يخطئ كثيراً من يطلق أسم السفليين على فصيل واحد دون غيره من الفصائل الاسلامية ، فكل المسلمين سلفيون بالضرورة ، بل أن كل التيارات واصحاب الدعوات السياسية سلفيون ايضاً ، فكل من نادى باتباع رأي السلف فهو سلفي .. فالماركسيون سلفيون لأنهم ينادون باتباع رأي ماركس وانصاره من مفكري الماركسية وهكذا الناصريون والليبراليون وغيرهم من دعاة العودة الى اراء السلف قبل اتخاذ خطوة الى الامام . • ليست السلفية إذن اسماً لفصيل واحد من المسلمين فكل المسلمين بمختلف فصائلهم سلفيون " ملة ابيكم ابراهيم هو سماكم المسلمين من قبل " .. " ان هذا لفي الصحف الأولى صحف ابراهيم وموسى " • أي ان الاسلام ليس هو الدين الذي انزله الله على نبيه محمد فقط ، بل هو الذي انزله على كل الانبياء من قبل .. والنبي الوحيد الذي نجا من السلفية هو أبونا آدم .. لأنه كان ابا الخلق والخليقة ولو كان من نبي قبله لكان آدم سلفياً مثلنا جميعاً .. أنبياء وتابعين !! • فالسلفية هي اتباع منهج السف والسير على خطاهم كما يقول الكتاب ، وعلى كل سلفي أن يتنازل عن عقله ليضع مكانه عقول السلف من آبائه في الدين ، أو الفكر أو العقيدة ، فلا فكر إلا فكرهم ولا عقل إلا عقلهم ولا منطق إلا منطقهم ! • هكذا تتناقد السلفية مع ما أمرنا به الله من إعمال للعقل والتفكير في خلق السموات والأرض ، ولهذا سقط التكليف عن المجنون أو الذاهل أو غيرهم من صغار السن وصغار العقل أيضاً ، " إن في خلق السموات والأرض لآيات لقومً يتفكرون " أو ( يعقلون ) أو ( يتدبرون ) .. هكذا أصبح التفكير والتعقل والتدبر فريضة الهية على كل مسلم . والتفكير فريضة إسلامية كما ذكر العقاد عنواناً لواحد من كتبه الإسلامية .. فالمسلم الذي لا يفكر مستخدماً عقله أو معطلاً له أو مستعيناً بعقول الآخرين .. إنما هو ناقص الدين ، ونقصان العقل نقصان في الدين .. والعكس صحيح أيضاً !! • والذين لا يفكرون – ويتركون التفكير لغيرهم – انما يتخلون عن فريضة اسلامية فرضها الله على خلقه من المسلمين مثلما فرض غيرها ، كالصوم ، والصلاة ، والذكاة ، أو غير ذلك من الفرائض . • وفي الفقه الاسلامي قاعدة ثابتة يعرفها كل تلاميذ العقيدة ، وهي لا إنكار لتغيير الأحكام بتغيير الأزمان .. إي إن الاحكام الفقية تتغير من زمان إلى زمان بل ومن مكان إلى مكان ومن شخص لآخر ، وإلا فما معنى تعدد المذاهب السنية بتعدد الفقهاء من اصحابها مثل الحنابلة والاحناف والشافعية والمالكية وغيرها .. فالاختلاف بين هؤلاء الفقهاء يعني إختلافهم في مناهج التفكير ، وطريقته أي ان هناك تفكيرا أنتج لنا هذا الاختلاف .. فلماذا يفكر هؤلاء لنا ولا نفكر نحن لانفسنا رغم ابتعاد الازمان بنا عنهم ؟ هل كانت لهم عقول حرمنا الله منها ، أو أن الله قد فرض التفكير عليهم ولم يفرضه علينا نحن أيضاً ؟ ! • ألم يقل الفقهاء حكمتهم الخالدة ( اختلافهم رحمة ) فلماذا لا نختلف نحن أيضاً عن هؤلاء رحمة بأنفسنا ، واستجابة لظروفنا ، ولماذا نتبع عقول هؤلاء التي كانت نتاجاً لظروفهم ولا نتبع عقولنا نحن التي نتاج لظروفنا ؟ • وإذا كان هؤلاء هم سلفنا الصالح .. فلماذا لا نكون نحن إيضاً السلف الصالح لمن يأتي بعدنا .. وكيف نكون السلف الصالح ونحن انفسنا اتباع لأسلافنا الصالحين ؟! • كيف نفكر في أمر من الأمور في عصر الذرة والستالايت وثورة الاتصالات و المواصلات بنفس طريقة هؤلاء في التفكير .. كيف ننعزل عن عالمنا وعصرنا ، ونعود إلى عالم آخر لم نعشه ، بل عاشه غيرنا , وقدموا حلولاً لمشكلاتهم فيه لم نعدها ولا نعرفها في عالمنا الآن ونستعير منهم حلولاً لمشكلات وإجابات لأسئلة لم تطرح عليهم ، ولم يفكروا فيها ؟ • إذا كنا نقول ونؤمن بأن الاسلام صالح لكل زمان ومكان ، ألا يعني ذلك ويؤكد بإن الاسلام منوط بالعقل ، والعقل منوط بزمانه ومكانه وليس منوط بزمن غير زمانه ومكان غير مكانه ؟ • هكذا يصبح كل مسلم سلفياً ، سلفية حقيقية حين يؤمن كما آمن الأسلاف بفريضة التفكير واستعمال العقل .. فالسلفية ليست هي إلغاء العقل والاستعانة بعقول الآخرين ولكنها إعمال العقل والتدبر والتفكير في حياتنا الآنية !!