هل نحن نعيش الأن فوضى أو شبه فوضى الثورة المضادة التى حذرمنها الكثير ومنها الفوضى الاعلامية التى نشرت الكثير من الأحداث التى ثبت بعد ذلك عدم صحتها سواء كانت من مصادر رسمية أو ممن اتهموا بتنفيذها ولذلك نهيب بالاعلام مقروءا كان أم مرئيا أن تتحرى الدقة قبل النشر واعتماد الاثارة منهجا لا يتسم بالمهنية أو الضوابط الأخلاقية بعد أن أصبحت تتمتع بكامل الحرية عقب ثورة 25 يناير، بعدما كانت فى السابق تتحرك بالريموت كنترول الخاص منها والحكومى، أهم هذه الأخبار التى أثارت كثيرا من البلبلة فى الشارع المصرى كحادث الاعتداء على محصل الكهرباء الذى تم ربطه اعلاميا بأنه اعتداء على التلاميذ فى المدرسة ومن ثم أغلقت المدرسة وتعطلت فيها الدراسة وروع أولياء الأمور على أولادهم، وكثير من الأحداث العادية التى تحدث يربطها الاعلام بأشياء أخرى رغم أنها كانت تحدث ابان النظام السابق بشكل روتينى وشبه يومى ولم نكن نسمع عنها تقريبا أو اذا سمعنا عنها فهى كانت خبرا عاديا لا يفرد له الحوارات والنقاشات والتحليلات الدائرة الآن فى كل شىء وعن أى شىء ومستمرة، أما عن الثورة المضادة فهى حقيقة وثابتة منذ اليوم الأول لنجاح الثورة والأمثلة على ذلك كثيرة منها موقعة الجمل وما حدث فى ميدان التحرير فى جمعة التطهير ومحاولات البعض الوقيعة بين الجيش والشعب وتلاه القبض على رجل الفساد ابراهيم كامل لاتهامه بأنه وراء كل ذلك ولا أدرى لماذا تم الصبر عليه من قبل المسئولين كل هذا الوقت رغم الاتهامات الى وجهت اليه من قبل فى موقعة الجمل، وان برره قادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأنهم لا يريدوا أن يضعوا أحد فى السجن الا اذا ثبت عليه ما يستحق ذلك وهو تأسيس لدولة مدنية ديمقراطية تتوافر فيها العدالة للجميع، أنا فى يقينى أن نبحث فى البداية عن السبب أو الأسباب والمتسبب وكيفية الخروج من هذا المأذق. السبب أو مجموعة الأسباب تعود فى تصورى الى تحالف قوى المصالح التى تضررت بشكل كبير فى البلد بعد ثورة 25 يناير بداية من مبارك وكل رجالاته وجهاز أمن الدولة بكل ما فيه مرورا ببعض المنتفعين من ضباط الأمن العام والحراسات الخاصة وكل الوزراء السابقون ورجال الأعمال الفاسدون وهم كثير وغالبية المحافظون ورؤساء البنوك وأعضاء الحزب الوطنى بكل مجالسه المزورة سواء كانت شعبية، شورى أو محلية، وجميع رؤساء المصالح والهيئات والمدن وكل من كان يتحكم فى اقطاعية وهبت له من مبارك وكان يتصرف فيها كأنها عزبة ورثها عن جده لا أحد يحاسبه عن ماذا فعل وماذا سيفعل وهم كثير فى كل المواقع وسواء كانوا يعملون متحدون أو كل يعمل لحسابه الخاص فهدفهم جميعا واحد هو الانقلاب على الثورة وان لم ينجحوا فى ذلك حتى الآن، على الأقل تشويه صورتها أمام الناس وتوصيل رسالة مفادها أن النظام السابق رغم كل مساوئه أفضل وهذه نغمة كانت سائدة فى السابق بأن ما نعرفه أفضل مما لا نعرفه وبرغم أن هذه كانت محاولة نجح فيها النظام ونخبه المزيف خداع كل الناس بعض الوقت ولكن ليس كل الوقت وكانت الأكثر رواجا خصوصا بين أصحاب النفوذ والمثقفين أو مدعى الثقافة، والأهم من هؤلاء جميعا هم بعض رجال الاعلام والصحافة، وهنا أود أن أستثنى بعض القيادات القليلة جدا عملوا باخلاص فى العصر السابق ولكنهم استفادوا ووافقوا على السياسات القائمة وبدليل أننا لم نسمع عن استقالة أى من القيادات فى أى مكان اعتراضا على الفساد أو التخريب الذى يمارس جهرا وكانوا يغضوا الطرف عن كل ذلك، وبالتالى مصالح هؤلاء تضررت بشكل كبير والكثير منهم ماذال ينتظر تضرر مصالحه بشكل أكبر وبعضهم سيكون الضرر الواقع عليه يتمثل فى حرمانه من الدخل الجنونى الذى يجنيه كل شهر من الوظيفة. السبب الأخطر والأهم هو الغياب المتعمد لكثير من رجال الشرطة والغياب هنا ليس معناه عدم وجودهم أو اختفاؤهم من المشهد فقط ولكن تعمدهم الغياب عن الدور الفاعل المنوطين به وهو التفاعل مع الأحداث وهذا ليس بجديد فكم من حوادث حدثت فى السابق على مرأى ومسمع منهم ولم يتدخل فيها رجال الشرطة بحجة أنهم لم يتلقوا بلاغا للتصرف فيها، وحدث هذا بالفعل وخاصة فى ظل النظام السابق حيث وقعت بالفعل أحداث فى الشارع على مرأى ومسمع من ضباط الشرطة ولم يتدخلوا فيها هذه واحدة، الأمر الآخر ان الكثير من رجال الشرطة لديهم احساس بأنهم خسروا معركة والبعض تسيطر عليه روح الهزيمة وهواجسها المصطنعة ونسوا أنهم كانوا مغرر بهم وتربوا على أن الشعب عبيدا لهم وأن مبارك هو سيدهم، ودليلى على ذلك تغيير اسم كلية الشرطة الى أكاديكية مبارك للأمن، وشعار الشرطة والشعب فى خدمة الوطن والحقيقة أنه كان الشرطة والشعب والوطن فى خدمة مبارك، ونسوا أيضا أننا جميعا فى مركب واحدة اذا غرقت غرق كل من فيها وبالتالى عليهم أن ينسوا ما حدث لأن غالبيتهم لم يكن له رأى أو دخل فيه وبالتالى هم فى هذه الحالة من الشعب واليه. أما من تسيطر عليه هواجس اللامبالاه أو الخوف ويتركوا الوضع هكذا حتى يعرف الناس قيمة الشرطة وأن الناس ستسلم وتقول حقى برقبتى كما يعتقد البعض فهذا وهم ومن يعتقد منهم ذلك عليه أن يقرر ما اذا كان يريد الاستمرار فى هذا الجهاز أو يترك الفرصة لآخرين سيؤدوا نفس الدور وأفضل، مع العلم أن رجال الشرطة هم أكبر المستفيدين من الثورة حتى الآن حيث تضاعفت رواتبهم ومطالبهم كلها تنفذ وبرغم ذلك ما ذالوا يتلكأون فى العودة وحل هذه الأزمة يجب أن يكون حاسما وسريعا ويطبق فى هذا الشأن ما طبق بعد محاكمات يونيو 1967 والتى تمثلت فى النزول بمستوى القيادة بمعنى أنه لا مانع أن يكون مدير الأمن عقيد أو عميد كفؤ ويكون مساعدوا وزير الداخلية برتبة عميد وأن يترأس دوائر الشرطة المختلفة رتب ما بين عقيد ومقدم ورائد شرطة من ذوى الكفاءات الشابة والمخلصة أما أن يترك الأمر هكذا لمجموعة تدين بالولاء للعهد القديم واستفادوا منه ويخشون المحاسبة التى ستطول البعض ان آجلا أو عاجلا، لا يريدون للوضع أى تحسن لأنهم بين متورط ومتستر فهذا هو العبث بعينه. وبخصوص البلطجية الذين يروعون الناس فى بعض الأماكن فمن صنعهم ورباهم فى كل منطقة وشارع واستعملهم فى السابق لترويع الأمنين والناخبين يعرفهم جيدا ويعرف كيف يوقفهم، وان لم يحدث ذلك فالحل لدى القوات المسلحة سهل وتنفيذه غاية فى البساطة وهو استعادة الاحتياط من جنود وضباط الجيش وهم مدربون جيدا على حمل السلاح لحماية البلد من الفوضى التى قد تحدث من المغامرين بأمن هذا الوطن، لأن المسألة أصبحت مسألة أمن قومى. هذه الأسباب التى ذكرت قد يتفق معى فيها الكثير وقد يختلفون ولكن تلك هى الأسباب أو بعضها اذا ما هو الحل، عنما قامت الثورة كان لها مطالب محددة والكل يعرفها وهى اسقاط النظام جملة واحدة لا حرف حرف أو قطعة قطعة والتباطؤ الذى حدث فى تنفيذ هذا المطلب تحديدا هو الذى أدى الى ما نحن فيه الآن وقد يؤدى اذا ما استمر أكثر من ذلك الى ما لا تحمد عواقبه، الأمر الآخر هو كى نتخلص من هذا الكابوس لابد من التعجيل بمحاكمة هؤلاء الطواغيت أو فرض الاقامة الجبرية علي البقية التى لم تصلها يد العدالة بعد حتى يقول القضاء العادل فيهم كلمته، وهذا ما حدث أو قد يكون فقد تمكن الرئيس خلال الشهرين الماضيين من مسح حساباته الخارجية تماما حتى أنه قد يكون تناذل عنها رسميا لتلك الدول وبالتالى يحاول أن يبيض تاريخه فى هذا الشأن، وهذا ثمرة طبيعية للتباطؤ الذى حدث خاصة أن بعض الدول أعلنت بالفعل عن حسابات تم تجميدها والبعض الآخر انتظر طويلا طلب الخارجية المصرية. الأمر الآخر طالما أن ما نهب من أموال لن يعود وأكبر دليل الكلمة التى وجهها مبارك الى المصريين يوم السبت الموافق 10/04 والمفروض حكما أنه قيد الاقامة الجبرية، وببساطه شديدة أن ما تم اخفاؤه هو ليست أموال مبارك واسرته فقط التى تبخرت بل أموال كل المسئولين التى هربت الى الخارج، والتقدم التكنولوجى الهائل فى الاتصالات والتحويلات البنكية يمكن أى انسان له تعاملات بنكية أن يحول أمواله من حساباته الى حسابات أخرى لأسماء أخرى فى بنوك أجنبية أو محلية حتى عن طريق التليفون، وبالتالى أن اللجنة المختصة التى أرسلت أو سترسل لتعقب تلك الأموال ستبحث عن سراب أو مجهول والا لماذا ترك كل مساعدوه ومستشاروه ورئيس وزراؤه أحمد شفيق لمدة 60 يوم أحرار طلقاء يتحركون فى كل مكان، وبعد التخلص من الثروات والأدلة التى تحاكمهم جنائيا، الآن يحاسبون على جرائم تبدو بعيدة كل البعد عن الجرائم الحقيقية. أما من ناحية عودة الأموال فهى بهذه الطريقة لن تعود وان عادت سيعود نصفها أو أقل وليس قبل سنين وهذا ما يتردد الآن بقوة اذا فى هذه الحاله لابد من تحويلهم الى محاكمات عسكرية عاجلة وكلنا على يقين أو نظن ذلك أنه قبل أن تنعقد المحاكم العسكرية كى تحكم عليهم وبالطبع لا تهريج فى هذه المحاكم ولا ثغرات فى القوانين يستغلها بعض المحامين ولا نقض ولا ابرام ستحكم المحكمة العسكرية باعدام بعضهم والمؤبد على البعض الآخرقبل النطق بأى أحكام سيتبارى الفاسدون وسيحضرون كل ما أخذوه ونهبوه ظلما وعدوانا بل سيرشدوا عن الأموال التى لا نعرف عنها شيئا. فى هذه الحالة وهذه الحالة فقط سيعود لمصر أمنها وثرواتها وكرامتها أما أى شىء غير ذلك فهو العبث بعينه. وبعدئذ سيفكر الشعب والقائمون على أمره فى محاكمتهم أو التفكير فى العفو عن بعضهم أو حتى نفيهم من الأرض. الأمر الأخر والخطير هو تشديد الحراسة على كل الموجودين فى سجن المزرعة من محاولة هروب جماعى يدبرها أطراف من خارج السجن. هذا يقودنا الى أنه أنجز طريقة لاسترداد الأموال المنهوبة هى من نهبوها أنفسهم سواء رضوا أو لم يرضوا ولتجرب معهم بعض وسائلهم التى ابتدعوها ضد الشرفاء ولو لمرة واحدة وسنرى النتيجة. فلا يصح ولا يجب أن يتحمل الشعب المصرى السجون والمعتقلات والابادة والفقر والمرض والذل فى الداخل والخارج وفوق كل ذلك ديون داخلية وخارجية تصل الى أكثر من ترليون جنيه ليرفل هؤلاء واولادهم واحفادهم فى نعيم المال الحرام التى سرقوه من قوت الشعب المصرى الصامد. [email protected]