ماذا لو لم يستطع حمدين صباحي، مؤسس "التيار الشعبي"، والمرشح الرئاسي المحتمل، التوكيلات الشعبية التي تنص عليها الدستور، كشرط لقبول أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة، المقررة يومي 26و27 مايو المقبل؟، هكذا تساءل مراقبون للمشهد الانتخابي، قبل أيام قليلة من الموعد المحدد لإغلاق باب الترشح. وطرح هذا التساؤل خصوصًا بعد تقدم المشير عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع السابق، وأبرز المرشحين للرئاسة ب 200 ألف توكيل للجنة العليا للانتخابات الرئاسية، وهو ما يفوق بثمانية أضعاف عدد التوكيلات المطلوبة، والمحددة ب 25 ألف توكيل، إذ لم تظهر حتى الآن مؤشرات على أعداد التوكيلات التي نجح صباحي في جمعها من المحافظات المختلفة. في الوقت الذي كشفت فيه معلومات من مصادر ذات صلة بالحملة، أن مؤسس "التيار الشعبي"، والذي كان قد حل ثالثًا في الانتخابات الرئاسية الماضية لم يستطع حتى الآن وقبل خمسة أيام من إغلاق باب الترشح في استكمال أعداد التوكيلات المطلوبة، حتى إنه في إحدى المحافظات (سوهاج) تقدم عليه أحد المرشحين المغمورين (محمود حسام) في أعداد التوكيلات التي حصل عليها، حيث تجاوز عدد التوكيلات التي حصل عليها الأخير 950، مقابل 700 لصباحي حتى أمس. وأعلن المستشار عبد العظيم العشري رئيس المكتب الفني لمساعد أول وزير العدل، أن أعداد المواطنين الذين قاموا بتحرير استمارات تأييد المرشحين لخوض الانتخابات الرئاسية، أمام مكاتب الشهر العقاري والتوثيق على مستوى الجمهورية، منذ فتح باب التقدم لتحرير تلك الاستمارات (يوم الاثنين 31 مارس الماضي) وحتى بعد ظهر اليوم بلغ 553 ألفًا و500 مؤيد، علمًا بأن فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة سيستمر حتى يوم 20 أبريل الحالي. وقال حامد جبر، المستشار القانوني لحملة صباحي، إن الأخير سيتقدم بأوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية يومي الجمعة أو السبت المقبلين، موضحًا أن "حملة صباحي تعتمد على الشباب والفقراء، وتقاتل في كل شبر من أجل أن تسير وفق الإجراءات الرسمية المحددة والتي قد تبدو معقدة للغاية"، على حد وصفه. وحول ما إذا كان صباحي جمع التوكيلات المطلوبة بعد، قال جبر في تصريحات صحفية أمس: "مازلنا في طور جمع التوكيلات من المحافظات، خاصة أن المشهد عبثي في الصعيد، لأنه هناك قلق رهيب لدى الكثيرين بشأن عمل تأييد لصباحي، لكننا نعد بأن نخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة". ورفض جبر الإفصاح عن عدد التوكيلات التي جمعتها حملة صباحي حتى الآن، إلا أنه قال إن "الحملة سوف تنتهي قبل يوم الجمعة المقبل من عدد توكيلات أكبر من المطلوب". هذه النبرة المشوبة بالمخاوف داخل حملة صباحي، عززت من تلك الشكوك حول عدم إكماله لأعداد التوكيلات، وهو ماأشار إليه مراقبون، طارحين تساؤلات بهذا الخصوص، وماالذي سيترتب على سيناريو كهذا في السباق الرئاسي، وهل يمهد الطريق أمام فوز المشير السيسي بالتزكية. ففي الوقت الذي قدر فيه عدد التوكيلات التي حصل عليها صباحي حتى اليوم ب 17 ألف فقط، تساءل الكاتب الصحفي محمود سلطان، رئيس التحرير التنفيذي ل "المصريون" في مقاله المنشور اليوم: هل سيتمكن صباحي من استيفاء أوراقه، خلال الأيام القليلة جدا المتبقية؟! وقال، إن "التكهن بعدم قدرة صباحي على جمع التوكيلات اللازمة، هو الاحتمال الأقرب، وربما يغلق باب القبول دون الجميع، إلا السيسي وحده مرشحًا رسميًا وقانونيا. خلال الأسبوع القادم" وتابع: "إذا مضت الأمور على هذا النحو سيعلن السيسي رئيسًا للجمهورية ب"التزكية"، وليكون أول رئيس يفوز بالتوكيلات، وليس بأصوات الناخبين. هذا السيناريو إذا حدث وهو ليس مستبعدًا لا فرق بينه وبين الطريقة، التي دعا إليها البعض، التي اقترحت جمع التوقيعات بالملايين، التي تطالب بالسيسي رئيسًا للجمهورية.. إذ لا فرق بين "التوكيلات" و"التوقيعات".. طالما جاء الرئيس عبر آليات أخرى غير الصندوق". وأشار إلى أن هذا السيناريو "ربما يجنب السيسي مفاجآت السياسة المتقلبة والتي لا أمان لها.. ولكنها ستكون مصدر إزعاج لا ينقطع قد تقض مضاجع الطقم الرئاسي كله في الاتحادية.. لأنه سيناريو لتخليق رئيس بأدوات "عبثية" هذا إذا لم توصف ب"الكاريكاتوية". إلا أنه أعرب عن تقديره ب "أن الفريق الذي يقدم المشورة للسيسي، سينصحه بتجنب مثل هذا السيناريو، وربما يقترح عليه، توجيه مؤيدين له، بتحرير توكيلات لصباحي قبل غلق باب القبول، لأنه ليس من مصلحته أن يأتي إلى السلطة على هذا النحو العبثي والكاريكاتوري". لم يكن سلطن وحده هو الذي أثار شكوكه حول نجاح صباحي في معركة التوكيلات، إذ أن الكاتب الصحفي مجدي الجلاد، رئيس تحرير جريدة "الوطن" أشار إلى هذا الأمر، ملمحًا إلى فشل مؤسس "التيار الشعبي" في جمع التوكيلات، عبر تساؤله في تصريحات إلى برنامج (تسعين دقيقة) على فضائية "المحور": ماذا لو لم يستطع إكمال التوكيلات"؟ يشار إلى أن الدستور ينص على أنه "يشترط لقبول الترشح لرئاسة الجمهورية أن يزكي المترشح 20 عضوًا على الأقل من أعضاء مجلس النواب (البرلمان)، أو أن يؤيده ما لا يقل عن 25 ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في 15 محافظة (من إجمالي 27 محافظة)". ونظرا لعدم انتخاب مجلس النواب حتى الآن، فإن الطريقة الوحيدة للترشح للرئاسة هي جمع توكيلات تأييد من المواطنين.