وزير الخارجية والهجرة يترأس حوار اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان    جدول امتحانات الصف الثالث الابتدائي التيرم الثاني 2025 في الدقهلية    بدء المرحلة الأولى من الموجه ال 26 لإزالة التعديات فى الفترة من اليوم السبت 10 إلى 30 مايو الجارى    "زراعة الفيوم" تواصل ضبط منظومة الإنتاج الحيواني بالمحافظة    إيطاليا ترحب باتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    مقتل وإصابة 70 سودانيا في قصف "الدعم السريع" لسجن ومستشفى الأبيض    متحدث "فتح" : توزيع المساعدات يجب أن يكون من خلال الأونروا وليس الإدارة الأمريكية    لا كسور.. الزمالك يكشف تطورات إصابة صبحي وناصر ماهر    جوارديولا: لم نتوقع ما فعله ساوثامبتون.. ولذلك شارك هالاند في اللقاء كاملا    السجن المشدد لعاطل لاتهامه بقتل عامل بالإشتراك مع آخرين بسوهاج    غادة إبراهيم: بوسي شلبي كانت بتدور على حد يعملها سحر يرجعلها محمود عبد العزيز    في احتفالية يوم الطبيب ال47.. "النقابة بيت الأطباء".. حمدي سعد ل"البوابة نيوز": تكريم اليوم الأهم في مسيرتي    نيابة الخليفة تقرر إحالة عاطل إلى محكمة الجنح بتهمة سرقة مساكن المواطنين    التيسيرات الضريبية... قبلة الحياة للاقتصاد الحر والشركات الناشئة في مصر    مستقبل وطن المنيا يكرم 100 عامل مؤقت    الكلاسيكو| أنشيلوتي يكشف موقف رودريجو ويؤكد: واثقون من الفوز    أول رد من رابطة الأندية بعد تأجيل «استئناف اتحاد الكرة» حسم أزمة القمة    بنك قناة السويس يعزز ريادته فى سوق أدوات الدين ويقود إصدارين ناجحين لصكوك متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية بقيمة 5.8 مليار جنيه    انهيار منزل سكني من 3 طوابق بالمحلة دون وقوع إصابات.. صور    تأجيل محاكمة أربعة متهمين بالتسبب في انهيار عقار بأرض الجولف    عطلوا أحكام الدستور.. تأجيل محاكمة 19 متهمًا ب«خلية المرج الثالثة»    تأجيل محاكمة طبيب تسبب في وفاة طبيبة أسنان بسبب خطأ طبي في التجمع    محلل سياسى: جولة الغد من مفاوضات إيران والولايات المتحدة حاسمة    يغادر دور العرض قريبًا.. تعرف على الفيلم الأضعف في شباك تذاكر السينما    طوابير خانقة وأسعار مضاعفة وسط غياب الحلول..أزمة وقود خانقة تضرب مناطق الحوثيين في اليمن    نائب رئيس الوزراء: مصر تضع الملف الصحي بجميع ركائزه على رأس أولوياتها    نصائح لوقاية العيون من تأثير ارتفاع درجات الحرارة    مرسوم عليه أعداء مصر ال9.. «كرسي الاحتفالات» لتوت عنخ آمون يستقر بالمتحف الكبير    رئيس جامعة الأزهر: السعي بين الصفا والمروة فريضة راسخة    عالم أزهري: خواطر النفس أثناء الصلاة لا تبطلها.. والنبي تذكّر أمرًا دنيويًا وهو يصلي    "صورة الطفل في الدراما المصرية" ندوة بالمجلس الأعلى للثقافة    القومي للمرأة يشارك في اجتماع المجموعة التوجيهية لمنطقة الشرق الأوسط    رئيس وزراء سلوفاكيا يرفض حظر الاتحاد الأوروبي على واردات الغاز من روسيا    بعد كتابة وصيته.. المخرج أشرف فايق يكشف تطورات حالته الصحية داخل غرفة العمليات    محافظ أسيوط يتفقد تطوير مدخل قرية بنى قرة ونقل موقف السرفيس لتحقيق سيولة مرورية    محافظ الدقهلية يتفقد مستشفى أجا في زيارة مفاجئة ويبدي رضائه عن الأداء    قرار تأديب القضاة بالسير في إجراءات المحاكمة لا يعتبر اتهام أو إحالة    «الإحصاء»: 1.3% معدل التضخم الشهري خلال أبريل 2025    انطلاق الملتقى المسرحي لطلاب جامعة كفر الشيخ    رئيس صحة النواب: مخصصات الصحة في موازنة 2026 الكبرى في تاريخ مصر    وقفة عرفات.. موعد عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    خلافات بسبب العمل.. ضبط حلاق بتهمة قتل زميله بالعاشر من رمضان    هل منع الزمالك عواد من التدريبات؟.. مصدر مقرب من اللاعب يؤكد والأبيض ينفي    دعوة شركات عالمية لمشروع تأهيل حدائق تلال الفسطاط    جامعة أسيوط تُشارك في ورشة عمل فرنكوفونية لدعم النشر العلمي باللغة الفرنسية بالإسكندرية    جنايات المنصورة...تأجيل قضية مذبحة المعصرة لجلسة 14 مايو    وكيل وزارة الصحة بالمنوفية يتفقد مستشفى بركة السبع ..صور    أزمة بوسي شلبي وأبناء محمود عبد العزيز.. فيفي عبده: الواحد لازم يصرف فلوسه كلها وميسيبش مليم لمخلوق    السجن المؤبد وغرامة 20 ألف جنيه لمتهمين بخطف عامل بقنا    بينهم سيدة.. الجيش الإسرائيلي يعتقل 8 فلسطينيين بالضفة الغربية    مصر تستضيف الجمعية العمومية للاتحاد العربي للمحاربين القدماء وضحايا الحرب    أمين الفتوى: طواف الوداع سنة.. والحج صحيح دون فدية لمن تركه لعذر    بعد غيابه ثلاث مرات.. وصول زيزو ومحاميه لمقر الزمالك للمثول للتحقيق    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    7 شهداء بينهم عائلة كاملة بقصف إسرائيلي على مدينة غزة الفلسطينية    تفاصيل مفاوضات الأهلي مع جارسيا بيمنتا    بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق الشرقية السبت 10 مايو 2025    موعد مباراة الاتحاد السكندري ضد غزل المحلة في دوري نايل والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البرنامج الإصلاحي للعلم والبحوث (7)... مصادر التخلف

إن الفساد المشري في المؤسسات التعليمية والبحثية، واقع مؤسف قائم في الساحة التعليمية والبحثية في مصر وعموم الدول النامية، هالك لكل مجهود يبذل فيها للنهوض بمستواها. لو بحثنا عن مصادره، لوجدناها قائمة في المنهاج التعليمي المعتمد لتلك المؤسسات، الواجب تعديله، وفي السلوك التربوي غير الفاضل الذي نشأ عنه لدى عموم أعضاء هيئاتها، الواجب مراجعة سير أمورهم فيها، لأسباب عدة سنذكرها فيما يلي.
فيما يخص المنهاج التعليمي، فلقد بينا سابقاً أنه بعدما تم في قرار رقم 511 للمجلس الأعلى للجامعات، الصادر بتاريخ 27 يوليو 2009، معادلة مستوى النشرات المحلية - التي تفتقد إلى النوعية - بمستوى المجلات العالمية المميزة - دون مراعاة وزن أو قيمة كل منهما في الساحة العلمية والبحثية في عملية فحص الإنتاج العلمي للمتقدمين لشغل وظائف الأساتذة والأساتذة المساعدين، ما عادت الكفاءة أو المؤهل المقياس المعتمد في المؤسسات في التعيين لتلك المناصب الحيوية، بل مجرد شكليات على المتقدمين إثباتها، نذكر أهمها – حسب ما شهدناه في اللوائح – إفادة سجلهم أنهم أدوا في حياتهم - ولا نقول مشوارهم العلمي - عددا معينا من البحوث، حددتها تلك اللوائح. أنه قرار غير حكيم، ما ضمن به سوى متوسطي الأهلية العلمية فما دون ذلك، الترقي والترشح لمناصب الأساتذة والأساتذة المساعدين، بدلا من الكفاءات الوطنية المؤهلة لحمل تلك "الأمانة".
وبالرغم من ذلك العوار القائم، الذي جعل موضوع الترقية للأستاذية سهل المنال، تشهد في أعضاء هيئات التدريس من يسعى منهم تجاوز الأبحاث المفروضة عليه بسبل غير فاضلة، لنيل الترقية المهنية في أقصر مدة ممكنة. أهم وسيلة لهم في ذلك، البحوث المسماة ب البحوث المشتركة (سميت البحوث بالمشتركة، لأنه يشترك فيها أكثر من فرد في دراسة وبحث موضوعها). بها يسعى أعضاء هيئات التدريس ضمان سجل نشر كبير لهم - بدون مجهود يذكر - من خلال إعتماد أسمائهم فيها – بصفة عامة - تحت مسمى كاتب المقال (senior author) - وإن كان ذلك لا يتصل بالواقع بشيء – والأسماء الصادقة لكاتبي البحوث تحت مسمى شركاء في البحث. إنه لتصرف لا يمكن الحكم عليه إلا بالنصب والإحتيال، يستغل أعضاء هيئات التدريس فيها مناصبهم - كمشرفين على الأبحاث - لإحقاق إمتيازات مهنية لهم - بالغش والخداع – لا يستحقونها. لذلك نقول عن تلك الظاهرة، أنه لا بد من التصدي لها بالقانون.
من الأمور المضحكة التي شهدتها تحدث من جراء تلك "الممارسات"، أنه في بعض الأحيان تم بهذا السلوك غير السوي نشر أبحاث في مجلات دورية، يحصى لها عدد المؤلفين من خمسة إلى ستة أفراد، كان يتم فيها "تكريم" مجهود الكاتب الأصلي للمقال - صاحب البحث والتأليف – بذكر إسمه أخر سلسلة المؤلفين المزعوم عنهم شركاء في البحث.
للأسف الشديد بات تداول تلك الممارسة ظاهرة عامة. لذلك نقول، أن بسبب هذا المنهاج غير السوي، والسلوك التربوي غير الفاضل الناشىء عنه، بات مستقبل العلم موضوع في أياد غير مسؤولة أو أمينة، فمهدد.
إلى جانب الفساد الذي إنتشر في السلك التوظيفي بالمنهاج التعليمي، وجب أيضاً ذكر ما أصاب بسببه الأليات التربوية الموضوعة له – أساسا - لإعانة أعضاء تدريسه في مشوارهم العلمي والبحثي، كالبعثات التعليمية والمهمات الخارجية.
بداية نود أن نشير في شأن النظم واللوائح المعتمدة للبعثات التعليمية والمهمات الخارجية أنها كغيرها- القائمة للمناهج التربوية والتعليمية - غير سوية، وجب أيضا مراجعتها وإستحداثها، لأنها لا تعضد الأهداف المرادة بها للنظم التعليمية، من دعم وتأهيل النشء العلمي وأعضاء التدريس، بل عكس ذلك. فعلى سبيل المثال ينص بند من بنوده، أن الأولوية في خيار المؤهلين للبعثات التعليمية والمهمات الخارجية تخصص لأعضاء هيئات التدريس ممن يثبت سجلهم الوظيفي أنهم يملكون أكبر عدد سنين الخدمة فيه لا المعرفة. أي أن الأولوية موضوعة للأقدمية لا للكفاءة – كما تعودنا.
وعلى الرغم من تلك اللوائح العجيبة المعتمدة لهذا السلك الهام، نجد أيضا من أعضاء هيئات التدريس من إلتحق بهذا السلك بسبل غير فاضلة. إحدى الأساليب الدارجة في ذلك، أعتماد أعضاء هيئات التدريس من مسؤوليهم مكافأت في صورة مهمات خارجية أو بعثات علمية، مع أن هذا السلوك مخالف للنظم واللوائح المعتمدة للوفود، ليصح وصفه – مرة أخرى - بالنصب والإحتيال.
من الأمور العجيبة التي لاحظناها - أنا وزملائي الأساتذة – في خصوص تقييم دراسات المبعوثين في هذا السلك، أنه في حالات كثيرة تم إعتماد الطالب الموفود للترقية درجة الدكتوراة من جامعته دون الرجوع في ذلك للطرف الأجنبي المشرف على رسالته، وهو لتصرف غير سليم أو حتى محترم. لقد مررت شخصياً بتلك التجربة العجيبة. ففي أحد الأيام فوجئت أن تم تناولي رسالة دكتوراة لطالب - كنت قد قبلت الإشراف على عمله - بعد أن تم على أرض الواقع تقييمها من أساتذته في مصر دون الرجوع علي - كمشرف عليها - في ذلك. بعد قراءة رسالة الطالب التي أرسلت إلي نسخة منها، أصابني غضب جام بسبب ذكر إسمي فيها كمشرف لها ، وهو ما لم يحدث على الإطلاق. فلم تعط لي أي فرصة لمراجعة الرسالة أو لتقييمها. إنه سلوك غير فاضل، شهدت للأسف تكرار حدوثه في ألمانيا مرات عديدة لدى زملائي الأساتذة، الأمر الذي جعلهم لا يقبلون الإشراف على أي بحث أو رسالة دكتوراة تقدم لهم من جهة مصرية مرة أخرى.
ما نخشاه بسبب هذا السلوك المشهود له في هذا السلك التعليمي الهام من أعضاء هيئات التدريس، أن نظام الوفود والبعثات المعني لنهضة السلك التعليمي على وشك الإنهيار بسبب عموم المخالفات التي تمارس في حقه من قبل الأساتذة المسؤولين عنه، والمنهاج غير السوي القائم له.
أخيرا – حتى لا نطيل على القراء - لا بد من الحديث عن سلوك مسؤولي هيئات التدريس الفاسدين القائمين في السلك التعليمي، وبالذات ما يشهد منهم نحو ذويهم أو المقربين لهم الذين إنضموا إليهم في السلك "الواعد" الذي يشرفون عليه. فما عاد ما يصدر عنهم – أي المسؤولين – نحو ذويهم يمكن وصفه برعاية أو عناية شؤونهم في هذا السلك، فالأمر تعدى "التدليل" لما بات الشاهد فيه محاولة "صهرهم" - بمعنى ربطهم - بالمؤسسة التي يديرونها لضمان "مصالحهم" القائمة فيها حتى لفترة ما بعد رحيلهم عنها. إنها عملية نصب خطيرة للغاية وجب التصدي لها، لأنها لن تعطل فقط أداء المؤسسة بجهل المقربين الذين تم تعيينهم فيها دون الكفؤين، بل ستحرم أيضا النشء العلمي الواعد فيها من نيل فرصة عادلة للإنتساب إليها، فنهضة شؤونها ومعها شؤون الدولة. لذلك نقول أن بهذا السلوك لن يتحقق - مرة أخرى - سوى ركن مستقبل العلم – كما أشرنا سابقا - في أياد غير مسؤولة أو أمينة، متوسطة الأهلية، تهدد النهضة المرجوة للمؤسسات العلمية، ومن ثم الدولة.
يمكن الخلاصة لما سبق ذكره ، أن التعليم – عموماً - لم يعد رسالة وأمانة تؤدي على أياد أفاضل الأمة، بل باتت عموما مصدراً – لا أقول للترزق – بل لتربح الكثيرين ممن ينتسبون لهذا السلك.
لما كان الأمر كذلك ، كان على الدولة منذ عقود – كما ذكرنا في الحلقة السادسة - دق ناقوس الخطر للحال المعوج القائم في مؤسساتها التعليمية والبحثية، ورفع شأنه لمسألة أمن قومي، للخطر المرتقب منه على مصالحها المؤسسية والوطنية، التي منها نهضتها.
ختاما نود أن نشير إلى أن الأمن القومي في العالم العربي والأفريقي عموما مهدد بسبب تخلف النظم القائمة فيه عن أداء مهامه بالصورة الواجبة. لا بد من التعجل في التصدي لهذا الحال غير المستقيم الساعة، للمصلحة العامة. في ذلك سننصح الحلقة القادمة والأخيرة - بإذن الله - تبني منهاج إصلاحي للعلم والبحوث، مبني على خبرة علمية واسعة في السلك العلمي والبحثي، نسأل الله به لأمتنا وللدول الشقيقة الرفعة والسمو، وما التوفيق إلا من عند الله.
العالم الدكتور/ أحمد الجريسي* ، السيد الطرابيلي** / مدير عام جيولين
* http://www.bgi.uni-bayreuth.de/organization/bgistaff/staffinfo.php?id=128
http://en.wikipedia.org/wiki/El_Goresy
** www.geolin.eu
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.