بكام الشعير والأبيض؟.. أسعار الأرز اليوم الإثنين 5 مايو 2025 في أسواق الشرقية    انفجار الوضع في السويداء مجددا.. اشتباكات وقصف بالهاون    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ المشروع السكني "ديارنا" المطروح للحجز حاليا بمدينة بني سويف الجديدة    سعر الذهب في مصر اليوم الاثنين 5-5-2025 مع بداية التعاملات    ترامب: سنفرض تعريفات جمركية بنسبة 100% على الأفلام المنتجة في الخارج    القنوات الناقلة لمباراة الزمالك والبنك الأهلي مباشر في الدوري    هل يشارك زيزو مع الزمالك في مواجهة البنك الأهلي الليلة؟    أوهمها بحبه وحملت منه فطعنها 7 طنعات.. كشف غموض مقتل فتاة في الفيوم    العظمى في القاهرة 28 درجة.. «الأرصاد» تكشف حالة الطقس اليوم الاثنين 5 مايو 2025    لاعب الأهلى حسام عاشور يتهم مدرسا بضرب ابنه فى الهرم    عدد حلقات مسلسل أمي، تعرف على التفاصيل    قصور الثقافة تواصل عروض المهرجان الختامي لنوادي المسرح 32    الأمم المتحدة ترفض خطة إسرائيلية بشأن المساعدات إلى غزة    «المصرى اليوم» تحاور المكرمين باحتفالية «عيد العمال»: نصيحتنا للشباب «السعى يجلب النجاح»    «يا خلي القلب» و«أيظن».. الأوبرا تحيي ذكرى رحيل عبد الوهاب على المسرح الكبير    الدولار ب50.68 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الاثنين 5-5-2025    هل عملية إسرائيل الموسعة في غزة مرهونة بجولة ترامب في الشرق الأوسط؟    15 شهيدا و10 مصابين إثر استهداف إسرائيلى لثلاث شقق سكنية غربى مدينة غزة    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الاثنين 5 مايو    رويترز: ترامب يدرس تعيين ستيفن ميلر مستشارا للأمن القومى    أشرف نصار ل ستاد المحور: توقيع محمد فتحي للزمالك؟ إذا أراد الرحيل سنوافق    لا أستبعد الخيار العسكري.. ماذا قال ترامب عن ضم جزيرة جرينلاند؟    زوج شام الذهبي يتحدث عن علاقته بأصالة: «هي أمي التانية.. وبحبها من وأنا طفل»    عمرو دياب يُحيى حفلا ضخما فى دبى وسط الآلاف من الجمهور    زي الجاهز للتوفير في الميزانية، طريقة عمل صوص الشوكولاتة    تفاصيل اتفاق ممثل زيزو مع حسين لبيب بشأن العودة إلى الزمالك    تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين أولى.. دار الإفتاء توضح    ادعى الشك في سلوكها.. حبس المتهم بقتل شقيقته في أوسيم    وكيل صحة شمال سيناء يستقبل وفد الهيئة العامة للاعتماد تمهيدًا للتأمين الصحي الشامل    ردا على نتنياهو، الحوثيون: إخطار منظمة الطيران واتحاد النقل الجوي بقرار الحظر الجوي على إسرائيل    رئيس محلية النواب يستنكر فكرة تعويض المستأجرين بمساكن بديلة    مبادرة «أطفالنا خط أحمر» تناشد «القومي للطفولة والأمومة» بالتنسيق والتعاون لإنقاذ الأطفال من هتك أعراضهم    المعارضة الإسرائيلية: جماعات تشجع اليهود المتدينين على التهرب من الخدمة العسكرية    لهذا السبب..ايداع الطفلة "شهد " في دار رعاية بالدقهلية    بعد تعرضه لوعكة مفاجئة.. تطورات الحالة الصحية للفنان صبري عبدالمنعم    التحريات تكشف ملابسات وفاة شاب إثر سقوطه من الطابق الرابع    محظورات على النساء تجنبها أثناء الحج.. تعرف عليها    مصرع شخص وإصابة 7 في مشاجرة طاحنة بقرية نزلة حسين بالمنيا    صراع ثنائي بين ليفاندوفسكي ومبابي.. جدول ترتيب هدافي الدوري الإسباني    أول تعليق رسمي من جامعة الزقازيق بشأن وفاة الطالبة روان ناصر    انتهاء الورشة التدريبية لمدربى كرة القدم فى الشرقية برعاية وزارة الرياضة    محمود ناجى حكما لمواجهة الزمالك والبنك الأهلى فى الدورى    مجلس الشيوخ يناقش اقتراح برغبة بشأن تفعيل قانون المسنين    أمين الفتوى يوضح حكم الميت الذي كان يتعمد منع الزكاة وهل يجب على الورثة إخراجها    قداسة البابا يلتقي مفتي صربيا ويؤكد على الوحدة الوطنية وعلاقات المحبة بين الأديان    جودي.. اسم مؤقت لطفلة تبحث عن أسرتها في العاشر من رمضان    «مكافحة نواقل الأمراض»: عضة الفأر زي الكلب تحتاج إلى مصل السعار (فيديو)    قصر العيني: تنفيذ 52 ألف عملية جراحية ضمن مبادرة القضاء على قوائم الانتظار    ما هي محظورات الحج للنساء؟.. أمينة الفتوى تجيب    هل يجوز التعاقد على شراء كميات محددة من الأرز والذرة قبل الحصاد؟.. الأزهر للفتوى يجيب    برج الميزان.. حظك اليوم الإثنين 5 مايو: قراراتك هي نجاحك    فرع محو الأمية بالإسماعيلية يفتتح دورة لغة الإشارة بالتنسيق مع جامعة القناة    «في عيدهم».. نائب رئيس سموحة يُكرّم 100 عامل: «العمود الفقري وشركاء التنمية» (صور)    على ماهر يعيد محمد بسام لحراسة سيراميكا أمام بتروجت فى الدورى    مساعد وزير الصحة ووكيل صحة سوهاج يتفقدان مستشفى ساقلته    مجلس جامعة الأزهر يوجّه توصيات مهمة بشأن الامتحانات    البابا تواضروس الثاني يلتقي أبناء الكنيسة القبطية في صربيا    جامعة القاهرة تصدر تقريرها الرابع للاستدامة حول جهودها في المجال الأكاديمي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة المصرية وتعارف الحضارات
نشر في المصريون يوم 23 - 05 - 2011

(1) دعانى الدكتور صلاح الدين الجوهري مشكورا للمساهمة بورقة بحث فى مؤتمر تعارف الحضارات الذى أَشرف على تنظيمه، وكان مقررا أن يتم عقده فى مكتبة الاسكندرية يوميْ 18و 19 من هذا الشهر(مايو2011) ولولا وجودى بعيدا عن مصر فى تلك الفترة، لكنت قد سعدت بالاستجابة إلى دعوته الكريمة.
لكنى تابعت أعمال المؤتمر عن بُعد.. وخلال متابعتى كانت تتأكد عندى فكرة أن الثورة المصرية قد فتحت الباب واسعا على تعارف الحضارات، وقد كانت هذه الفكرة أول ما خطر ببالى كموضوع بحث للمشاركة فى أعمال المؤتمر ..
ولا بد أن أنوّه إلى أن رائد فكرة تعارف الحضارات هو المفكرالأستاذ زكى الميلاد، الذى قام بتحليل فكرة حوار الحضارات واكتشف عقمها وفشلها على المستويين النظري والعملي، ورفض فكرة صدام الحضارات لصمويل هانتنجتون لأنها تكرّس العنصرية والعنف والتباغض بين الشعوب.. ونعلم من كتاباته السابقة أنه اهتدى إلى فكرة تعارف الحضارات من تأمله العميق فى سورة الحجرات وعلى الأخص الآية الثالثة عشرة: "يأيها الناس إن خلقناكم من ذكر وأنثى وحعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا..."
ثم ذهب يحلل الآية القرآنية الكريمة ويطوّر فكرته عن "تعارف الحضارات" فى جهد فكري مبدع ليؤكّد أن ما تفتقر إليه الشعوب، و ما يدفعهم إلى التصادم والعنف أكثر من أى شيء آخر هو جهلهم بعضهم ببعض، وأن ما ينقصهم فى حقيقة الأمر هو التعارف، أن يعرف بعضهم البعض الآخر، وأن ويفهم مقوّمات حضارته ويتقبلها على ماهى عليه، خاصة وأنه لا حظ فى عملية حوار الحضارات كثيرا من الجدل العقيم ومحاولة بعض الأطراف التى ترى فى حضارتها تفوقا أن تفرض هذه الحضارة على الآخرين، ومن ثم برزت فكرة العولمة لتختذل الحضارات كلها إلى حضارة واحدة تسود الجميع وتلغى الخصوصيات الثقافية التى تتميز بها الشعوب المختلفة.. وهذا ما ترفضه الفكرة القرآنية للتعارف الحضاري، التى تؤكد الأصل الواحد لجميع البشر وأن التفاضل ليس باللون أو الجنس أو المعتقد، وإنما بالتقوى وهو معيار ليس لأحد من البشر أن يملك الحكم به على الآخرين، وإنما هو من خصوصيات الألوهية فالله وحده هو الذى يملك ميزان التقوى و هو وحده الذى يحاسب عليها.. أما البشر فليس لهم إلا مايظهر من سلوك الناس وتصرفاتهم و أخلاقهم كما تبدو فى معاملاتهم بعضهم مع بعض...
(2) لم يكن تحقيق فكرة تعارف الحضارات ممكنا من الناحية العملية قبل الثورة المصرية فى 25يناير 2011.. ولم يكن أحد ليحلم بأن يشهد إرهاصات تحقّقها فى الواقع قبل عقود من النقاش.. ولكن عبقرية الثورة المصرية قرّبت البعيد.. وحققت ماكان فى عداد المستحيل؛ فكما استطاعت أن تطلق قوى التحرر الكامنة فى الشعب المصري، استطاعت فى الوقت نفسه أن تمزق الستار الذى كان يحجب الرؤِية الصحيحة عن عقول المجتمعات الأخرى فى العالم، وعلى الأخص فى البلاد الغربية والولايات المتحدة الأمريكية من بينها...
وليس هناك أبدع فى تصوير هذه الحالة المعرفية الفريدة المفاجئة من الآية القرآنية: [ لقد كنتَ فى غفلةٍ من هذا فكشفنا عنك غِطاءَك فبصرُك اليومَ حديد] فهذه الآية تصور انكشافا للحقيقة مفاجئا مبهرا، بل أقول صادما أيضا؛ لأنه يجيء على غير توقع من الإنسان، مزلزلا لكل معتقداته السابقة التى ترسّخت فى عقله عبر سنوات عمره كلها، حتى أصبحت هى مرجعيته فى تشكيل مواقفه وسلوكه ومشاعره، وحتى فى تفسير الوقائع والأحداث التى يصادفها خلال خبراته وتجاربه اليومية.. ثم ينهار ذلك كله فى لحظة واحدة كلمح بالبصر..
فى مثل هذه الحالة الإنسانية الفريدة التى يسقط فيها حاجز الرِؤية العقلية لا تتعرض معتقدات الإنسان السابقة لمجرد الشك فحسب وإنما للنّبْذ المصحوب بمشا عر الندم والإثم، على أن الإنسان قد ضيّع شطرا من حياته أسيرا لخرافةٍ اطمأنّ إليها ومنحها تصديقا وقداسة لا تستحقّها..
هذا الانقلاب المعرفي المصحوب بمشاعر الإثم والندم تدفع الإنسان إلى التعبير بقوّة عن موقفه الفكري الجديد كأنه يعتذر عن خطأٍ جسيم ما كان يصحّ له أن يقع فيه.. ويبقى محتفظا به كل هذا الزمن دون أن يضعه لحظة وحدة موضع تساؤل...!
(3) أضيف إلى هذه الحقيقة حقيقة أخرى، تتصل بخصوصية فى الإدراك المعرفي للإنسان الغربي الذى يتأثر بالصورة المنشورة كقوة ذات تأثير سحري فى تشكيل الأفكار والمشاعر، حتى ليمكن القول بلا مبالغة أن الصورة فى الخريطة المعرفية هى الحقيقة، وأن الحقيقة بلا صورة هى لا شيء..
وقد عبّر عن هذه الفكرة صحفي أمريكي، بعد جلسة نقاش حول القضية الفلسطينية، علّق بقوله: لقد بدأت أفهم الآن مدى ما يعانيه الفلسطينيون من الاحتلال الإسرائيلي، خصوصا بعد اطّلاعى على هذا العدد الكبير من الصور ذات الدلالة على وقائع وأحداث لم نشهدها على شاشات التلفزة الأمريكية.. هذه قضية عادلة ولكن الناس فىى الغرب لم يشهدوا هذه الصور، ولذلك لا يمكن أن يفهموا القضية على وجهها الصحيح.. فلما سُئِل: بم تفسّر هذا..؟ قال بكل بساطة: "لأن الناس تكيفوا على أن يفهموا الواقع من خلال الصورة ، فالصورة هى اللغة الحديثة التى يمكن بها أن تتحدّث إلى هؤلاء الناس وتقنعهم بقضيتك، وما لم تحسن استخدام الصورة فإن قضيتك عندهم خاسرة لا محالة...!"
(4) وتطبيقا على الثورة المصرية نستطيع أن نؤكد أن الصورة كانت عاملا حاسما فى نقل ثورة الشعب المصري إلى أبصار وعقول مئات الملايين من البشرفى كل مكان على وجه الكرة الأرضية، فقد كانت صورة حشود الشعب المصري حاضرة على أوسع نطاق، صباح مساء بلا انقطاع على شاشات التلفزة العالمية، و قد استمر هذا الحال على مدى ثمانية عشر يوما، وكان هناك تسابق محموم ومنافسة بين الفضائيات على متابعة أخبار هذه الثورة، والتركيز على تطوراتها بتفصيل مكثف، لحظة بلحظة، وظلت صورة ميدان التحرير بملايينه المحتشدة موضع اهتمام البشر من الصين إلى كاليفورنيا ومن أقصى شمال القارة الأوربية إلى أقصى جنوب أستراليا ونيوزيلندة.. حتى أصبح ميدان التحرير ملحمة أسطورية، يتردّد نطقه العربي على كل الألسنة بين مختلف شعوب العالم..
فى هذه الفترة شهد العالم أمام عينيه شعبا يثور على الدكتاتورية والاستبداد، يرفض العبودية، ويهتف للحرية والديمقراطية، ويصر على أسقاط النظام القمعي. يواجه عنف قوى الأمن التى تطلق الرصاص الحي ببسالة نادرة، وظل صابرا محافظا على أسلوبه السلمي ورباطة جأشه حتى سقط الدكتاتور وتمزّقت قواته الأمْنِيّة..
لقد رأى العالم حرص المصريين خلال الثورة على أداء الصلاة فى أوقاتها واصطفافهم بالآلاف والملايين، وكيف قام المسيحيون بأداء قدّاسهم فى حماية إخوانهم المسلمين.. ورأوْا كيف كان شباب الثواررجالا ونساء ينظفون الشوارع من المخلفات التى تركها مئات الآلاف من المتظاهرين و المعتصمين .. ورأوْا كيف نظّم الشباب أنفسهم بعد سقوط قوات الأمن واختفائها من الشوارع فى مجموعات لحراسة البيوت والمنشآت العامة وتنظيم المرور، وكيف تعاونوا على ذلك فى أداء حضاري منظم ورائع..
كانت الصورة هى الأداة الأساسية فى التعبير عن الواقع.. وهكذا تحدّثت الثورة المصرية إلى شعوب العالم باللغة الوحيدة المشتركة التى لا يمكن أن تكذب، ولا يمكن تأويلها، فهى لغة مباشرة لا تحتاج إلى وسيط .. إنها لغة الفطرة الأصلية التى يفهمها كل البشر..
(5) لم تُسقط الثورة المصرية إذن الدكتاتورية فى مصر فحسب، وإنما أسقطت الغشاوة عن أعين العالم الذى كان يرى المصريين والعرب والإسلام والمسلمين من خلال نظارات سوداء، صنعتها لهم بإحكام قوى الإمبريالية والصهيونية العالمية ليروْا من خلالها صورة مزوّرة لشعوب همجية متخلّفة كارهة للثقافة وللحضارة الغربية والقيم الإنسانية، حاقدة تميل إلى العنف والإرهاب، وتخنع للعبودية، ولا تؤمن بالتسامح والتعايش السلمي مع بقية البشر..
من هذا المنطلق بدأ تيار جديد يشق كتلة الثقافة الغربية التقليدية، بأفكارها النمطية المْقَوْلَبَةِ عن الإسلام والمسلمين، ليضعها فى دائرة الشك و يحاول بناء مفاهيم جديدة، وتشكيل مواقف تتناسب مع هذه المفاهيم.
ولا شك أن فى هذا إشارة واضحة الدلالة على أن هناك تغييرا لا يمكن الاستهانة به فى اتجاه إعادة النظر نحو الآخر، ورغبة فى التعرف عليه من حيث هو ماهو عليه، لا من خلال القوالب النمطية التى سادت الفكر الغربي خلال فترة سابقة ، وهى إشارة واضحة أيضا على أن هناك رغبة فى إنشاء علاقات سوية فى المستقبل مع الآخر.. وفى هذا اعتراف ضمني بأن العلاقة السابقة كانت غير سوية، ولابد من تصحيحها، وهذا هو ما تستهدفه فلسفة تعارف الحضارات، فى مجال التطبيق..
ولقد عرضت فى مقالات سابقة نماذج من كتابات غربية فى هذا الاتجاه، كما عرضت نتائج مؤتمر هام انعقد تحت قبة البرلمان البريطاني لدراسة أثر الثورة العربية فى العالم.. أما كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن (SOAS) فقد قامت خلال الشهور الثلاثة الأخيرة بتنظيم عدد من الندوات والمحاضرات عن الثورات العربية والمصرية بصفة خاصة، حرص منظموها من الأساتذة والطلاب على استدعاء شهود عيان من الشباب الذين فجّروا الثورة وتابعوها فى قلب ميدان التحرير، للإدلاء بشهاداتهم وأفكارهم .. وقد تناولتْ هذه الأنشطة الأبعاد المختلفة والآثار المتوقعة فى المستقبل على السياسات والعلاقات، بين العرب من جهة وبين العالم وإسرائيل من جهة أخرى..
(6) وخلاصة الأمر أننا بصدد نماذج عملية للتعارف الحضاري بدت إرهاصاتها تتجلى فى كلام وكتابات وسلوك فى شتى البلاد الغربية، ويستطيع كل مراقب أن يلمس وجود تيار فكري قوي للتعارف الحضاري قد بدأ يشق طريقه بقوة فى خضم الموروث الثقافي الغربي المتراكم على مر العصور، والمعادى بطبيعته للإسلام والمسلمين، هناك بالتأكيد عملية مراجعة للأفكار والمواقف الغربية التقليدية تجاه الحضارة الإسلامية وتجاه المسلمين.. فقد ظلّ الإسلام مصدرا للهواجس والقلق وموضع ريبة واتهام فى الغرب، وقد تبلورت هذه الحالة المرضية فيما يعرف بالإسلاموفوبيا.. والحرب على الإرهاب..
والآن وقد أسقطت الثورة هذه الهواجس فإننى أرى إن إصرار الشعب المصري والشعوب العربية على تحقيق حريتها كاملة والسير الحثيث لبناء أنظمة ديمقراطية حقيقية، هو أكبر دعم للتعارف الحضاري بيننا وبين الشعوب الغربية..
وفى الوقت نفسه لا يمكننا أن نتجاهل أن ثمة عوامل تثبيط وإعاقة تحول دون تحقيق التعارف الحضارى بين شعوب الأرض، تدعّمها قوى بعينها، لأن فكرة التعارف الحضاري تتعارض مع أيديولوجية هذه القوى، القائمة على العنصرية والأنانية والرغبة فى السيطرة ونهب ثروات العالم، واستعباد شعوبه فى الشرق وفى الغرب على السواء.. ويجب على كل من يعمل فى مجال تعارف الحضارات أن يفهم حقيقة هذه العوامل والقوى المضادّة.. وهو ما نحاول الكشف عنه فى مقالات لاحقة إن شاء الله..
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.