أعرب نمرود نوفاك نائب رئيس شركة "ميرحاف"، التي تعتبر واحدة من أكبر المساهمين في تحالف "شرق المتوسط" الذي يقوم بتصدير الغاز المصري لإسرائيل عن ثقته بعدم وجود قرار سياسي في القاهرة بقطع الإمدادات عن إسرائيل، زاعمًا أن الغاز المصري المباع لإسرائيل هو الأغلى على الإطلاق، في الوقت الذي تطالب فيه الحكومة المصرية برفع السعر تحت ضغوط شعبية. وقال نوفاك، في مقابلة مع شبكة CNN الأمريكية إن المستثمرين الدوليين "يشعرون بالقلق لأن الإمدادات من مصر توقفت للمرة الثانية خلال شهرين، والانقطاع مستمر لوقت طويل"، مقدرًا الخسائر المترتبة على مصر جراء التوقف الأخير بنحو مائة مليون دولار. وأقر بوجود بعض المشاكل في القاهرة بسبب افتراض البعض أن إسرائيل تحصل على الغاز بأسعار أدنى من أسعار السوق، ولكنه ينفي هذا الأمر بشكل مطلق. وأضاف: "نحن ندفع أعلى سعر للغاز المصري المصدّر إلى العالم، سواء عبر الأنابيب إلى الأردن وسوريا ولبنان، أو إلى أي مكان في العالم من خلال شحنات الغاز المسال". وتصدر مصر الغاز إلى إسرائيل بموجب اتفاق موقع في عام 2005 من خلال "كونسوريتوم" غاز شرق المتوسط المملوك لرجل الأعمال المصري حسين سالم والشركة المصرية للغازات الطبيعية وبي.تي.تي التايلاندية ورجل الأعمال الأمريكي سام زل وامبال-أمريكان "إسرائيل" كورب وميرحاف الإسرائيلية. لكن عملية التصدير التي بموجبها يتم توريد 45 بالمائة من حاجات مرفق الكهرباء الإسرائيلي من الغاز الطبيعي تثير انتقادات واسعة في مصر بسبب الأسعار المتدنية، حيث يتم البيع بأسعار أقل من سعر السوق. ويرى نوفاك أن قضية الغاز هي أكبر من مجرد صفقة تجارية بين بلدين، ويقول إنه يجب النظر إليها بأنها إشارة إلى العلاقات بين مصر وإسرائيل ككل. وأوضح قائلاً: "هناك مشكلة في العلاقات ولكنها تكتيكية وليست إستراتيجية، بالطبع يمكن القول أنه حماية الأنابيب كان يجب أن تكون أفضل وأن الانفجارات لم يكن يفترض أن تحدث، ولكن ما يمكننا قوله هو أنه ليس هناك قرار سياسي في القاهرة بعدم بيع الغاز لإسرائيل". لكن نوفاك يرى أن مصر تدرك أهمية الاستمرار بضخ الغاز لإسرائيل، وأنه مع الربيع العربي تأتي المزيد من الفرص: "أعتقد أن العالم العربي سيتقبل أكثر من الماضي قيام مشاريع من هذا النوع، شرط يقوم السياسيون بالخيارات الصائبة، ولكنني لست متأكدًا تمامًا من تحقيق هذا الشرط". وكانت "شركة غاز شرق المتوسط" الإسرائيلية أعلنت قبل أيام أنها تفكر في مقاضاة مصر للحصول على تعويضات تصل إلى ثمانية مليارات دولار بتهمة العجز عن حماية خطوط الأنابيب. ولدى مصر ترليوني متر مكعب من احتياطيات الغاز المؤكدة، ولكن الإمدادات تعطلت في بعض جوانبها، وهذا يكلف الخزينة المصرية ملايين الدولارات من العوائد الضائعة ويضر بالدول التي كانت تعتمد على الغاز المصري. وكان أنبوب الغاز دخل العمل بكامل قوته عام 2008، لكن الإمدادات توقفت منذ أسابيع بعد هجومين على خطوط النقل في شبه جزيرة سيناء، أديا إلى قطع الغاز ليس عن إسرائيل فحسب، بل وعن الأردن وسوريا ولبنان أيضًا. وطلب رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف في أبريل الماضي "مراجعة وإعادة دراسة عقود الغاز التي أبرمتها مصر مع جميع الدول بما فيها المبرمة مع الأردن وإسرائيل"، لبيعه بأسعار مجزية تحقق أعلى فائدة لمصر". لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أرسل مؤخرًا وفدًا إلى القاهرة برئاسة مستشاره السياسي يتسحاق مولخو، ليطالب كبار مسئولي الإدارة المصرية بعدم تغيير أسعار الغاز المصري المصدر إلى إسرائيل. يأتي ذلك بناء على حق الامتياز الذي حصلت عليه شركة "إي. إم. جي" بتصدير الغاز لإسرائيل، لمدة 18 عامًا، في صفقة رفضها الشعب المصري لأنها تضمن لإسرائيل توفير احتياجاتها من الطاقة، مقابل دفع ثمن زهيد، لا يتناسب مطلقًا مع سعره العالمي. يذكر أن وزير البترول الأسبق سامح فهمي وستة مسئولين سابقين في قطاع البترول أحيلوا إلى المحاكمة بتهم تبديد أموال عامة مرتبطة باتفاق تصدير الغاز الطبيعي إلى إسرائيل. وجاء في قرار الإحالة إن الاتفاق تسبب في تكبيد مصر خسائر تزيد قيمتها على 714 مليون دولار ومكن رجل الأعمال حسين سالم من تحقيق أرباح مالية.