تكاثرت التحقيقات الصحفية والإعلامية والمواقع الإلكترونية التي تتناول الأوضاع في هيئة الطاقة الذرية؛ مما يثير القلق بين أفراد الشعب على مستقبل البرنامج النووي المصري.. ومن الواجب توضيح الأمور لتبديد القلق الذي ينتاب الغيورين على مصر وعلى حلمها النووي. وقد كان هناك بالطبع خلل وفساد متنامي في أغلب المؤسسات والهيئات المصرية نتيجة لانحراف النظام المخلوع، الذي نشر الفساد في كل مكان.. وبسبب الشيخوخة التي أصابت الجهاز الإداري للدولة، والطاقة الذرية جزء لا يتجزأ منها. ولكننا نعترف مقدما (وهذا رأيي الشخصي) أن هذا خطأ ما كان ينبغي أن يقع.. لأن طبيعة العمل في التقنيات النووية تتطلب الكثير من الحزم والدقة والصرامة، مما يجعل المؤسسات النووية آخر ما تسري عليها الشيخوخة أو الانهيار العلمي أو الإداري. وبداية؛ نستطيع أن نؤكد أن الطاقة الذرية- كمؤسسة علمية، بقاعدتها البشرية- لازالت بخير، رغم كل ما يطفو على سطحها من فقاقيع مآلها إلى زوال إن شاء الله.. فالمفسدون قلة قليلة، ولكن بالطبع فالأفعال الشنيعة يكون لها صوت مدو، والنقطة السوداء على الثوب الأبيض تكون ظاهرة ويصعب إخفاؤها.. ولكن الحمد لله فالأغلبية بخير، ولدينا من الشباب الجاد المبدع الأمين من يمكن الاعتماد عليهم في البرنامج النووي وغيره. والواجب على المسئولين، بدءا من السيد وزير الكهرباء، والسيد رئيس الهيئة.. تصفية وبتر هذه الحالات التي تسيء إلى سمعة مؤسسة لها تاريخها، وتظهرها وكأن الجميع هكذا فاسدون، مع الأخذ في الاعتبار الفرق بين الشكاوى الكيدية والوقائع الحقيقية. لقد أنفقت مصر الكثير والكثير لأكثر من خمسين عاما على إعداد الخبرات اللازمة لتأسيس وإدارة البرنامج النووي المنتظر، وليس من المعقول البحث عن غيرهم والبدء من نقطة الصفر للتدريب والتأهيل.. كما أنه ليس من المطروح أو المعقول أن تتعاقد مصر (بثروتها البشرية الكبيرة) على إقامة محطة نووية بنظام تسليم المفتاح!، مثل دولة الإمارات العربية مثلا، فلدينا من الخبرات، التي يسهل استكشافها وتأهيلها سريعا، ما يمكننا من إدارة عشرات المحطات النووية، سواء في مصر أو في الدول العربية. ولكن للأسف فالصورة الظاهرة إعلاميا لا تدل على ذلك، ولكن الأمور لا تؤخذ بظواهرها.. ويعلم السيد رئيس الهيئة أن لديه كنز بشري، وإذا كان العلماء الجادون يغلقون معاملهم على أنفسهم (بسبب التجاهل والإحباط) ويتجنبون الظهور على المسارح الإعلامية؛ فليس معنى ذلك أننا فقراء في الخبرات البشرية العلمية والتقنية. لقد مرت المرحلة التي سيطر فيها مجموعة من الغلمان على كثير من المواقع الإدارية، بسبب الاستعجال في تطبيق اللائحة، وكانت النتيجة ما نراه (طافيا على السطح) بوسائل الإعلام.. ولكن أمامنا الآن- بعد الثورة- جيل واعد يستطيع أن يحمل الراية، وأن يغير الواقع إلى الأفضل. ويرتبط بهذا الأمر مشكلة تعدد الهيئات النووية.. فلدينا الهيئة الأم (هيئة الطاقة الذرية)، وأولادها الذين استقلوا عنها بلا أي داع: هيئة المواد النووية، وهيئة المحطات النووية، وهناك أيضا جهاز الأمان النووي الذي في طريقه للاستقلال!. هذه التعددية لا يمكن أن تخدم البرنامج النووي لأن كل هيئة مستقلة عن الأخرى علميا وإداريا، وكل حزب بما لديهم فرحون. ألا ينبغي توحيد الجهود، وإحداث تكامل لخدمة مشروعنا وطموحنا النووي؟!. وكثيرا ما اقترحنا كعلاج لهذه التعددية الضارة والمعرقلة إنشاء كيان جديد يضم الجميع، وليكن (أكاديمية العلوم النووية) على غرار (أكاديمية البحث العلمي)، بحيث يكون هناك كيان واحد متخصص ينطلق من رحِمِه البرنامج النووي المصري. إننا بحاجة إلى بعض القرارات الجريئة لنفض الغبار عن هيئة الطاقة الذرية لتعود إلى وضعها الرائد- الذي كانت عليه في الستينيات والسبعينيات- قبل البدء في برنامجنا النووي الطموح والحتمي.. وهذا أمر في غاية السهولة واليسر، لأننا لم نصل بعد إلى درجة اليأس.. وعندي من اليقين ما يؤكد قدرة ورغبة السيد وزير الكهرباء في إحداث هذا الإنجاز المهم، والأساسي، وعندها سوف نكون جاهزين تماما. والله تعالى من وراء القصد. همسة: • يبدو أن وزارة القوى العاملة لا زالت في عصر ما قبل ثورة 25 يناير، ففي مكتب الوزير سكرتيرة تحدد بمزاجها ما ينبغي أن يعرض على الوزير من عدمه.. إذ توجه بعض الزملاء من العائدين من ليبيا بالتماس لإصدار تعليمات بعودتهم إلى العمل مؤقتا دون تطبيق قاعدة قضاء مدة مماثلة (وحرمانهم بالتالي من السفر حين تحسن الأوضاع في ليبيا)، فرفضت الهانم استلام الالتماسات بحجة أنهم لا يعملون في وزارة القوى العاملة!.. رغم الكلام الكثير والكبير في وسائل الإعلام عن مساعدة العمالة العائدة من ليبيا. [email protected] http://abdallahhelal.blogspot.com