كتب باتريك كينجسلي مقالا مطولا يتتبع فيه نشأة وشخصية وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي، واحد من مرشحين اثنين للرئاسة في مصر، والذي يعتبره كثيرون الأوفر حظا في الفوز بها أمام منافسه السياسي اليساري حمدين صباحي. ويبدأ الكاتب مقاله، على موقع صحيفة الجارديان، بما نقله عن الحقوقي أحمد سيف أنه ألقى القبض عليه قبل نحو أسبوع من تنحي مبارك في فبراير 2011 وحقق معه ضباط في المخابرات العسكرية التي كان عبد الفتاح السيسي يرأسها في ذلك الحين، وأن السيسي مر بالصدفة بمجموعة من السجناء كان سيف بينهم. وأضاف سيف –حسب الجارديان- أن السيسي قال إنه "يجب احترام مبارك وقيادة الجيش وإنه يجب على المتظاهرين ترك ميدان التحرير". ويقول الكاتب إن السيسي خرج من الظل عام 2012 بعد تعيين الرئيس السابق محمد مرسي وزيرا للدفاع، الذي عزله السيسي لاحقا بعد مظاهرات حاشدة ضده. ويقول الكاتب إن السيسي خلال حملته الانتخابية "لم يقدم غير مقابلات تلفزيونية مسجلة ولم يظهر في لقاءات جماهيرية عامة، تاركا أنصاره ومساعديه ينظمون مؤتمرات صحفية ومسيرات بل ومناظرات تلفزيونية". ويروي الكاتب جانبا من السيرة الشخصية للسيسي، مشيرا إلى أن "من يعرفونه شخصيا يقولون إنه هادئ الطباع وورع مع مزيج من التقشف والدفء، وشكلت شخصيته الظروف التي نشأ فيها". ويقول الكاتب إن "السيسي ولد في نوفمبر 1954، كطفل ثان بين ثمانية أطفال، وإن لدي والده ستة أطفال آخرون من زوجة أخرى، ونشأ في حي الجمالية في قلب القاهرة القديمة الإسلامية على بعد خطوات من جامع الأزهر العتيق". ويضيف أنه انتمى لعائلة كان أفرادها من أهم حرفيي "فن الأرابيسك" لعشرات السنين، وطبقا لابن عمه على حمامة، فإن السيسي "كان يعمل معهم بعد أوقات الدراسة، وكان يجيد هذا الفن". ويقول الكاتب إن عائلة السيسي كانت تعد عائلة ثرية، وانتقلت من الجمالية بعد بناء سكن خاص في مدينة نصر، مشيرا إلى أن السيسي سلم إقرارا بذمته المالية للجنة الانتخابات، سيعلن فقط بعد إجرائها. ويقول الكاتب إن السيسي عمل في الجيش لعشرات السنين قبل أن يستقيل للترشح، وعلى خلاف أشقائه، واحد منهم قاض كبير وآخر موظف، التحق السيسي بمدرسة ثانوية تابعة للجيش، وبعدها التحق بالكلية الحربية، وتزوج من "انتصار" بعد تخرجه عام 1977، وله منها أربعة أولاد . ويضيف أنه سافر إلى بريطانيا لتلقي تدريب عسكري، وعمل بعدها كملحق عسكري لدي المملكة السعودية العربية "التي تعد الآن من أول الداعمين لحكومته ماليا". ويقول الكاتب إنه تولى رئاسة لمخابرات الحربية وكان ينظر إليه كثيرون باعتباره وزير الدفاع الذي سيلي المشير طنطاوي، وينقل عن أحد زملاء السيسي –طلب عدم ذكر اسمه- "إنه قائد جيد ولكن كانت لديه لمحة السياسي، وربما يكون سياسيا أكثر منه قائدا". ويضيف أنه عام 2005-2006 "تحدد جزء من غريزته السياسية أثناء دراسته في الولاياتالمتحدة، أكثر من أي وقت مضى، وأن كتاباته وصداقاته منذ ذلك الحين توفر نظرة أكبر عن شخصيته". وينقل عن الكولونيل ستيفان جراس الذي حاضر للسيسي حينها قوله إنه يتذكره "كرجل بالغ الجدية، يحاول جاهدا التواصل الاجتماعي، لكنه يرتاح أكثر للأحاديث الثنائية". ويقول الكاتب إن السيسي كتب حينها في بنسلفانيا بالولاياتالمتحدة ورقة بحثية عنوانها "الديمقراطية في الشرق الأوسط"، موردا فقرات منها، قائلا إنها "مثيرة للحيرة..تبين حماسا للإصلاح الديمقراطي ولاستمرار الحكم الأوتوقراطي، ويمكن تأويل أنها إيجابية بشأن الإسلام السياسي ومنتقدة له في نفس الوقت". وينقل الكاتب عن روبرت سرنجبورج المتخصص في دراسة الجيش المصري قوله إن "السيسي ربما يسعى لنظام يجمع بين الإسلام والحكم العسكري"، لكنه ينقل عن البروفيسور شريفة زهور التي حاضرت للسيسي في أمريكا أيضا قولها إن السيسي ليس إسلاميا متخفيا ولم يكن...لكنه كان يقصد أن الإسلام يوافق المبادئ الديمقراطية..إنه تناول براجماتي يأخذ في الاعتبار التدين الشديد لغالبية المصريين". ويقول الكاتب إن البرنامج الانتخابي للسيسي صدر مؤخرا، وأن "الكيفية التي ستبدو عليها رئاسته لا زالت غير معروفة....فالبرنامج غير واضح بشأن أمور هامة مثل كيفية إصلاح نظام الدعم الواسع". ويقول الكاتب إن السيسي في لقاءاته التلفزيونية يدعو للعمل ووقف الاحتجاجات للتغلب على مشاكل الاقتصاد وجلب الاستقرار، ويضيف "في مثل مناخ كهذا، ستتراجع المثل الثورية، مع تركيز السيسي على استعادة هيبة الدولة، وذكره للديمقراطية مرة واحدة وتجاهله أي إشارة لحقوق الإنسان". وينقل الكاتب عن سبرنجبورج قوله إن "سلطة السيسي غير مسبوقة، فله حلفاء أقوياء في قيادة الجيش وكل أجهزة المخابرات...لم تكن الدولة العميقة مطلقا تخضع لكل هذه السيطرة الكاملة مثلما هي خاضعة للسيسي ولا حتى في عهدي جمال عبد الناصر والسادات ..أعتقد أنه يشعر بالقوة لأنه لا توجد سلطة نافذة لا يضع يده عليها". ويقول الكاتب "السؤال الأهم هو ما إذا كان (السيسي) سيتمكن من الإبقاء على هذا الوضع وعلى شعبيته في ظل معاناة اقتصادية"، مشيرا إلى قول وزير الخارجية المصري للجارديان في وقت سابق إن مصر شهدت أربع رؤساء منذ 1952 إلى 2011، وبعدها -بانتهاء الانتخابات المقبلة- أربعة أخرين في أقل من 4 سنوات، وإن هذا يعني أن المصريين الآن مصرون على المساءلة.