الصاغ محمود لبيب وكيل جماعة الاخوان المسلمين يعرف الجماعة بأنها جماعة من المسلمين تعاهدوا على العمل بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتربية جيل جديد من الشباب يؤمن بتعاليم الاسلام ويعمل على صبغ الأمة بالصبغة الاسلامية ، وذلك حتى يمكن تحرير الوطن الاسلامى من أى أثر للاحتلال الأجنبى ومن أهدافهم توحيد كلمة المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها وقيام الحكم الاسلامى المستند الى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بتوحيدها على فكرة الاسلام وتتعاون فى جميع المجالات . هذه كانت جماعة جمال عبد الناصر عندما قيل له : يا جمال اننا انضممنا للاخوان على أساس مبادئهم التى اقتنعنا بها وهى أن يكون الحكم بكتاب الله وسنة نبينا ، فقال اطمئن فمادام زمام الأمور سيكون فى يدنا فسوف نحكم بالقرآن ان وفقنا الله فى الاستيلاء على السلطة فى مصر . لا مقارنة تذكر بين رجل مقتنع بالفكرة ويسعى للهدف ثم ثار خلاف وفراق سياسى ، وآخر متربص بالكيان ، وفقط يتحين الفرصة للانقضاض . عبد الناصر الذى آلت اليه قيادة الاخوان بعد مقتل البنا ودخول السندى المعتقل بعد ضبط العربية الجيب هو الذى شرع فى تشكيل تنظيم الضباط الأحرار داخل الجيش مؤلفاً من عدة تنظيمات وخلايا سرية ، فالثورة كما يعتقد أكبر من أن ينجزها تنظيم واحد مهما بلغت قوته ، وكذلك كانت رؤيته فى الحكم ، أما السيسى فلا وجود لشئ اسمه الاخوان البتة بمجرد انتخابه رئيساً كما ذكر فى حواره مع ابراهيم عيسى – كدا - . بعد حله للجماعة اثر الصراع السياسى مع الهضيبى أراد عبد الناصر أن يطمئن الناس وشباب وقيادات الاخوان أنه ليس فى خصومة مع الاسلام وأنه فقط فى صراع سياسى مع الهضيبى ، وليس صراعاً دينياً ، فتوجه بعد أيام من اصداره لقرار الحل – الثانى - الى قبر الشيخ حسن البنا ، وخطب أمام القبر أنه لم يكن أبداً نقيضاً للاسلام وليس لديه ما يدعو اليه غيره وأنه جندى مخلص من كتائب الدعوة الاسلامية والنهوض بأوطانه . وأثنى عبد الرحمن البنا على هذه الخطوة التاريخية قائلاً : " ان مجيئك هنا يؤكد زعامتك لهذه الأمة وانتماءك الصححيح لدينها الحنيف واخلاصك غير المنقوص للدعوة اليه " . وبذلك سحب البساط من تحت أقدام خصمه السياسى اللدود حسن الهضيبى ، ومحا الأثر السيئ لقراره حل الجماعة ، والسيسى يصنع من المرشد والقيادات أبطالاً ، وقرارات وأحكام وتصرفات وقرارات وتشنجات تزيد الاحتقان وتعطى مؤشرات سلبية بأن هناك أبعاداً أخرى للصراع . عبد الناصر أفرج عن الهضيبى وزاره فى بيته ليطيب خاطره ويعتذر له ، وهنا عصف بالجميع واعدامات بالجملة وسعى صارم لا يلين للتخلص من الاخوان ومرشدهم . عبد الناصر يقص على مصطفى السباعى وقائع العلاقة بينه وبين الاخوان وملابسات الخلاف مع الهضيبى وصولاً الى حادث المنشية وما جرى بعده ، وحينما انتهى من قصته قال له السباعى ان الوحدة العربية عندى هى عودة الروح للاسلام وألتمس منك وقد تفضلت بزيارتى أن أخرج معك الآن لنزور قبر صلاح الدين لتقول على القبر نقيض ما قاله غورو القائد الفرنسى حين دخل دمشق مع قواته " ها قد عدنا يا صلاح الدين " . وألقى عبد الناصر خطابه أمام قبر صلاح الدين: " لقد قامت فى الشرق دولة لا شرقية ولا غربية تحمى ولا تهدد تصون ولا تبدد ، تشد من أزر الصديق وترد كيد العدو " ، وعندما تغضب هذه المواقف البعثيين والشيوعيين ، الآن يفرحون ويتشفون بالحرب على الاسلاميين واعدام قياداتهم وانهاك قواهم والتضييق عليهم سياسياً ودعوياً . نصح السباعى الاخوان فى مصر بالتعاون مع عبد الناصر مؤكداً لهم أنه اذا ضاع عبد الناصر فلن تعوضه الحركة الاسلامية وأن خلافهم معه لا مبرر له خاصة أن كل ما يقوم به يصب فى اطار الشريعة الاسلامية ولا يخرج عنها وأنه من غير المقبول ولا المعقول أيضاً أن يكون الاخوان المسلمون مع الصهاينة والغرب والشيوعيين فى صف واحد ضد عبد الناصر وضد الوحدة بحجة أن القومية العربية نقيض الوحدة الاسلامية . يرفعون فى الشوارع اليوم صورة السيسى برفقة صورة عبد الناصر ، بالفعل عندهم كل الحق فى ذلك ، فهو مشهد يذكر بنصيحة السباعى أن الحركة لن تعوض عبد الناصر ، وجاء الوقت الذى ندرك فيه كم كان الزعيم الراحل محنكاً حنوناً كريماً ورحيماً .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.