في الوقت الذي تحاول فيها مصر استعادة اقتصادها مرة أخرى بعد أحداث ثورة 25 يناير، بدأ الحديث عن صناديق الاستثمار الأجنبي المعروفة باسم "الأوفشور"، التي يعتبرها المراقبون بوابة لتهريب أموال رجال الأعمال من البورصة المصرية، بعد أن طاردتها اتهامات غسيل الأموال قبل الثورة. وتكمن المخاوف من هذه الصناديق، أن تعاملاتها لا تخضع للرقابة الوطنية، حيث تدخل تحت بند "تعاملات الأجانب"، ويتم إنشاؤها عن طريق الحصول على ترخيص من دولة أجنبية، وتبدأ نشاطها في البورصة المصرية من الخارج. ومع إعلان الحكومة المصرية نيتها طرح سندات المغتربين للمصريين العاملين بالخارج بضمان البنك المركزي لدعم الاقتصاد المحلي، ظهرت مخاوف من شراء رجال الأعمال المصريين هذه السندات والتلاعب بالبورصة عبر صناديق "الأوفشور"، وهذا ما أكدته الدكتورة سحر المختار، العضو المنتدب لشركة فرست للاستثمار في الأوراق المالية. وأشارت إلى أن "سندات المغتربين المزمع طرحها، سيقبل عليها المصريون والأجانب أيضا، وشركات الاستثمار، ومن المتوقع أن يكون لصناديق الأوفشور نصيب فيها، وهنا يكمن الخطر، حيث لا يوجد قوانين وتشريعات تخضع لها هذه الصناديق، بما يساعد على عدم التحكم في أي تلاعب يمكن أن تمارسه". وأكدت الدكتورة سحر، أنه "في حال الاعتماد على قانون محكم وشخصيات حازمة لإدارة سندات المغتربين، فإنه يمكن التقليل من مخاوف البعض بشأن التلاعب في تلك السندات عبر طريق صناديق الأوفشور". وقد أثار تضارب نسبة هذه الصناديق في السوق المصرية حول نسبتها الحقيقية في السوق مزيدا من المخاوف، حيث أشار أحمد حنفي، المحلل المالي بشركة الجذور لتداول الأوراق المالية ل"الشروق" إلى أن "النسبة الحالية لصناديق الأوفشور المفصح عنها، لا تتعدى 7%"، لكنه يعتقد أن نسبتها وصلت إلى 15% أو 20%، خاصة وأن نسبة تداول الأجانب بعد استئناف العمل في البورصة في 23 مارس الماضي، ارتفعت لتتراوح بين 60% و70%، معظمها صناديق استثمار أجنبية. وأوضح حنفي أن "مصدر خطورة الأوفشور على البورصة المصرية، أننا في مرحلة نقاهة بعد الصدمة الكبرى التي مررنا بها، حيث تحتاج البورصة إلى المحافظة على سوق المال البسيط الموجود حاليا"، مؤكدا أن "أية هزة جديدة في البورصة المصرية ستكون في مصلحة صناديق الأوفشور وليس لمصلحة البورصة". في المقابل، أشار إلى "صعوبة إغلاق هذه الصناديق، لأنها ذراع من أذرع الاستثمار التي يصعب الاستغناء عنها"، مشددا على ضرورة تفعيل القوانين الخاصة بها، فضلا عن ضرورة تفعيل قسم مراقبة غسيل الأموال داخل سوق المال.