تكبيرات العيد.. والصلاة.. رائحة الكعك والحلوى فى يد الصغار.. أصوات الألعاب النارية وسط الأقدام.. ملابس جديدة بألوان زاهية، كلها أشياء يحرم منها الآلاف، حيث أغلقت الأبواب عليهم ليقضوا عيدهم بعيدين عن أحبابهم وأسرهم لا لشيء سوى أنهم أرادوا العيش بحرية. "عيدنا معتقل" هى حملة جديدة دشنها عدد من النشطاء للتضامن مع المعتقلين والتذكير بقضاياهم، قائلين: "أصل العيد إيه غير قرايب وأصحاب معاك وبيضحكوا فلما النظام المستبد يعتقلهم، يبقى اعتقل العيد بتاعنا، عيدنا معتقل". وأكد مصطفى الحجرى، المتحدث السابق باسم حركة شباب 6 إبريل الجبهة الديمقراطية، أنه تغمرهم أحاسيس القهر والعجز والحسرة، وذلك بسبب وجود أصدقائهم ورفقائهم فى العمل الثورى داخل السجون فى الوقت الذى لا يملكون أن يفعلوا شيئًا لهم، مشيرًا إلى أن الإجراءات القانونية لن تجدى معهم بشكل كبير خاصة فى حالة إسماعيل الموجى، الحكوم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات، وبالتالى فلن يتم النظر فى طعنه إلا بعد مرور عامين. وما بين الانكسار والضحك يتذكر الحجرى ما اعتاد أن يفعله مع أصدقائه الموجى وعربى وغيرهم ليلة وقفة العيد وصلاتهم الجماعية وسفرهم سويًا، مضيفًا: "اليوم هم محبوسون ومحرومون من أن يجلسوا فقط فى منازلهم وسط أسرهم"، مشيرًا إلى أن صلاة العيد التى أقاموها عقب قيام ثورة 25 يناير بميدان التحرير، وفعاليات التذكير بالمعتقلين التى انضم إليهم معظم من كان ينظمها ويحييها. عمر حاذق.. الشاعر الذى تبكيه الأطفال أما عمر حاذق، الشاعر الذى حكم عليه بأن يبقى داخل زنزانته لمدة عامين فقط لأنه حاول أن يذكر الناس بقضية خالد سعيد الشهيد الذى بموته فجر ثورة 25 يناير، أكدت شقيقته زهرة عبد العزيز أنهم كما لم يشعروا بحلاوة شهر رمضان فإنهم بدلًا من الاحتفال والبهجة بقدوم العيد فهم غارقون فى حزن لافتقادهم له، مشيرة إلى حالة التخبط التى يعيشونها بسبب عدم تحديد مواعيد الزيارات خلال العيد حتى الآن، مضيفة أنها ستحاول أن تقدم له خلال الزيارة بعض الأكلات التى يحبها فى محاولة منها لتخفيف آلامه. وتروى زهرة كيف تعيش والدتها فى حزن دائم على فراق ابنها حيث تبكيه دومًا، مضيفة: "كان نفسى يبقى معانا فى العيد، أنا عندى أمل أنه يخرج رغم إن ده كلام مش منطقى بس أنا رافضة اقتنع أنه خلاص مش هيبقى معانا". وأشارت شقيقة الشاعر الشاب، إلى ما وصلت إليه حالة أطفال العائلة من حالة نفسية سيئة وخوف دائم منذ أن علموا بسجن عمهم، للدرجة التى أجبرتهم على أن يخبروهم كذبًا أنه تم الإفراج عنه وسافر خارج البلاد، وذلك بعد أن ظلوا يطاردونهم بالأسئلة حول أسباب سجنه، قائلين: "ليه أخدوا عمو عمر ده طيب ومش شرير"، مضيفة أنهم فقدوا الشعور بالأمان، حيث أصبحوا يتوقعون أن يتم إلقاء القبض على آبائهم أيضًا فى أى وقت. العيد الحزين هكذا هو حال أهالى المعتقلين وسط حالة من البكاء الشديد سردت والدة آلاء السيد، التى قضت محكمة جنح مدينة نصر بحبسها لمدة 5 سنوات وغرامة قدرها 100 ألف جنيه، كيف كانت تعتبرها رجل البيت، فهى كل شيء لأهلها الابنة والأم التى ترعى أبيها المريض. وروت والدة آلاء عما اعتادت ابنتها أن تفعله فى مثل تلك الأيام، حيث اعتادت فى العشر الأواخر من رمضان ختم القرآن الكريم 6 مرات، مضيفة باكية: "وكنا بنجيب لبس العيد، وهى اللى كانت بتحسسنى بطعم الحياة وطعم العيد"، مؤكدة أنها لن تخرج هذا العيد من منزلها لعدم وجود آلاء معها، مشيرة إلى عدم السماح لهم بزيارتها فى العيد. وأكدت والدة آلاء أنها ستجلب لها الكعك والبسكويت وكل ما يبهجها لتشعر وكأنها احتفلت بالعيد، مضيفة أنها كانت تتمنى أن تعطيها ملابس جديدة كعادة كل عيد ولكن ذلك ممنوع. وتمتمت الأم بكلمات ينخلع لها قلبها حسرة على بعد ابنتها عن أحضانها قائلة: "ابنتى كانت فريدة من نوعها فهى تحب صلة الرحم جدًا و خاصة مع ذوى القربى البعيدة مدللة على ذلك بأنهم هم من يشعرون بالفعل بغياب أسماء، كما أنها اعتادت تزيين المنزل بالبلالين وتحضر الكعك على ذوقها الخاص، كما كانت تحدث ضجة وبهجة كبيرة فى يوم العيد من أجل العيدية"، مؤكدة عدم رغبتها فى مغادرة المنزل هذا العيد حزناً على غياب ابنتها. وهو ما عزمت والدة أسماء حمدى، طالبة كلية الأسنان بجامعة الأزهر والمحكوم عليها بالسجن لمدة 5 سنوات بتهمة إثارة الشغب والعنف، حيث أكدت أنها زارت ابنتها وأحضرت لها جميع مبهجات العيد من كعك وحلوى، مضيفة "كان نفسى أعيد معاها".