محافظ الغربية يشهد احتفالية رأس السنة الهجرية بالمسجد الأحمدي بطنطا.. صور    توقيع مذكرة تفاهم بين الهيئة العامة للرعاية الصحية واتحاد شركات التأمين المصرية    الحكومة عن قانون الإيجار القديم: الطرد ليس حتميا بعد انتهاء المدة الانتقالية    ترامب يهدد بمضاعفة الرسوم الجمركية على إسبانيا لرفضها زيادة انفاقها الدفاعي    حرب إيران.. 3345 إسرائيليا أصيبوا وأكثر من 41 ألف طلب تعويض    ترامب يهاجم أول من نشر التقييم الاستخباراتي بشأن إيران.. ويطالب بطردها    مجلس النواب يرفض بأغلبية كاسحة مقترح عزل ترامب بسبب ضرباته لإيران    استمرار غياب مبابي عن قائمة ريال مدريد لمباراة سالزبورج في مونديال الأندية    طارق يحيى: الزمالك تأخر في حسم المدرب الجديد.. وأطالب بتجديد عقد عبدالمجيد فورا    طاهر أبوزيد: الأهلي عانى دفاعيًا في كأس العالم للأندية.. وشوبير يستحق فرصة    مصرع شخصين وإصابة 8 آخرين في حادث انقلاب ميكروباص بطريق مصر أسيوط الغربي    عمرو دياب يطرح البرومو التشويقي لألبومه الجديد «ابتدينا».. ويتصدر تريند إكس    السعودية تستبدل كسوة الكعبة المشرفة مع حلول العام الهجري الجديد    الجمعة.. مدحت صالح وعمرو سليم على المسرح الكبير بالأوبرا    تغيير الاستراتيجيات وتطوير الجيش المصرى    لجنة التعاقدات في غزل المحلة تواصل عملها لضم أفضل العناصر المرشحة من عبد العال    فوز رجال الطائرة الشاطئية على النيجر في بطولة أفريقيا    التشكيل الرسمي لمواجهة صن داونز وفلومينينسي في كأس العالم للأندية    مصطفى فتحي راتب…. وجه جديد فى قيادة الجبهة الوطنية بالمنيا.    تسليم مساعدات مالية وعينية ل 70 حالة من الأسر الأولى بالرعاية في المنوفية    «التعليم العالي»: 21 طالبًا مصريًا في برنامج التدريب البحثي الصيفي بجامعة لويفيل الأمريكية    مينا مسعود يخطف الأنظار ب "في عز الضهر".. والإيرادات تقترب من 3 ملايين في أسبوعه الأول    هل شريكتك منهن؟.. نساء هذه الأبراج مسيطرة وقوية    أستاذ علاقات دولية: إيران وإسرائيل وأمريكا يرون وقف إطلاق النار انتصارا    ما حكم الزواج العرفي؟ أمين الفتوى يجيب    هيئة الشراء الموحد توقع اتفاقية مع شركات فرنسية لإنشاء مصنع لتحديد فصائل الدم    علاج 686 شخصًا مجانًا في قنا.. وحملة توعية لتحذير المواطنين من خطورة الإدمان    رئيس الوزراء: مصر نجحت في إنتاج وتصنيع أجهزة السونار محليًا لأول مرة    محافظ بورسعيد: هذه إنجازات الدولة المصرية على أرض المحافظة خلال عام    صلاة البراكليسي من أجل شفاء المرضى وتعزية المحزونين    مصرع طفل غرقا في بحر يوسف ببني سويف    أيمن سليم: "عبلة كامل حالة استثنائية وهتفضل في القلب"    محافظ الغربية يتابع سير العمل بمشروع الصرف الصحي في عزبة الناموس بسمنود    أجمل عبارات ورسائل التهاني بمناسبة رأس السنة الهجرية الجديدة 1447ه    بعد قليل.. الإفتاء تعلن موعد أول أيام العام الهجري 1447    الإفتاء تكشف عن حكم التهنئة بقدوم العام الهجري    الصين: مستعدون للعمل مع "بريكس" لإحلال السلام في الشرق الأوسط ودعم الأمن الإقليمي    الاتحاد العربي للفنادق والسياحة يُكلف محمد العجلان سفيرًا للاتحاد.. ويُشكل الهيئة العليا للمكتب بالسعودية    مصدر من اتحاد الكرة ل في الجول: إقامة كأس مصر خلال تحضيرات المنتخب لكأس الأمم    شرب الماء أثناء الأكل يزيد الوزن- هل هذا صحيح؟    الحرية المصرى: 30 يونيو استردت هوية الدولة المصرية.. والاصطفاف الوطني "ضرورة"    الرقابة الإدارية تنفى صدور أى تكليفات لها بضبط عضو نيابة عامة أو ضباط    عاطل يقتل شقيقه السائق بعيار ناري خلال مشاجرة بسبب خلافات بشبرا الخيمة    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 1447    الرقابة الإدارية توكد عدم صحة ما تداول بشأن ضبط أحد أعضاء الهيئات القضائية    زد يضع الرتوش النهائية على صفقة ضم خالد عبد الفتاح من الأهلي    «النداهة».. عرض مسرحي في «ثقافة القصر» بالوادي الجديد    «يومين في يوليو».. «المحامين» تعلن موعد الإضراب العام اعتراضًا على الرسوم القضائية    «العربية لحقوق الإنسان»: مراكز المساعدات لمؤسسة غزةتشكل انتهاكاً خطيراً لمبادئ القانون الإنساني    من البحر إلى الموقد.. كيف تؤمن سفن التغويز احتياجات مصر من الغاز؟    قرار جمهوري بتعيين سلافة جويلي مديرا للأكاديمية الوطنية للتدريب    تطور قضائي بشأن السيدة المتسببة في حادث دهس "النرجس"    محافظ الجيزة يتابع ميدانياً جهود إطفاء حريق بمخزن دهانات بمنطقة البراجيل بأوسيم    المشاط تبحث مع المنتدى الاقتصادي العالمي تفعيل خطاب نوايا «محفز النمو الاقتصادي والتنمية»    خالد عبد الغفار يوجه بضرورة تطوير التقنيات الحديثة في مجال الصحة الرقمية    مسؤول إسرائيلي: التقارير التي تتحدث عن عدم تعرض المنشآت النووية الإيرانية لأضرار كبيرة "لا أساس لها من الصحة"    مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة.. مواجهات نارية في كأس العالم للأندية    رسميًا درجات تنسيق الثانوية العامة 2025 في بورسعيد.. سجل الآن (رابط مباشر)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسار الإصلاحات في الجزائر.. إلى أين؟
نشر في المصريون يوم 13 - 06 - 2011

أشرفت اللقاءات مع التيارات السياسية ومكونات المجتمع المدني والهيئة، التي أنشأها الرئيس بوتفليقة للحوار الوطني والاتفاق حول أجندة سياسية جديدة، على نهايتها.
غيْر أن النتائج، وحسب غالبية المتتبعين، لم تصل إلى النتيجة المرجوة. فما هو السبب؟
فقد شهدت swissinfo.ch محاولة شابَّين اثنين حرق نفسيْهما أمام بلدية من بلديات شرق العاصمة، لأن اسمهما لم يكن في قائمة المستفيدين من المساكن الاجتماعية، وقد كان لمحاولة حرق الشابين نفسيهما، وقْع الصاعقة على رئيسة البلدية، التي تنتمي إلى التجمع الوطني الديمقراطي، خاصة وأن حوارا ساخنا دار بينها وبين الشابين أمام أعيُن مصالح الأمن.
وفي الوقت نفسه، سارعت رئيسة البلدية بالقول عندما شاهدت بعينيها سيلان الوقود على جسم الرجليْن: "لا تفعلا هذا وسنحاول إسكانكما في أقرب وقت. لقد أكد لي رئيس الوزراء أحمد أويحيى أن رئيس الجمهورية قد أعطانا الضوء الأخضر لمساعدة الشباب الرّاغب في الحصول على بيت".
فردَّ أحد الشابيْن، ورائحة الوقود تفوح من ثِيابه: "أنا لا أصدِّقك ولا أصدق أويحيى ولا بوتفليقة، وأنا الآن نادم على محاولة حرْق نفسي، لأني كُنت أفضل أن أغرز في جسمك سيْفا يُنهي حياتك أمام أعيُن الناس".
وبعد سماع هذا التهديد، اختفت رئيسة البلدية ولم تعتقل مصالح الأمن الشابيْن، لا على محاولة الانتحار ولا على كلمات التهديد، بل ولا على حتى شتم رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة. لقد انفضَّ الجمْع، كأن الأمر يتعلَّق بحوار طرشان.
وسألت swissssinfo.ch أحد الرجليْن وهو عاطل لا عمل له ويعيش مع أسْرة مكوَّنة من ثلاثة عشر فردا: "هل سمعت بالحوار الذي أمَر به بوتفليقة مع مختلف التيارات السياسية؟"، فردّ الشاب، ورائحة الوقود تنبعث بشدة من ثيابه: "إنهم يتحاورون فيما بينهم ويقتسِمون مساكن الناس فيما بينهم ويعطون العمل لمَن هو معهم في كِذبهم ونفاقهم، وأعِدك أني سأقتل رئيسة البلدية، إن لم تعطني بيتا أسكن فيه، لقد وعدوني بتسجيل وثائقي ولن أهدأ إلا وأنا في بيتي الجديد".
رفض وصمت وتحذير
الغريب، أن موقف هذا الرجل الغاضب الذي حاول الانتحار، هو نفس موقف أربعة رؤساء حكومة سابقين رفضوا الحوار بشكل مُطلَق مع ممثل بوتفليقة واعتبروه مَضيَعة للوقت، بل وأخبروا عبد القادر بن صالح، المشرف على الحوار مع التيارات السياسية كتابيا، وإن لم يضعوا بنزينا أو وقودا على الرسالة التي بعثوا بها إليه.
ويتعلق الأمر برؤساء الحكومة السابقين وهم مولود حمروش وعلي بن فليس وأحمد بيتور ومقداد سيفي. أما المثير في رفض هؤلاء الحوار مع هيئة الرئيس، فهو أنهم كلهم أبناء النظام المخلِصين. فمولود حمروش ضابط سابق في الجيش وعلي بن فليس كان مستشارا خاصا للرئيس بوتفليقة وكان معه عندما ضغطت المؤسسة العسكرية على سبعة مرشَّحين فانسحبوا من السِّباق أمام بوتفليقة عام 1999.
ثم نجد أحمد بن بيتور، وهو ابن المؤسسة البيروقراطية والآليات الإدارية للدولة، وأخيرا مقداد سيفي، الذي قبل رئاسة الحكومة عاميْ 94 و95 عندما كانت الحرب قائمة بين الدولة وأصوليين أكثرهم متشدد وقليل منهم يعرف ما يفعل.
ولم تتوقَّف قائمة الرافضين للحوار عند أبناء النظام والحكومة، بل شمِلت عبد الله جاب الله، زعيم حركة الإصلاح، ثم مصطفى بوشاشي، رئيس التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية وتيارات سياسية أخرى، مثل جبهة القِوى الاشتراكية، التي يتزعَّمها حسين آيت أحمد والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، الذي يقوده الدكتور سعيد سعدي، بالإضافة إلى تيارات سياسية صغيرة أخرى رفضت دعوة الرئيس وفضَّلت الصَّمت أو التحذير.
كما شمل التمَلْمُل تيارات أخرى شاركت في الحوار، مثل حزب العمال، الذي تتزعمه لويزة حنون، حيث وصفت المدعُوين للقاء ممثل رئيس الجمهورية، ب "الجُثث السياسية" وأكَّدت أن هؤلاء لا يُمكنهم الخروج بشيء يفيد الجزائريين، مضيفة أن الوقت يضيق أمام أصحاب القرار لإيجاد الحلول المناسبة، كي لا يخرج الجزائريون إلى الشارع، كما فعل التونسيون والمصريون والليبيون واليمنيون والسوريون.
رغبة الدولة في الإنفتاح الديمقراطي والإعلامي.. ولكن
وحيال هذا الوضع، ورغم قَبول أحزاب الائتلاف الحاكم وأحزابا أخرى صغيرة الحجم، المشاركة في الحوار، يرى غالبية المراقبين أن الدولة وأصحاب القرار بشكل عام، ينفِّذون برنامجهم، ليس بمعزل عن مطالب الشعب، ولكن دون الإهتمام بصرخاته. فالمُهم حسب هؤلاء، هو إيقاف سبب الألم، أي المرض المُستعصي الذي تعيشه الجزائر، مجتمعها ومؤسساتها.
وحسب هذه النظرة، فإن الدولة تريد انفتاحا ديمقراطيا وإعلاميا لا ينسف وجودها من الأساس، وفي نفس الوقت، لا يجعل الجزائر جزيرة ضِمن الإطار العربي الذي يشهد تغيُّرات تاريخية. وبالتوازي مع تحقيق حرية نسبية، أمر بوتفليقة بتفعيل برنامج اقتصادي هائل يعتمد على أكثر من مائة وثمانين مليار دولار، لتحقيق نهضة اقتصادية تُبَرِّد غضب الشباب.
وفي سابقة لم تعرفها الجزائر من قبل، أمر الرئيس وزارة المالية بالصرف السَّخي على المشاريع الخاصة والعامة وأمر وزارة التجارة بأن لا تعقِّد الإجراءات الإدارية، أما مصالح الضرائب، فقد أمرها برفع يدها الشديدة على المُستثمرين وبشطب دُيون الغالبية العظمى منهم. وأخيرا، أمر كتَّاب القوانين والإدارة بشكل عام، بقبول مشاريع الإستثمار والإنتاج، دون أي تأخير، بل ومنح الأراضي الإستثمارية إلى أصحابها في أسرع وقت ممكن.
زلاّت لسان وتناقضات!
في مقابل كل ما سبق، قد توحي بعض زَلاَّت لِسان عدد من كبار المسؤولين، بأن الأمر لا يسير كما يجب وأن الدولة على عِلم تام بِما يريده الناس من جهة، وبالحدود التي لا ينبغي للناس أن يحلموا بها كثيرا، ومن بينها مسألة فتح المجال الإعلامي، وخاصة السمعي البصري أمام القطاع الخاص.
ففيما يُعتقد أنها زلَّة لسان، قال رئيس الحكومة أحمد أويحيى، في اجتماع مع ممثلي حزبه التجمُّع الوطني الديمقراطي: "أعتقد أنه قد حان الأوان لفتح المجال السَّمعي والبصري أمام القطاع الخاص"، ثم ناقض أويحيى نفسه عندما قال في ندوة صحفية بصفته رئيسا للوزراء: "لا أعتقد أنه قد حان الوقت لفتح المجال السَّمعي البصري أمام القطاع الخاص".
دفع هذا التناقض ببعض الصحفيين الجزائريين إلى التعليق عليه قائلين: "لقد قال أحمد شيئا فيما أكَّد أويحيى شيئا آخر، على النقيض منه بشكل تام"، فيما اعتبر هذا التناقض الذي أبان عنه أويحيى، مؤشرا عن التناقض القائم داخل أجهِزة النظام نفسه، حيث يوازي الخوف من القطاع الخاص في مجال الإعلام، الخشية من نتائج منعه عن العمل على المدى القريب والمتوسط.
"مطالب تجاوزها الزمن.."
ما استخلصه عبد القادر بن صالح من استشاراته وحواره مع مَن قبل الحوار معه، فهو ضرورة تعديل الدستور قبل إجراء أي انتخابات برلمانية أو رئاسية، بالإضافة إلى تحديد مُدد الفترات الرئاسية باثنتين لا غير، وأخيرا، تفعيل دوْر البرلمان ومنح صلاحيات أكبر لرئيس الحكومة.
أما على الصعيد الشعبي، فهو تفعيل عمل الجمعيات ومساعدتها وقبول اعتماد أحزاب سياسية جديدة. وقد علَّق الصحفي عبد الحميد غمراسة على النتائج المعلنة للحوار قائلا: "إنه الجرْي في الوقت بَدل الضائع، هذه كلها مطالب تجاوَزَها الزمن وأخشى أن لا تكون مفيدة".
وعلمت swissinfo.ch من مصادر حكومية، أن هناك شعورا عاما داخل أجهِزة الدولة يوحي بالإطمئنان، لأن الجزائر لن تشهد - من وجهة نظر هذه الأجهزة - أي ثورة على شاكلة الثورات العربية الأخرى، بسبب الإنقسام الإجتماعي والاختلاف الحِزبي الشديد. فسياسية فرق تسد تُمكّن الدولة - حسب هذا التصور - من الإستمرار بأقل الخسائر الممكنة.
"التغيير الجذري لعمل النظام.. هام جدا"
وقبل كتابة هذه السطور، علمت swissinfo.ch بأن رئيسا حكومة سابقيْن ممَّن امتنعوا عن المشاركة في الحوار الرئاسي، صرَّحا لبعض وسائل الإعلام الجزائرية في حوارات خاصة غيْر قابلة للنشر، أن هدفهم هو توجيه رسائل إلى أصحاب القرار الحقيقيين، أي بمن جاؤوا ببوتفليقة إلى رئاسة الجمهورية وبتعبير أوضح: "المؤسسة العسكرية."
وهذه الرسالة مفادها، أن "الرتوش (الترقيعات) السياسية، غيْر مقبولة إطلاقا في الوقت الحالي، وبأن الإسراع في تغيير جِذري لطريقة عمل النظام هامة جدا في الوقت الحالي، لأنها الطريقة الوحيدة لمنع انهياره بالكامل".
كما علمت swissinfo.ch أن أصحاب القرار الحقيقيين قد استلموا الرسالة بشكل جيِّد، ويبدو أن بعض آثارها سيُعرف في بعض قرارات الرئيس بوتفليقة أو ما سيحدث له خلال الأسابيع الأربعة المقبلة، أي بعد انتهاء اختبارات الشهادة الثانوية وقبل حلول شهر رمضان في بداية أغسطس 2011.
المصدر: سويس انفو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.