن أنها ستشارك في الانتخابات التشريعية، مضيفًا إن "الجماعة سوف تبحث المناطق التي لها تواجد فيها وتطرح مرشحيها حسب القاعدة الشعبية له في المكان، واعتبار أن المرشح تابع للحزب سوف يوقف على الموافقة على الحزب من قبل اللجنة المختصة". وقال الدكتور طارق الزمر عضو مجلس شورى الجماعة، إن الجماعة والحزب يسعيان لإعداد قائمه نسبيه موحدة للإسلاميين في انتخابات البرلمان، مبديًا استعداد الحزب للتعاون مع الجميع لما يحقق مصلحة الوطن خلال الفترة المقبلة. وأضاف ردًا على تخوفات البعض من إقصاء الإسلاميين للفصائل الأخرى من الحياة السياسية، إن الضمان الأساسي لعدم إقصاء الإسلاميين لأي فصيل هو التجربة التي عانوا منها حين تم إقصائهم وإبعادهم ليس فقط عن الحياة السياسية، ولكن عن الحياة برمتها فلذلك هي جربت مرارة الإقصاء ولا تستطيع أن تمرر تجربتها تلك إلى الآخرين. في حين أكد الدكتور محمود طه، القيادي ب "الجماعة الإسلامية" أن الإسلاميين هم من يحتاجون إلى ضمان بعدم إقصائهم بعد دخولهم إلى الحياة السياسية بعد أن تم إقصائهم لعشرات السنوات من قبل الليبراليين والاشتراكيين والشيوعيين وغيرهم وقال إن السلاح الذي يرفعه الجميع في وجه الإسلاميين هو المرأة والمسيحيين بحجة أن الإسلاميين يقفوا في وجه المرأة ويمنعوا حقوق المسيحيين، وتساءل قائلا من خولهم للتحدث باسم المرأة؟. وعن موقف الحزب من قضية المرأة، قال عاصم عبد الماجد المتحدث باسم "الجماعة الإسلامية"، إن المرأة يسمح لها بأن تمارس العمل الاجتماعي والسياسي بكافة أشكاله مثل الرجل تماما بشرط ألا تخرج عن الشرع وألا تتولى رئاسة الجمهورية. وعلق على مسألة الحدود قائلاً إن من يريد أن يطبق الحدود لا بد أن تكون وفقا لشرع الله وأن تراعي الواقع وظروفه قبل التفكير في موضوع الحدود، وتساءل: لماذا يطرح الجميع موضوع الحدود مع أنه آخر أبواب الفقه ولا يسألون عن باقي الأبواب مثل المعاملات؟.