قال أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أحمد غنيم إن حملة التبرعات التي دعا لها الرئيس عبد الفتاح السيسي، تأتي في إطار حزمة من الإجراءات الإصلاحية، مثل تخفيض حجم الدعم الخاص بالطاقة بالموازنة العامة، وكذلك رفع بعض الضرائب، وبالتالي فإن المقصود في المرحلة الحالية، مواجهة عجز الموازنة, الذي يمثل مشكلة كبيرة للاقتصاد المصري. وأكد غنيم في تصريحات لقناة "الجزيرة" أن حملة التبرعات وحدها لا يمكن أن تكون علاجا لمشكلات مصر الاقتصادية، ولا بد أن تسير باقي الإجراءات المعلن عنها في توقيت واحد، وبجدية في التطبيق. وبشأن التجارب السابقة في هذا المجال, قال غنيم إنه من الضروري أن توضح الحكومة مآلات هذه التجارب, كما يجب عليها أن تجيب على أسئلة من قبيل أين ستضخ التبرعات؟ وما هو حجم التبرع المستهدف لكل مشروع؟ "فمن حق المتبرع أن يعرف مصير المال الذي سيقدمه، أن يرى ثمره في المجتمع. وردا على سؤال عن مدى مساهمة تطبيق الحد الأقصى للدخول في حل مشكلة عجز الموازنة, أكد أن هذا الإجراء قد يناسب بعض الجهات الحكومية، ولكنه من الصعب تعميمه على كافة العاملين بمؤسسات الدولة، خاصة في المؤسسات المالية. وكان السيسي قال إنه سيتنازل عن نصف راتبه وممتلكاته لدعم اقتصاد بلاده، داعيا المصريين إلى تقديم تضحيات من أجل خفض عجز موازنة السنة المالية 2014-2015 والسيطرة على الدين العام. وأضاف السيسي في كلمة بمناسبة حفل تخرج دفعة جديدة في الكلية الحربية في 24 يونيو "أنا أحصل على مرتب الحد الأقصى وهو مبلغ 42 ألف جنيه.. لن آخذ نصفه, وسأتنازل عن نصف ممتلكاتي من أجل مصر". كما أكد أن الحكومة محتاجة لاتخاذ بعض الإجراءات. ولم يكشف عن طبيعة هذه الإجراءات، لكنه شدد على ضرورة وجود "تضحيات حقيقية" من المصريين داخل البلاد وخارجها. وتساءل "هل نقدر أن نجد مساهمة من المصريين في الداخل والخارج ممن هو قادر من دون ضغط ومن دون حرج؟"، مشددا على ضرورة أن تكون هناك "تضحيات حقيقية من كل مصري ومصرية". كما أشار السيسي إلى ضرورة خفض عجز الموازنة وعدم تفاقم الدين العام. ولفت إلى أنه رفض اعتماد الميزانية الجديدة بنسب العجز الواردة فيها، مما يعني توجهه لاتخاذ إجراءات تقشفية. وفي السياق ذاته، أكد وزير المالية هاني قدري دميان أن وزارته تراجع بالفعل الموازنة بهدف خفض العجز. وقال إنه يتوقع خفض مستوى العجز المستهدف في الميزانية إلى 10% في العام المالي القادم الذي يبدأ في أول يوليو من حوالي 12% في العام الحالي. وأصدرت وزارة المالية بيانا يقول إنها ستعدل الميزانية وسيتم إرسالها مرة أخرى للسيسي. وتتضمن خطة الموازنة التي كشفت الحكومة عن ملامحها في مايو الماضي خفضا كبيرا في دعم المواد البترولية، مع نمو اقتصادي مستهدف بنسبة 3.2% وعجز كلي متوقع بنسبة 12% من الناتج المحلي الإجمالي. كما تتضمن زيادة الإيرادات الضريبية من خلال فرض ضريبة مؤقتة لمدة ثلاث سنوات على دخل الأثرياء والشركات الذين يزيد دخلهم السنوي عن مليون جنيه، إضافة لفرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية في البورصة وعلى التوزيعات النقدية بمقدار 10%. ويرى خبراء اقتصاديون أن دعوة السيسي للتبرع لا يمكن أن تكون علاجا لمشكلات مصر الاقتصادية، في ظل غياب خطة حكومية لإصلاح حال الاقتصاد. كما أن المبادرة التي حملت عنوان "تحيا مصر" جاءت - بحسب هؤلاء الخبراء- غير مقترنة بمشروعات معينة ستوجه إليها التبرعات وكل ما يعرف عنها حساب بالبنك المركزي، وأن الجيش صاحب أكبر تبرع إلى الآن بمبلغ مليار جنيه مصري، ثم تعهدات من قبل رجال أعمال.