يعود الفضل في دراستي لشخصية المناضل الثوري رئيس بولندا الأسبق «الكهربائي» الحاصل على «نوبل» ليخ فاليسا (LECH WALESA) وتاريخه النضالي والثوري إلى أستاذي الكاتب الصحافي عاطف الغمري الذي كان يدرّس لنا مادة الترجمة الصحافية بكلية الإعلام جامعة القاهرة اوائل الثمانينيات، وهي الفترة نفسها التي قاد فيها فاليسا نقابة «تضامن» للتحرر من «الاحتلال» السوفياتي، وكان اغلب الموضوعات المطلوب ترجمتها تتحدث عن هذا الرجل وتجربته الثرية، وتحول كفاح فاليسا الى موضوع شيق وجذاب، جعله يتساوى لدي في المنزلة مع «تشي جيفارا»، الذي كنا نعشق تجربته المميزة في تحرير دول أمريكا اللاتينية من الاستعمار، ونضع صوره على حوائط غرفنا، في تلك الايام البعيدة قبل قرابة 30 عاما. .. ومنذ أيام اتيحت لي فرصة لقاء «الكهربائي الثائر» والرئيس البولندي الاسبق والحائز على جائزة نوبل للسلام عام 1983، ليخ فاليسا اثناء زيارته للكويت ومشاركته في فعاليات المؤتمر الدولي الاول لحوار الحضارات، الذي نظمه مركز الشيخ فهد سالم العلي ولم يتعد اللقاء دقائق معدودة، نالت السنون من جسد العملاق البولندي، وكانت صورته الذهنية عندي مازالت ذلك العامل المفتول العضلات ذا الشارب الاسود الشهير الكثيف المنسدل على جانبي فمه،.. ونسيت ان ذلك كان منذ ثلاثين عاما، ورغم انه مازال محتفظا بملامحه الا ان شاربه وشعره و حاجبيه تحولت الى اللون الابيض الناصع، ما اضفى عليه هيبة الحكماء، بعد ان كان رمزا للتحدي الثوري. في الحوار السريع الذي دار بيننا، اعرب عن تقديره الكبير للثورة المصرية، وقال انه تعلم الكثير من القيم التي تمسك بها المصريون اثناء وجودهم في ميدان التحرير، ودعا الى التمسك بهذه القيم وعلى رأسها التماسك الاجتماعي والتعاضد والوحدة بين المسلمين والمسيحيين مؤكدا ان تلك هي مفاتيح نجاح الثورة المصرية، التي حققت انجازات كثيرة حتى الآن على طريق الوصول الى الديموقراطية، لكن ذلك لا يعني ابدا ان المصريين حققوا كل اهدافهم. وعندما سألته عن المخاطر التي يجب ان ننتبه اليها من واقع خبرته مع الثورة البولندية التي قادها حتى خرج الروس من بلاده، ووصل الى الفوز بانتخابات الرئاسة البولندية عام 1990، قال انه لا ينسى ان النظام اعتقله وحل منظمة التضامن في ديسمبر 1981، واطلق سراحه في العام التالي، ودخل في كفاح حتى أجبرت الحكومة على اعادة المنظمة عام 1989 ثم فاز بالرئاسة عام 1990، قبل ان يخسر المقعد امام منافسه «الشيوعي» في انتخابات نوفمبر 1995، وفي ذلك الكثير من العبر التي يمكن الانتباه اليها. وعندما نبهته الى انني لم اتلق ردا شافيا على سؤالي؛ صمت قليلا.. ثم قال انتهبوا لجهازين: «الشرطة» و«الاعلام»، فهما سيصنعان علامات فارقة في تاريخ الثورة المصرية، وانتباه الثوار لتوجهات وادارة هذين الجهازين أمر شديد الاهمية. وقبل ان افارقه اكد انه معجب جدا بالقيم الاخلاقية والروحية التي يتمتع بها العرب والمسلمون، وانه يدعو العالم كله للوقوف الى جانب الثورة المصرية واحترام خصوصيتها،.. وهمس: رغم انك صحافي، الا انني أوكد لك ان الثورة البولندية، وأنا شخصيا عانينا كثيرا من «الاعلام الفاسد» والضغوط التي يسببها.. فاحذروه!. حسام فتحي [email protected] twitter@hossamfathy66 رَأَيْتُ الِعلْمَ صاحِبُهُ كَريمٌ وَلَيْسَ يَزَالُ يَرْفَعُه إلى أنْ وَيَتَّبِعُونَهُ في كُلِّ حَالٍ فَلولَا الِعْلمُ ماَ سَعِدَتْ رِجَالٌ ولَوُ وَلَدَتْهُ آبَاءٌ لِئَامُ يُعَظِّمَ أمرَهُ القَومُ الكِرامُ كَراعِي الضَأْنِ تَتْبَعُهُ السَّوَامُ وَلاَ عُرِفَ الحَلَالُ وَلَا الحَرَامُ فضل العالم – الإمام الشافعي