علاقات إسرائيل قوية صلبة متينة "خراسانية" مع مصر في ظل حكم السيسي السفير الإثيوبي: ماضون فى بناء السد ولا تراجع خطوة واحدة إلى الوراء
دافع البروفيسور هجّاي إيرلش، أستاذ ورئيس قسم تاريخ الشرق الأوسط بجامعة تل أبيب عن مشروع سد النهضة الذي تشيده إثيوبيا على مجرى النيل الأزرق (الرافد الرئيسي لنهر النيل، والذي يمده بنحو 80% من المياه)، وتخشى مصر من تأثر حصتها من مياه النيل، البالغة 55.5 مليار متر مكعب. وقال إيرلش، إن "المصريين حتى الآن يزعمون أنهم أصحاب النيل ومالكوه، ولن يرفعوا أيدهم عنه أبدا، أما باقي الدول فينبغي أن تحصل على إذن أو تصريح من مصر للتعامل مع النهر؛ حتى إثيوبيا التي تنتج 86% ليس من حقها التعامل مع مياه النيل قبل تأذن لها مصر، مؤكداً أن بناء أثيوبيا لسد النهضة أصبح حقيقة واقعة، وينبغي أن نتعامل مع هذا الأمر الواقع". وأضاف خلال الندوة التي عقدها معهد الدراسات السامية والعربية بجامعة برلين الحرة بألمانيا، تحت عنوان "إثيوبيا ومصر والنيل: من أسوان إلى سد النهضة"، أن "86% من المياه التي تصل إلى مصر تنبع من إثيوبيا، أما النهر الأبيض الذي يمر في السودان فيزود مصر ب 14% فقط من المياه"، مستدركًا بقوله: "إنهم يقولون إن "مصر هبة النيل"، لكنني أقول إن مصر كذلك هبة إثيوبيا". أما عن موقف المصريين من السد من الناحية السياسية، فقال البروفيسور الإسرائيلي، إن "المصريين يخشونه ويأخذهم قلق عظيم بسببه؛ فهذه هي المرة الأولى في التاريخ التي يفقد فيها المصريون سيطرتهم على نهر النيل. فالنيل لن يكون نهر مصر بعد اليوم، وإنما سيكون النهر الأكبر في إفريقيا يشارك فيه السودان، وكينيا، وبروندي، وتنزانيا، الكونغو وغيرها من البلدان". وأشار إلى أن الإثيوبيين شرعوا في التخطيط لبناء سد النهضة منذ عام 2011، لافتًا: "لو أننا نظرنا إلى هذا السد بشيء من الموضوعية فسنرى أنه "السد الصحيح في المكان الصحيح". من جهة أخرى، وفيما يتعلق بحكم جماعة "الإخوان المسلمين" لمصر وأزمة السد، قال إيرلش: "إن قطاع الإسلاميين، وهو قطاع قوي وله تأثير كبير في المجتمع المصري، فقد وصل الإخوان إلى الحكم بالانتخابات، وقد كان مرسي لطيفا في حديثه عن إثيوبيا، وقد زار إثيوبيا، لكن الجلسة الذي أذيعت على الهواء مباشرة كان فيها هجوم إسلامي كبير على إثيوبيا، ودعوة إلى إعلان الحرب عليها، وهذا هو غالبا موقف الإسلاميين". وفيما يتعلق بالوضع الراهن على الساحة المصرية قال:" إن مصر هي حجر الزاوية في الوطن العربي كله، وأظن أنها لم تمر بأزمة حقيقة منذ عهد النبي محمد كتلك التي تمر بها الآن، إن عودة الإسلام للظهور بقوة، وعودة تركيا وإيران، وما يجري في سوريا والعراق، كل ذلك هو ما خلق تلك الفوضى الحالية، والكل ينتظر استقرار مصر، فهي الشقيقة الكبرى لأخواتها العربيات، ومهم جدا أن ينجح الرئيس عبدالفتاح السيسي في العبور بمصر إلى بر الأمان. وأضاف: "إنني لا أخفي رأيي، إن مصر مع السيسي تحولت إلى الليبرالية والعلمانية الحديثة التي يتمناها الإنسان". وعندما سئل ما رأي الإسرائيليين فيما يجري عن نهر النيل، أجاب بأن الشعب الإسرائيلي لا يعبأ بذلك، ولا يلقي له بالا، لكن العلاقة اليوم بين إسرائيل وإثيوبيا علاقة وثيقة ليس فقط في النواحي الاقتصادية والسياسية، ولكن الإثيوبيون اليوم يشكلون جزءا كبيرا من الشعب الإسرائيلي. 140 ألف مواطن إسرائيلي من أصول إثيوبية، إنهم جزء أصيل من الثقافة والمجتمع في إسرائيل، والعلاقات الاقتصادية والأمنية بيننا على ما يرام، وبيننا التقاء كبير من ناحية الدين. وتابع: "ولإسرائيل كذلك علاقات قوية صلبة متينة "خراسانية" مع مصر في ظل حكم السيسي، صحيح أن العلاقات مع مصر ليست منفتحة كما هي مع أثيوبيا؛ فما زال التاريخ يلقي بظلاله، والشعب المصري لا يحب إسرائيل. ولكن الحكومة المصرية تتفهم طبيعة العلاقة بيننا تماما، وتبقى اتفاقية كامب ديفيد الأكثر أهمية بالنسبة لإسرائيل. انظروا إلى الأزمة الآن في غزة، ومحاربة الإرهاب في سيناء وخصوصا حماس في غزة. إن مصر وإسرائيل بينهما تعاون من أجل محاربة هذا الإرهاب". أما عن العلاقات الدبلوماسية المصرية الإثيوبية، فقال إن "إسرائيل تتمنى أن تكون على ما يرام لكنها لن تتدخل في اللعبة الدبلوماسية هذه وستتركها لأمريكا وأوروبا. ونحن شديدي الثقة في السيسي". وفي إجابته عن مصير مصر فيما يتعلق بالمياه، قال إن "المصريين يهدرون المياه، فنظام الري عندهم قديم، ترع وقنوات من أيام محمد علي، كما أن مشروع توشكي الذي بناه مبارك ضيع كثيرا من المياه وفشل فشلا ذريعا، ولا تنسوا أن السادات كذلك عمل على إهدار المياه وأراد أن يبيعها لإسرائيل". وردًا على سؤال عن مدى تأثر الإثيوبيين بالغضب المصري تجاه السد، وهل يكمن السر في تأييد الإسرائيليين للسيسي في أنه يتبع نهج مبارك، قال: "دعا السيسي قبل أيام إلى مواصلة العمل في مشروع توشكى رغم ثبوت فشله". وأردف قائلاً: "إنك إذا كنت تهاجم مرسي، فأنت تعلم أنه كان من أرق الناس حديثا في حق إثيويبا والذين دعوا إلى حربها في جلسة البث الحي الشهيرة هم حزب النور الذين هم الآن من أنصار السيسي". من جهته، تحدث السفير الإثيوبي في كلمة ختامية أكد فيها أن إثيوبيا ماضية في طريقها، وأنها لا يمكن أن ترجع في بناء السد خطوة واحدة إلى الوراء فهذا حق لها ولا نزاع فيه. شاهد الصور: