نستكمل ما بدأناه في الحلقة السابقة.. صوم الرجل الكبير الطاعن في السن، وكذا المرأة الطاعنة في السن، والمريض الذي لا يرجى بُرؤه: الشيخ الكبير الطاعن في السن، والمرأة الكبيرة الطاعنة في السن، والمريض الذي لا يرجي برؤه يفطرون، ويطعم كل واحد منهم عن كل يوم مسكينا؛ إذ لا يستطيعون الصيام مستقبلا، وهذا قول الجمهور قال تعالى: (..وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ..) (البقرة: 184)، وتقدير الكلام (وعلى الذين) لا (يطيقونه) لكبر أو مرض لا يرجى بُرْؤه (فدية) هي (طعام مسكين) أي قدر ما يأكله في يومه وهو مُدٌّ من غالب قوت البلد لكل يوم.. وهناك رأي آخر يرى أنه لا يجب عليه الفدية لأنه ترك الصيام لعجزه. والرأي الراجح هو الرأي الأول بأنه يفطر ويفدي.. ويمكن الجمع بين الرأيين، كما يلي: إذا كان غنيا يفدي، وإذا كان فقيرا لا يفدي.. إفطار المريض والحامل والمرضع في رمضان: يجوز للمريض أن يفطر ويقضي الأيام التي أفطرها، وكذلك الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو على أنفسهما وولديهما جاز لهما الفطر، وتقضيان بعد رمضان، ولا فدية عليهما لأنهما في حكم المريض، يقول تعالى: (.. وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة: 185) أما إذا كانتا خائفتين على ولديهما فقط فيجوز لهما الفطر، وعليهما القضاء والفدية، وهي إطعام مسكين عن كل يوم تفطرانه، مد من بر، أو نصف صاع من غيره. والمرض الذي يبيح للمسلم الفطر هو المرض الشديد الذي لا يستطيع الشخص الصوم معه، أو المرض الذي يزيد ويشتد بالصوم، أو المرض الذي يُخشى تأخر الشفاء منه بسبب الصوم أما المرض الخفيف الذي لا يشق الصوم معه فإنه لا يبيح الفطر.. التقبيل للصائم في نهار رمضان: يجوز للصائم أن يقبل زوجته ما لم يخشي تحرك شهوته، أو نزول شيء منه، جاء في صحيح الإمام مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يقبل وهو صائم وكان أملككم لإربه). وجاء في موطأ الإمام مالك أن عائشة كانت إذا ذكرت أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقبل وهو صائم كانت تقول: "وأيكم أملك لنفسه من رسول الله (صلى الله عليه وسلم)". - أما لو أدت القبلة إلى نزول المني وجب على الشخص أن يترك القُبلة في نهار رمضان.. - ولو قبَّل الصائمُ وخرج منه المني فسد صومه، وعليه قضاء ذلك اليوم، ولا كفارة عليه، إذ الكفارة في الجماع.. والأفضل ترك القُبلة في نهار رمضان، حتى لا تجر إلى المنهي عنه.. والله أعلم من فكَّر فأنزل المني في نهار رمضان: من فكر في المرأة فأنزل أو أنزل من نظرة واحدة من غير عمد أو تكرار فلا يفسد. من أخرج المذي بالتقبيل أو بتكرار النظر: من أخرج المذي بالقبلة أو بتكرار النظر فالرأي الراجح أنه لا يفسد صومه، بل يجب عليه الوضوء فقط لأن المذي كالبول.. والله أعلم. هل يجوز للصائم أن يغتسل ويصب الماء على رأسه للتبرد: نعم يجوز ذلك ولا حرج لأن الإسلام دين الرحمة والتيسير وقد أخرج أبو داود (رحمه الله) في سننه (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) -كان- يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر). كما يجوز للصائم أن يتمضمض ويستنشق، مع عدم المبالغة حتى لا يتسرب الماء إلى حلقه، وحتى لا تضيع رائحة (خلوف) فم الصائم التي هي أفضل عند الله من ريح المسك.. الحقن للصائم: الحقن نوعان: حقن مغذية حقن لمكافحة المرض فالحقن المغذية تفطر الصائم لأنها خلاصة الطعام والشراب، ومن يحتاج إلى هذه الحقن يعد مريضا ومن ثم يباح له الفطر. أما الحقن المعدة لمكافحة المرض فلا يفطر الصائم بها سواء كانت في الوريد أو العضل، لأنها ليست أكلا أو شربا، ونرى أن الأفضل للمسلم تأخير الحقن في رمضان إلى الليل، إلا إذا كانت هناك ضرورة لأخذها بالنهار.. القطرة للصائم: القطرة في العين لا تفطر الصائم عند جمهور العلماء حتى لو وجد الصائم طعمها من الحلق؛ لأن العين ليست منفذا مفتوحا، والمنافذ عندهم (الفم والأذن والأنف والقبل والدبر).. بينما يرى بعض العلماء أن قطرة العين تفطر.. والله أعلم. صوم الحائض والنفساء: الحائض والنفساء لا يحل لهما الصوم ويجب عليهما أن تفطران وتقضيان ولو صامتا لم يجزئهما الصوم وهذا بإجماع العلماء.. ومن رحمة الله بالنساء أن الصيام فقط هو الذي يجب أن تقضيه الحائض والنفساء، بخلاف الصلاة؛ لأن الصيام عبادة سنوية بخلاف الصلاة فهي عبادة يومية... القيئ للصائم: إذا استقاء الإنسان عامدا بإدخال يده في فمه أو بشمه ما يقيئه أو غير ذلك يفطر وعليه القضاء، أما إذا غلبه القيء دون عمد منه فلا يفطر، ويكمل صومه، وصيامه صحيح.. والله أعلى وأعلم وللحديث بقية..
* المدير التنفيذي لرابطة الجامعات الإسلامية – عضو اتحاد كُتَّاب مصر