تعددت المشاهد على الأرض الليبية وتنوعت؛ ولكنها تظل مغروسة في نفوسنا بحسرة وألم على ما يجري في وطننا الجريح من قبل أبنائه المتخلفين الذين لا يدركون أنهم ينتحرون ويقتلون معهم وطن أعطاهم الحياة، فأعطوه الموت والدمار. إن صراع السلطة بين الإخوة الأعداء بجميع مسمياتهم السياسية والعسكرية والعرقية والمناطقية حوّل ليبيا إلى منطقة من أكثر المناطق خطورة في العالم، فكل الجاليات والبعثات تنسحب وتتركنا نعاني ظلم وضيم أبنائنا الذين بغوا علينا. جرح تفرع وحدثت له مضاعفات والتهابات وتشعبات ما أدى إلى إصابة الجسم كله وهدد نسيجه الاجتماعي تهديدًا مباشرًا. ولكن هل يعي هؤلاء الذين يتقاتلون جميعًا- بدون استثناء- هذه المشاهد الإنسانية التي تجعل من الليبيين والليبيات يمقتونهم بل يحقدون عليهم ويتمنون لهم الموت حتي علي يد الأجانب؟! المشهد الأول: أسرنا الليبية في سيدي السايح وقصر بن غشير في بوعطني والليثي، في الجبيلة والمنار، وفي الكثير من مناطقنا ومدننا وقرانا، عائلاتنا وهي تخرج للشارع مع أطفالها وشيوخها ونسائها لا يعرفون أين يتجهون، ويتشردون بعد منتصف الليل من الرعب والخوف ليكونوا فريسة لشتى أنواع الإيذاء والجرائم، هل يدرك هؤلاء المتقاتلون هذا المشهد؟ المشهد الثاني: أطفالنا، صغارنا، جيل ليبيا المستقبل، حلمنا في أن يعيشوا غدًا مشرقا كله سعادة ورخاء وهناء، تراهم الآن مرعوبين من أصوات قنابلكم ومناظر الدم والدمار الذي خلفتموه، بعد أن قتلتم البراءة فيهم وهم يرون أشلاء أقرب الناس إليهم متناثرة، وبيوتهم مهدمة وألعابهم مبعثرة بين شظايا قنابلكم وركام غرفهم التي كانوا ينعمون فيها، ويحلمون في غد مشرق، فهل يدرك هؤلاء المتقاتلون هذا المشهد؟! المشهد الثالث: مرضانا من ذوي الأمراض المزمنة والمستديمة الذين يحتاجون إلى أدوية بصورة مستمرة ودائمة ورعاية صحية، حتى وإن كانت متواضعة في بلدنا، ولكنها تقدم الحد الأدنى على الأقل، هؤلاء تزداد مضاعفات أمراضهم وهم مهددون بالموت البطيء، خاصة كبار السن منهم، كل ذلك نتيجة غروركم وحربكم التي أخذت كل شيء، فهم بلا دواء ولا رعاية، هل يدرك هؤلاء حقًّا هذا المشهد؟! المشهد الرابع: نساؤنا الحوامل حرائر ليبيا الفضليات، وهن يحملن في أحشائهن آمال ليبيا المستقبل، أجنة ينتظرون الخروج إلى حياة آمنة رغدة في ليبيا الغالية، وهن بما تسببونه لهن أيها الجهلة من هلع أو خوف ستزداد نسبة الأطفال المشوهين والمتخلفين إذا تمت الولادة ولم يتم إجهاض الأمهات، فهل تدركون هذا المشهد؟ حقا إنها مأساة وجريمة لن يغفرها الليبيون لكم، ولن ينساها أطفالنا، وسنتذكرها ونتذكركم مصحوبين بلعناتنا ولعنة التاريخ لكم جميعًا. ليس أمامنا اليوم إلا أن نقف ضدكم جميعا، يا من تهدمون بيوتنا وتسرقون ممتلكاتنا وتنهبون منا شعور الانتماء لهذا الوطن الحبيب، وسياتي اليوم الذي نحاسب فيه من سرق ومن قتل ومن اغتصب من ناس سبتمبر أو ناس فبراير، سيحاكمكم أهل ليبيا الوطنيون الذين لا يسعون إلى سلطة ولا مال مثلكم، بل يسعون إلى رضى الله، يحبونه بحق ويؤمنون به بحق وليس مثل إيمانكم، نعم سنحاكمكم وإن لم نتمكن من ذلك في الدنيا فسنشاهدكم أمام العزيز المقتدر العدل الحق ليقتص لنا منكم، وحسبي الله ونعم الوكيل.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.