إذا كان وجود القنوات الاسلامية في الماضي يمثل واجبا شرعيا لتعريف الناس بدينهم، ووصلهم بربهم سبحانه وتعالي، من خلال تعليمهم الآداب ،والأخلاق، والواجبات والحقوق،"مالهم وما عليهم" وذالك من منطلق شرعي، فانه وبعد ثورة الحريه والكرامه وتنوير خطابها وتغييره عما قبل الثورة يتحتم شرعا وواجبا وطنيا وجودها الان ، وذلك لما لها من دور صادق وبارز في معالجة الاحداث وخاصه في هذه الايام مقارنة بالاعلام الآخر حيث يبرز في معظمه التعصب والتشنج في الخطاب الاعلامي والشلليه وربما ادي ذالك الي التطرف . وتبرز أاهمية وجود القنوات الاسلامية علي الساحة الاعلامية المصرية خاصة في هذه الفترة الحرجة التي نعيش فيها في انها تقدم علي قدر استطاعتها اعلاما خاليا من إثارة الفتن والشبهات، فلا تضع خطوطا حمراء كالتي كانت مفروضه عليها في الزمن الماضي، ومتحررة من كل القيود التي لطالما كانت مكبلة بها في السابق ، هذا وفضلا عن بعض المراجعات التي احدثتها التطورات والثورة المصرية في خطابها الاعلامي من حيث الخوض في كل الملفات، وتقديم رؤية وتحليل للمواقف والاحداث والاخبار، ومعالجتها بشفافية وتجرد، وبنظرة واقعيه بعيده عن التشنج والعصبية ،وكذلك تمسكها بثوابت الشعب المصري المتدين بطبيعته، وانها القادرة علي ربطه بمرجعيته الاسلاميه التي لايريد الانفكاك عنها ابدا رغم محاولات البعض ابعاده عن هويته وثقافته وتغيرهما بما لايتناسب مع تربيتة الاسلامية . وهذا التحول في الخطاب الاعلامي لتلك القنوات كان له صدي في الشارع المصري فأصبحت اكثر نضارة وقبولا عن ذي قبل، وكذالك بفضل برامجها الحوارية وضيوفها علي اختلاف انتماءاتهم ، فكانت هذه المراجعات وغيرها نتيجة إدراك القائمين علي تلك القنوات مدي خطورة هذه المرحله التي نحن بصددها الان فاستبقوا في أن يقدموا للناس ما ينفعهم ويصلح حياتهم وياخذ بايديهم الي النجاة ومن ثم التقدم والرقي وهذه هي وطيفه الاعلام الاساسية ، ومن وجهه نظري فان كثيرا من القنوات الخاصة الأخرى، وربما الرسمية أيضا قد حادوا عن الطريق الصحيح الذي يجب ان يسلكه الاعلام الحر والنزية وذلك لكي يحققوا اهدافهم من تقويض الثورة ولانهم قد تلوثت ايديهم بخطايا النظام السابق بل وكانوا جزءا منه ولم يكتفوا بذلك فقط بل وكانوا احد اسباب الاحتقان والفتنه والشغب الذي يحدث في الشارع المصري في هذه الآونة ، ولم يقم احد بدورة المنوط به بعد الثورة من تثديم اعلام مسؤول يقوم علي الصدق والامانة ويراقب الله سبحانه وتعالي فيما يقوم بتقديمه للناس ويحارب كل من يثير الفتن والقلاقل سواء من الداخل او من الخارج ، وهذا ما أشار اليه المشير حسين طنطاوي في كلمته اما جموع الشرطة . فما قام احد بدوره غير الاعلام الاسلامي متمثلا في القنوات الاسلامية والصحف التابعة لبعض المنتمين الي التيار الاسلامي، ومما يبرهن علي هذا الكلام ان معظم القائمين علي هذه القنوات والصحف اصحاب خلق وتدين ويدركون مدى تاثير الكلمة في الناس ويراقبون الله سبحانه وتعالي ويراعونه في انفسهم وما يقدمون، وذلك لعلمهم بانهم سيحاسبون يوم القيامة علي الصغير والكبير ومسؤولون عن الفتيل والقطمير ويؤمنون بقوله تعالي"مايلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" ،ومما يدلل علي انهم يقومون بواجبهم بحق ويسلكون في سبيل ذلك الطريق الصحيح علي اجتهادهم هو انهم يتخذون هذه القنوات كمنافذ للدعوة الي الله بالحكمة والموعظة الحسنة فتراهم يقومون بتقديم واجبات تعليمية وتثقيفية ونصائح غالية تقوم علي غرس القيم النبيلة والاخلاق الحميدة في المجتمع المصري خاصه والمجتمع العربي والاسلامي عامه فخطابهم للناس أجمعين كما هي دعوة سيد المرسلين محمد صلي الله عليه وسلم . ومما يبعث علي السعادة والسرور ويبشر بالامل والتفاؤل بمستقبل تلك القنوات، وانه سيكون لها دور أكثر تاثيراً، وأوسع انتشارا، انها تمتلك كودار اعلامية وادارية قادرة علي مواكبه الاحداث والتطورات الجاريه والتفاعل معاها بحكمة بالغه وكفاءة عاليه ،ورغم كل ماذكرناه وغيره من أمور رائعة فان علي القائمين علي هذه القنوات الاسلامية مراعاة الواقع والاولويات وادراك مايلي: اولاً: انه يقع علي عاتقهم مسؤولية كبيرة تجاه شعبهم وتتمثل في الاهتمام بالتوعية والارشاد الي الصواب ونشر الثقافة الصحيحة القائمة علي تقديم الحق ونبذ الباطل والتحذير منه ايا كانت النتيجة التي ستترتب علي هذا العمل وكذلك التركيز علي التربية الاسلامية ونشر الاسلام الصحيح الذي جائنا به رسول السلام محمد صلي الله عليه وسلم. ثانيا: يجب عليهم ان لا يتراجعوا عن خطابهم الاعلامي الذي انتهجوه بعد الثورة بل يطوروه في الاطار الصحيح ويتقدموا الي الامام ولايعودوا الى ما قبل الثورة تحت اي ظرف من الظروف ويجب عليهم ايضا ان يسعوا الي ان يكونوا في مقدمة الركب فهذا هو مكانهم الطبيعي فان هذه القنوات وما تقدمه من فهم صحيح وحق صُراح قادرة علي اخراجنا من كبوتنا بسلام وأمان. ثالثا: يجب عليهم ان يتفهموا انهم لا يخاطبون طائفة واحدة او فصيلا منفردا بعينه بل هم يخاطبون شعوبا بأكملها بها العديد من الطوائف والكثير من الفصائل علي اختلاف توجهاتهم وتنوع ثقافاتهم واظن انهم قادرون علي مخاطبة الجميع والتاثير فيهم ماداموا يلتزمون بالثوابت ويتخاطبوا باسلوب لا يبعث علي التعصب والتشرذم. واخيرا:اوصي هؤلاء الافاضل بان لاينساقوا وراء الاستفزازت والحملات المغرضه التي يشنها الحاقدون علي كل ماهو اسلامي وان يعالجوا الامور بكل تجرد. وفق الله الجميع لما يحب ويرضي ،وحفظ الله مصر وراعي أمنها وسلامتها.