المركز الإفريقي لخدمات صحة المرأة يحتفل باليوم العالمي للعمل الإنساني تحت شعار "صوت الإنسانية"    الجامعة البريطانية في مصر تستقبل الملحق الثقافي والأكاديمي بالسفارة الليبية لتعزيز التعاون المشترك    شيخ الأزهر يدعو لوضع استراتيجية تعليمية لرفع وعي الشعوب بالقضية الفلسطينية    رسميًا الآن.. بدء تسجيل رغبات تقليل الاغتراب 2025 لطلاب تنسيق المرحلتين الأولى والثانية (الرابط الرسمي)    عيار 21 يتراجع لأدنى مستوياته.. أسعار الذهب اليوم الخميس بالصاغة (محليًا وعالميًا)    نائب محافظ الجيزة تتابع استعدادات استقبال المهرجان الدولي للتمور 2025    محافظ قنا يبحث مع وزير البترول فرص الاستثمار التعديني وزيارة ميدانية مرتقبة للمحافظة    وزير السياحة يوقع مذكرة تفاهم مع عمدة سراييفو لتعزيز التعاون بين البلدين    موعد صرف مرتبات أغسطس 2025 للمعلمين والموظفين بعد الزيادة وجدول الحد الأدنى للأجور    وسائل إعلام فلسطينية: قصف إسرائيلي على منطقة المصلبة بحي الزيتون بمدينة غزة    رئيس الأركان الإسرائيلي: اغتلنا 240 من عناصر حزب الله منذ وقف إطلاق النار مع لبنان    فوز مستحق.. ريال مدريد يهنئ باريس سان جيرمان بالفوز بكأس السوبر الأوروبي    مصادر طبية فلسطينية: 100 شهيد في غزة بينهم 38 من منتظري المساعدات    الصين توقّع اتفاقية تمويل جديدة مع "أونروا" لدعم الفلسطينيين    الولايات المتحدة تحتجز موظفًا بالمديرية الوطنية الإسرائيلية للإنترنت لاستجوابه    "يونهاب": كوريا الشمالية أكدت أنها لم تزل ولا تنوي إزالة مكبرات الصوت على الحدود    سابقة تاريخية، أطفال فلسطين يسلمون ميداليات كأس السوبر الأوروبي    الاختبار الأخير قبل مونديال الشباب.. موعد المواجهة الثانية بين مصر والمغرب    حكم مباراة الأهلي وفاركو في الدوري المصري    موعد مباراة الترجي ضد الاتحاد المنستيري في الدوري التونسي والقنوات الناقلة    السيطرة على حريق شقة مستغلة لتخزين الأدوات المكتبية فى شبرا دون إصابات ...صور    مالك ورشة يصيب طفل بحروق فى الهرم    البحيرة: ضبط المتهمين بقتل شخصين أخذا بالثأر في الدلنجات    أخطر ساعات أغسطس.. تحذير شديد بشأن الطقس اليوم: الحرارة تتخطى 50 مئوية    لحظات فرح تنقلب حزن.. وفاة أحد المعازيم داخل قاعة أفراح فى قنا    تحديد هوية المتهمين بمضايقة فتاة على طريق الواحات.. ومأمورية خاصة لضبطهم (تفاصيل)    اختبار في الثبات على المبادئ.. برج الجدي اليوم 14 أغسطس    أبرز أخبار الفن على مدار الساعة.. تعرض ليلى علوى لحادث سيارة بالساحل الشمالى.. نقابة المهن التمثيلية تحول بدرية طلبة للتحقيق لما صدر منها من تجاوز.. والفنانة الكويتية حياة الفهد تدخل العناية المركزة    سواق توك توك.. ياسر جلال يلبى نصيحة أصدقائه بعمل إضافى مع التمثيل (فيديو)    تعيين وتجديد تعيين رؤساء أقسام في 6 كليات بجامعة المنيا    ذروة الارتفاع بالحرارة.. نصائح جمال شعبان لتجنب الجلطات    نتنياهو: لدينا القدرات الكافية لمحو غزة من على الخريطة    في ذكراها ال12 .. "الإخوان": أصحاب رابعة العزة، "قدّموا التضحيات رخيصة؛ حسبةً لله وابتغاء مرضاته وحفاظًا على أوطانهم    السفير محمد إدريس: العلاقات مع إفريقيا استراتيجية ويجب تفعيلها    تداول طلب منسوب ل برلمانية بقنا بترخيص ملهى ليلي.. والنائبة تنفي    العثور على جثة شخص مجهول الهوية مخبأ داخل جوال بقنا    ربة منزل تُنهي حياتها بتناول مادة سامة بقنا    أحمد صبور: تحديات متعددة تواجه السوق العقارية.. ومصر قادرة على جذب الاستثمارات الأجنبية    الرياضية: بسبب أمم إفريقيا.. أهلي جدة يسعى لضم حارس سعودي    دامت 5 سنوات.. قصة حب جورجينا الأولى قبل ارتباطها برونالدو    د.حماد عبدالله يكتب: دور الدولة المتعدد فى الإقتصاد الحر !!    حنان شومان: "كتالوج تناول نادر لفقد الزوج زوجته.. وأجاد في التعبير عن مشاعر دقيقة"    صبا مبارك تنشر جلسة تصوير من كواليس "220 يوم".. ونجوم الفن يعلقون    ياسين السقا يكشف تفاصيل مكالمة محمد صلاح: "كنت فاكر حد بيهزر"    ما قبل مجازر (الفض).. شهادات لأحياء عن "مبادرة" محمد حسان والمصالحة مع "الإخوان"    كمال درويش: لست أفضل رئيس للزمالك    رياضة ½ الليل| إنجاز فرعوني جديد.. مصر تحصد الذهب.. مكافأة استثائية.. استلام المسار السريع.. وباريس سوبر أوروبا    حدث بالفن | أزمة نجمة واحالتها للتحقيق ووفاة أديب وفنانة تطلب الدعاء    متحدث الحكومة: لجان حصر مناطق "الإيجار القديم" تُنهي مهامها خلال 3 أشهر    نجاح فريق طبي بمستشفى النيل في إنقاذ مريضة تعاني من ورم الخلايا العملاقة    ما حكم من يحث غيره على الصلاة ولا يصلي؟.. أمين الفتوى يجيب    زوجي رافض الإنجاب مني لأن لديه أبناء من زوجته الأولى.. فما الحكم؟.. وأمين الفتوى ينصح    أمين الفتوى بقناة الناس: المتوفى يشعر بالزائر ويستأنس به    محافظ المنيا ورئيس الجامعة يفتتحان وحدة العلاج الإشعاعي الجديدة بمستشفى الأورام    خالد الجندي يوضح أنواع الغيب    خالد الجندي ل المشايخ والدعاة: لا تعقِّدوا الناس من الدين    الصحة تستكمل المرحلة الرابعة من تدريب العاملين بمطار القاهرة على أجهزة إزالة الرجفان القلبي (AED)    الصحة: حريق محدود دون إصابات بمستشفى حلوان العام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستقطاب السياسي بعد الثورة
نشر في المصريون يوم 31 - 05 - 2011

كان الاستقطاب السياسي الحاد أسوأ نتائج عصر مبارك، وقبل ثورة يناير بأقل من شهرين كتبت مقالا بعنوان: "مصر واستحكام سياسة الاستقطاب" قلت فيه: "إن مصر (الدولة والوطن) تعيش أزهى عصور الاستقطاب على كل المستويات: نظام ومجتمع، حكومة ومعارضة، مسلمين ومسيحيين، إسلاميين وعلمانيين، رأسماليين جدد وشعب كادح. استقطاب حاد بين مختلف التيارات الفكرية والسياسية على كل الصُعُد".
وها قد أذن الله لشمس الحرية أن تشرق على هذا البلد الطيب أهله، وسقط مبارك ونظام حكمه إلى غير رجعة، وإن كانت لا تزال بقايا نظامه تشعل الحرائق سواء في الإعلام بنشر الفزع في المجتمع، وخلق حالة من حالات الاضطراب الدائم، أو باستغلال سيء لما في المجتمع من مظاهر انقسام طبيعي ومحاولة إشعال الحرائق الطائفية والعمل على تغذية سيل المطالب الفئوية).
ورغم مرور أكثر من ثلاثة شهور على زوال نظام مبارك إلا أن الاستقطاب السياسي الحاد لا زال يقسم البلد قسمين، فما من قضية ولا موقف إلا وتجد الانقسام الرأسي قد شرخ المجتمع من أعلاه إلى أسفله بصرف النظر عن نسب كل شق، وبصرف النظر عما يمثله كل شق من أفكار.
وجوهر عملية الاستقطاب هو حشد طاقات الأفراد وتعبئتها بطريقة منظمة لدعم وتنفيذ برنامج سياسي محدد "رؤية واحدة" لذا فالاستقطاب لا يسمح بالتعدد ولا بالتنوع ولا يقبل باختلاف وجهات النظر لأنه ينطلق من طهرانية الذات وقداستها وخطأ الغير وانحرافه.
وإذا كان الاستقطاب لا يقود تلقائيا إلى اندلاع حرب أهلية إلا أنه "يخلق جميع الشروط السياسية والنفسية التي تخلّد النزاع وتجعله قابلا للاشتعال في أي لحظة" كما يقول المفكر برهان غليون.
ظلل الخلاف (ولا زال) كل المراحل التي مرت بها مصر على مدار الشهور القليلة الماضية، بداية من ترتيب المراحل والإجراءات الواجب ابتاعها حتى تخرج مصر من المرحلة الانتقالية: مجلس رئاسي أم انتخابات برلمانية أم دستور: أيها أولا، مرورا بمعركة الاستفتاء وما شابها من انقسام حاد بين التيارات السياسية والفكرية حيث تم التعامل معها من قِبَل مختلف الأطراف باعتبارها معركة فاصلة تحسم لمن الغلبة في تشكيل هوية المجتمع.
وأخيرا كانت جمعة 27 مايو بين من سماها جمعة الغضب الثانية أو الثورة الثانية، ومن جعلها جمعة خراب مصر ومحاولات إحداث الوقيعة بين الشعب والجيش، وربما كان المجلس العسكري بتفهمه لحالة الحراك التي يعيشها المجتمع وعمق تنازع التيارات الفكرية المتصارعة على مشروع المجتمع وهوية الدولة هو أزكى الفاعلين السياسيين بتمريره الأمر وعدم الدخول في معارك فاشلة تستنزف فيها شرعيته وإجماع الشعب عليه أكثر مما يستنزف جهده وطاقته.
إن المنطق السائد في مصر الآن هو منطق الاصطفاف السياسي والتصنيف على الهوية الفكرية والسياسية، وهو منطق أثبت فشله في كثير من المجتمعات، لأنه دائما ما يخيرنا بين بديلين لا ثالث لهما، ودائما ما يفرض علينا منهج الفسطاطين: (فسطاط الحق وفسطاط الباطل)، ودائما ما يضعنا في إطار قانون بوش: (من ليس معنا فهو ضدنا). وهو دائما يصيغ البدائل بصورة حدية بالغة الانقسام.
وللأسف فرغم كل صخب الاستقطاب السياسي الحاصل بعد ثورة يناير نرى أنه استقطاب لا تحكمه القناعات العقلية الراسخة أو البرامج الفكرية المحددة بقدر ما يحكمه نظام الولاءات السياسية أو منطق (جماعات الشلل والمصالح) ولذلك فأنت تستطيع أن تعرف مكونات الاصطفاف السياسي من كل قضية حتى قبل أن يعرض كل طرف حججه ومستنداته الفكرية.
مصر بعد ثورة يناير تختلف عن مصر في عهد مبارك، مصر الثورة فتحت أبوابها على مصراعيها أمام كل المشاريع الفكرية وأمام كل من يملك رؤية وقدرة على الحشد والتعبئة والتنظيم وهي حالة بقدر ما تعبر عن انفتاح المجال السياسي بقدر ما تشكّل خطرا على الكيان المجتمعي إذا ما لم تضبط "البوصلة الوطنية" للمشروع الذي لديه قدرات هائلة على الحشد والتعبئة والتنظيم.
مصر بعد ثورة يناير تريد برنامج عمل ينهي حالة الانقسام والاستقطاب الحاد ضمن خيارات متعددة وبدائل لا تقصي أحدا ولا تستبعد أحدا، فقد كرهنا عهد الاقصاء والاستبعاد، وكفانا عصر من الاقصاء والاستبعاد ترك البلد خرابا يبابا تنعي من نهبها وسرقها وهرّب أموالها وترك خزائنها خاوية على عروشها.
مصر بعد ثورة يناير تريد نظام اجتماعي وسياسي مفتوح لا يحجر على أحد ولا يصنف الناس بين مع وضد، أو وطنين وخونة.
مصر بعد ثورة يناير تريد "طوق نجاة" هو سفينة نوح تحمل من الأطياف ما يمور به المجتمع المصري من مناهج ووجهات النظر، ولا عاصم لنا من أمر الله لو ساد فينا: منهج الفسطاطين أو قانون بوش.
إن تجارب المجتمعات والدول غيرنا علمتنا أنه في "نظام الاستقطاب" الكل خاسر على المستوى الإستراتيجي، حتى من يفوز في المعارك الصغيرة، قد يحقق طرف مزيدا من الغلبة السياسية، وقد يحقق نوعا من النصر الزائف بإقصاء المخالفين لكن على المدى البعيد من يقصي يراهن على غياب الآخر، ومن يراهن على غياب الآخر يعمل كل الآخرين على إلغاءه وليس غيابه، ومن هنا يخسر الجميع.
إن مصر بعد ثورة يناير ظمئى لمبادرات جبهوية تجمع أكثر مما تفرّق، تحشد الناس وتجمعهم على ما يسمى: "إستراتيجيات الحد الأدنى" وعلى المتفق عليه وعلى كل ما يشكل قوام حافظ للمجتمع، وإذا فقدت أي جماعة سياسية قدرتها على التوصل إلى حد أدنى يمثل القواسم المشتركة زالت بنيتها الوطنية.
وأحسب أن فكرة "التيار الرئيسي" هي محاولة جيدة للخروج من حالة الاستقطاب لكنها بحاجة إلى جهود جبارة حتى تتحول من عالم الأفكار والمثال إلى واقع: يتحرك على الأرض، ويشكل الحالة السياسية، ويخلق تيار موازيا يشكل الجسد الرئيس للقضايا محل الاتفاق أو الإجماع العام أو الوحدة الفكرية في المجتمع، ويكفي الله بها المصريين شر القتال الطائفي والسياسي.
ولكي تتجاوز مصر حالة السيولة والتآكل لابد من "ممر آمن" تعبر من خلاله المرحلة الانتقالية، ممر آمن يشكل محاولة جادة لوضع "معالم الطريق" إلى نهضة مصر الحديثة.
وربما كان تكوين "مجلس استشاري" يعبر عن كل ألوان الطيف المصري يمكن أن يخفف من حالة الاستقطاب التي تعيشها البلد، ويقوم هذا المجلس بمهمتين أساسيتين:
الأولى: مأسسة عملية الاستشارة التي يقوم بها المجلس العسكري عند كل قضية.
الثانية: "خزّان تفكير" إستراتيجي للمجلس العسكري يقوم بصناعة البدائل والخيارات وترشيد عملية اتخاذ القرار.
وكلا الأمرين يحتاج إلى مزيد تفصيل ومزيد بيان. والله من وراء القصد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.