يتركز اهتمام منظمة العمل الدولية في مؤتمرها رقم 100 على استكمال معاهدة خاصة بالعمال المنزليين، كما تخصص مكانة بارزة من النقاشات لثورات العالم العربي. من جهة أخرى، تحاول المنظمة مجددا لعب دورها الطبيعي في مجال الحماية الإجتماعية حيث تقترح إطلاق نقاش عام حول تقرير المدير العام للمنظمة الذي جاء بعنوان "حقبة جديدة من العدالة الإجتماعية". يشدد المسؤولون في منظمة العمل الدولية على أن مؤتمر السنة الحالية الذي ينعقد في جنيف ما بين الفاتح من شهر يونيو والسابع عشر منه، سيكون بمثابة فرصة تاريخية ليس لأنه يتزامن مع التئام الدورة ال 100 للمنظمة العريقة، بل لأنه يأتي في مرحلة يشهد فيها العالم تحولات كبرى قال عنها المدير العام لمنظمة العمل الدولية خوان صومافيا: "إن العالم يشهد فيها بزوغ حقبة جديدة". فلا غرابة إذن أن تتعدد أسماء الشخصيات البارزة التي ستحل ضيفة على أشغال المؤتمر من أمثال المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والرئيس الإندونيسي سوسيلو بامباغ يودهويونو، ورئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس التنزاني جاكايا كيكويتي، إضافة الى رئيسة الكونفدرالية السويسرية ميشلين كالمي ري ورئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض. العدالة الاجتماعية: "رغبة في استعادة المنظمة لدورها" في تقريره السنوي إلى مؤتمر العمل الدولي تحت عنوان "حقبة جديدة من العدالة الاجتماعية"، شدد خوان صومافيا، المدير العام لمكتب العمل الدولي على أن "العالم يشهد تعميق الفوارق والاختلالات الاجتماعية وعودة الى اساليب وتصرفات قديمة بعد الأزمة المالية لعام 2009". وبلغة الأرقام، أشار صومافيا إلى أن "80% من سكان العالم يتقاسمون 30% من الثورة العالمية، وأن ما يملكه 61 مليون من أثرياء العالم يساوي ما يملكه 3،5 مليار من فقراء العالم". وسبق للسيد جي ريدر، نائب المدير العام لمكتب العمل الدولي أن صرح في ندوة صحفية عقدت يوم الاثنين 30 مايو 2011 أن "المنظمة ترغب في استعادة دورها في المجال الإجتماعي"، من خلال التشديد على ضرورة "توسيع رقعة الإستفادة من الضمان الاجتماعي"، بالنظر إلى أن حوالي 70% من سكان المعمورة لا تشملهم اية ضمانات اجتماعية. وبهذا الخصوص، ستعمل المنظمة على فتح نقاش في هذه الدورة (إذا ما تم التوافق على ذلك) من أجل فرض قاعدة لتوفير حماية اجتماعية شاملة. وأشار نائب المدير العام إلى أن الولاياتالمتحدة والدول الأوربية تدعم المقترح "لكن دولا مثل الهند والصين تبدي بعض المعارضة بشأنه". حماية خدم المنازل وفي أعقاب النقاش الذي انطلق منذ السنة الفائتة، يبدو أن منظمة العمل الدولية تُوشك على اعتماد معاهدة دولية جديدة تقنن ظروف وشروط تشغيل العمال المنزليين. وهو تطور سيشكل - إن حدث فعلا - إحدى الإنجازات الهامة في المؤتمر المائة للمنظمة خصوصا إذا ما تمت المصادقة على مشروع المعاهدة والتوصية المرفقة لها بخصوص عمال المنازل. وبهذا الخصوص، قال جي ريدر، نائب المدير العام "إنها ثغرة في المعايير الدولية يتم ملؤها اليوم"، لكنه أوضح في رد على سؤال طرحته swissinfo.ch بأنه "على الرغم من وجود إجماع بهذا الخصوص، هناك بعض التردد من قبل بعض البلدان، وبالأخص من منطقة الخليج". ومن بين المسائل التي تم التنصيص عليها في مشروع المعاهدة الجديدة تحديد السن، وشروط العمل المنزلي من خلال توضيح نوع العمل، ومدته، وأجره، وتاريخ بداية العقد ونهايته إذا كانت الفترة محددة، وشروط توفير الغذاء والمأوى، وفترة الإختبار، وشروط إنهاء الخدمة وشروط الإعادة للوطن الأم. ثورات الشباب العربي محل اهتمام على صعيد آخر، سيشكل الربيع العربي وثورة الشباب العربي محور جلسة نقاش يحتضنها المؤتمر الدولي للعمل رقم 100 تحت عنوان "الشباب العربي.. والتوق الى العدالة الإجتماعية". وفي هذا السياق، يقول نائب المدير العام لمنظمة العمل الدولية جي ريدر: "إن مكتب العمل الدولي رافق هذه الثورات بشكل يتماشى مع ظروف كل بلد من أجل مسايرة التحول في تلك البلدان". ففي تونس، جاء ذلك "في شكل تقديم دعم تقني للشركاء التونسيين الثلاثة الحكومة وأرباب العمل والنقابات العمالية التي لعبت دورا هاما في عملية التغيير"، أما في مصر فقد كانت "الأوضاع أكثر تعقيدا" حيث أن المدير العام لمنظمة العمل الدولية "قام بزيارة إلى القاهرة في نفس الوقت الذي أعلن فيه وزير العمل المصري عن إدخال إصلاح على القوانين المتحكمة في العمل النقابي من أجل فتح المجال أمام حرية نقابية بدل احتكار العمل النقابي من خلال مركزية نقابية مرخص بها من قبل الحكومة". ونظرا لأن هذه المشاريع لا زالت في مرحلة التطوير، يتوقع نائب المدير العام لمنظمة العمل الدولية أن تكون للوفد المصري "مشاركة هامة في النقاشات التي ستدور في مختلف ورشات العمل". أما بخصوص البحرين، فيرى نائب المدير العام الذي زار البحرين في نهاية شهر ابريل أن "الأمور أصبحت أكثر صعوبة بعد الأحداث التي تناقلتها وسائل الإعلام". وأوضح السيد جي ريدر أن البحرين "كانت تشكل الإستثناء في المنطقة من خلال تواجد نقابة عمالية مستقلة وديمقراطية ونشيطة تأسست في عام 2002، ولكنها اليوم عرضة لضغوط كبيرة لأن الحكومة ترى أنها كانت مورطة بكثرة في المظاهرات وأنها كانت مسؤولة عن بعض الأعمال التي لا تقبلها الحكومة". وكشف السيد جي ريدر عن أن "المدير العام لمنظمة العمل الدولية، أصر خلال لقائه بوزير العمل في البحرين على ضمان أمن وسلامة القادة النقابيين، ومراجعة قضية الفصل الجماعي للعمال لحوالي 2000 عامل في بلد لا يتجاوز عدد سكانه المليون نسمة وهذا عدد كبير جدا. وأخيرا العمل على استئناف مسار حوار اجتماعي بين الحكومة والحركة النقابية". وبما أن وزير العمل البحريني سيتحول إلى جنيف للمشاركة في المؤتمر، عبر نائب المدير العام لمنظمة العمل الدولية عن الأمل في "استئناف الحوار معه لمحاولة التشجيع على المضي قدما نحو ديناميكية إيجابية في البلاد". وبالنظر إلى أن بطالة الشباب المتفاقمة تعتبر "مأساة تهدد الإستقرار الإجتماعي في العديد من الدول"، حسب تأكيد نائب المدير العام لمنظمة العمل الدولية، فإن الدورة الحالية ستوسع مجال النقاش من خلال تخصيص جلسة تتطرق لدور الشباب عموما في التغيير (في إشارة إلى ما يحدث حاليا في عدد من البلدان الأوروبية مثل إسبانيا واليونان وفرنسا)، وذلك تحت عنوان "شبيبة العالم تتزعم التغيير". المصدر: سويس انفو