كتب ستيفن كوك -خبير شؤون الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية بواشنطن- أن الرئيس عبد الفتاح السيسي قال خلال حملته الانتخابية في حوار تلفزيوني أنه يتمنى لو أنه كان مثل الرئيس الراحل عبد الناصر، وعلق كوك أن السيسي لا يشبه أيا من الرؤساء السابقين لمصر. وفي مقال على موقع مجلة الفورين أفيرز، قال الكاتب إنه "كان من الواضح للجميع أن استمرار السيسي كوزير للدفاع لا كرئيس وضع أفضل كثيرا، فهو محاصر بمطالب المصريين، في ظل اقتصاد منهار، وسعي جماعة الإخوان لتجريده من الشرعية، ومقاومة لحكمه داخل جهاز الدولة". ويرى الكاتب أن السيسي لم يتمكن من الفوز بإجماع المصريين "إلا ما تروج له وسائل الإعلام الموالية له، التي سعت إلى تشكيل أغلبية مصطنعة بعد أن شارك 38% فقط من الناخبين في الاستفتاء على الدستور". ويضيف أن انتخابات الرئاسة –رغم الفوز الساحق للسيسي بها بنسبة 96%- لم تحقق الإجماع المنشود بعد أن شارك فيها 47% من الناخبين رغم مد التصويت ليوم إضافي والتهديد بتغريم من لا يشارك. ويشير الكاتب إلى أن عبد الناصر واجه مشكلة مشابهة للفوز بالإجماع "لقي فيها المصريون صعوبة خلال سنين حكمه الأولى في فهم مواقف رئيسهم الزئبقية المتغيرة، واحتاج لمحاولة اغتيال لخلق أسطورته ولتدعيمها بتأميمه قناة السويس". ويقول الكاتب إنه أقل احتمالا الآن أن "يقاد المصريون بالخوف لعبادة الفرد". ويرى الكاتب أن حكم السيسي ربما يكون أقرب –مع الفارق التاريخي- لحكم إسماعيل صدقي "بالقبضة الحديدة" في الثلاثينيات من القرن الماضي، في أعقاب الكساد العالمي الكبير، حين واجه إضرابات عمالية واحتجاجات في الشارع وعدم استقرار سياسي، وتجاهل الدستور. ويرى الكاتب أن ما يصفه بنسبة التصويت المنخفضة دون الإجماع "تقوض ما يعتقده مؤيدو السيسي بأنه الوحيد الذي يمكنه تحقيق الاستقرار وإنهاء الفوضى السياسية وإصلاح الاقتصاد". ويقول إن السيسي يواجه اختيارا، "حيث يمكنه معرفة أن العالم تغير وأن الولع به كان وهما، وأن نتيجة الانتخابات تبين صعوبة استعادة النظام القديم وضرورة السعي نحو حكم يشمل الجميع لتحسين فرصته في توحيد مصر من جديد"، لافتا إلى فشل الرئيس الأسبق مرسي في الحكم ونهاية فترته القصيرة في قصر الرئاسة بالاتحادية بعد أن تجاهل معارضيه. ويرى الكاتب أن التحديات التي يواجهها السيسي تجعل من المحتمل أن تكون استجابته لها مثل سابقيه، "مؤدية أيضا لما أدت إليه سياساتهم؛ نشأة الضباط الأحرار بدرجة ما كنتيجة لسياسات صدقي، وملايين في الشوارع تطالب بإسقاط مبارك نتيجة سياساته التي استخدم فيها أدوات استبداد ورثها من ناصر والسادات...في مصر، يبدو المستقبل كثيرا مثل الماضي". ويرى الكاتب أنه قد لا يكون من العدل التساؤل الآن عن موقع السيسي في التاريخ السياسي لمصر، وقد حلف اليمين لتوه. ويضيف أن العام الماضي يبين كثيرا من رؤية السيسي، ولو أسفرت رئاسته عن شئ قريب من الفترة الانتقالية فإن التاريخ سيتعامل معه على أفضل تقدير بعدم يقين.