لم يكن يعلم محمد طارق، المعيد بكلية العلوم جامعة الإسكندرية، وهو أحد الشهود الذين استند إليهم تقرير "هيومن رايتس ووتش" الدولية الصادر مؤخرًا حول فض اعتصامي أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي في رابعة العدوية، بعد أن اعتقلته قوات الأمن بالإسكندرية على خلفية شهادته المشار إليها. استطاعت "المصريون" أن تتوصل لشهادة "طارق" قبل اعتقاله بأيام وتوصلت إلى حقيقة ضحية الشهادة لمنظمه حقوقية.. محمد طارق، ذلك الطالب المجتهد الذي عين معيدًا مؤقتًا في كلية العلوم قسم حيوان بالإسكندرية وحلم بالتثبيت الدائم في عهد الدكتور المعزول محمد مرسي، لكن كما يقولون في الأمثال "تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن"، فبعد مرور أكثر من عام أصبح طارق الذي أصيب خلال فض اعتصام "رابعة" عاطلاً وأمله في الحياة "كله راح" ولم تشفع إصابته عند رؤساء الجامعات وعمداء الكليات الإسكندرية الذين قاموا بفصله من عمله بعد أحداث 3 يوليو. بل ولم تكتف السلطات الحالية بعقاب "طارق" بإصابته إصابات بالغة بحيث أصبح غير قادر على الحراك بل اعتقلته مساء أمس الجمعة عقابا له على شهادته عن فض اعتصام رابعة العدوية لمنظمة " منظمة هيومن رايتس ووتش". روى محمد طارق المعيد بكلية علوم جامعة الإسكندرية، شهادته ل"المصريون" عن فض الاعتصام. وقال طارق: "فجر يوم 14 أغسطس 2013 صلينا الفجر ونام المعتصمون حوالي ساعة وفي حوالي 6 صباحا من هذا اليوم هاجمت قوات الجيش والشرطة مقر الاعتصام من كل مكان بكثافة غريبة وأخذت القوات في الفض بكل عنف وبمنتهى الوحشية"، بحسب قوله. وأضاف الشاهد الوحيد الذي استعانت به منظمة "هيومن رايتس ووتش الدولية" واعتقلته قوات الأمن مساء الجمعة قائلاً: "في البداية بدأوا بإطلاق الغاز، ولم يتركوا منافذ للخروج، بل حاصروا الميدان من مختلف النواحي من الشارع الجمهوري وشارع الطيران وباقي مداخل ومخارج ميدان رابعة، وأخذوا في بث خطاب مسجل يقول: "اخرجوا قبل الضرب"، وفي أثناء ذلك كانوا يفضون الاعتصام بمنتهى الوحشية". واسترجع طارق ما حدث خلال فض الاعتصام، قائلاً: "كان معايا "شاش" وكنت بأعالج من يصاب وفجأة جاءني رصاص حي متفجر، أصبت برصاصتين بالصدر والوجه وأخرى فى الذراع ما أدى إلى "انتفاخ" ببعض أجزاء الجسم". وتابع شهادته: "خرجت بأعجوبة ليل يوم الفض بعد أن قامت القوات بحرق الجثث". وعن حقوق الشهداء والمصابين بعد أحداث الفض، علق طارق المصاب بإصابات بالغة بكل مكان بجسده قائلا بتهكم، "في مصر "ولا الهوى" فماذا تنتظر من نظام يأمر ذوي المصابين والشهداء بتسجيلهم "منتحرين" حتى يخرجوا لهم تصاريح الدفن". واختتم قائلاً: "خارجيًا رفعنا قضايا دولية، ولكن بدون جدوى تبناها التحالف ولكن بدون استجابة أو صدى دولي".
وكانت قوات الأمن في الإسكندرية، قد اقتحمت منزل "محمد طارق" أحد شهود تقرير هيومن رايتس ووتش الدولية الصادر مؤخرا حول فض اعتصامي أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي في ميداني رابعة العدوية والنهضة واعتقلته مساء الجمعة في حي محرم بك، وسيتم عرضه على نيابة محرم بك اليوم السبت". كانت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، نشرت، مع الذكرى الأولى لفض الاعتصام، تقريرًا عما وصفته ب"القتل الجماعي في مصر خلال شهري يوليو، وأغسطس عام 2013"، قالت فيه إن "قوات الأمن المصرية نفذت واحدة من أكبر عمليات قتل المتظاهرين في العالم خلال يوم واحد في التاريخ الحديث"، وذلك في فضها اعتصام رابعة العدوية. واتهمت المنظمة السلطات المصرية بأنها لم تجر أي تحقيق في هذا الإطار، فيما اعتبرت الحكومة المصرية أن التقرير "مسيس ويهدف لإسقاط الدولة". وأدلى طارق بشهادته عن يوم فض اعتصام رابعة العدوية إلى هيومن رايتس ووتش في 2 فبراير الماضي، بحسب ما جاء في تقرير المنظمة الدولية عن فض الاعتصام. وجاءت شهادة طارق في التقرير على وجود "طلق ناري عشوائي" من جانب السلطات الأمنية بمصر. وبحسب نص التقرير في صفحتي 42، و43 "استيقظ محمد طارق، وهو أستاذ لعلم الحيوان من جامعة الإسكندرية، وطالب جامعي عمره 19 عاماً، استيقظ كلاهما من خيمته على الطرف الشمالي من شارع الطيران "بالقرب من مسجد رابعة العدوية" الساعة 6:45 صباحاً على أصوات النيران الحية والغاز المسيل للدموع".
وأضاف التقرير نقلا عن طارق "الكثيرون من حوله "محمد طارق" كانوا يختنقون بسببه "الغاز"، وفيما كان يساعد المحيطين به على التعامل مع الغاز، لاحظ طارق أنه أصيب بعدد من طلقات الخرطوش". وأوضح التقرير على لسان طارق أنه "بحلول الساعة 7:30 صباحًا كانت قوات الأمن تطلق النار عشوائياً في كل مكان، وفيما التفت طارق لمواجهة الميدان، أصابته 3 طلقات اخترقت جسمه، واحدة في ذراعه وواحدة دخلت من ظهره وخرجت من صدره، والثالثة أصابته في جنبه، فسقط طارق ونقل على الفور إلى مستشفى رابعة الميداني"، بحسب التقرير. وفي 14 أغسطس من العام الماضي فضت قوات من الجيش والشرطة بالقوة اعتصامين "رابعة العدوية" و"نهضة مصر" بالقاهرة الكبرى؛ ما أسفر عن سقوط 632 قتيلا منهم 8 شرطيين بحسب تقرير "المجلس القومي لحقوق الإنسان" الحكومي في الوقت الذي قالت منظمات حقوقية محلية ودولية "غير رسمية" إن أعداد القتلى حوالي الألف.