من هذا اليوم الأحد 13 إبريل 2014، وقبل نحو شهر ونصف الشهر من إجراء الانتخابات الرئاسية أقول إن أوروبا ستفتح أبوابها وذراعيها للفائز فيها، وهو غالبا عبد الفتاح السيسي، ولولا أنه لا يجب القطع بشيء مستقبلي في عالم السياسة المتغير لأكدت أن الرئيس القادم هو السيسي. هذا الاستخلاص ناتج من قراءة دقيقة لزيارة كاثرين أشتون وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي للقاهرة مؤخرا حيث سيكون لتقريرها دور كبير في توجهات وقرارات الاتحاد ودوله تجاه السلطة في مصر، وتقريرها هذه المرة سيكون إيجابياً ومشجعاً لمزيد من التعاون والعلاقات، وعموماً لم تكن العلاقات سيئة بعد 3 يوليو، باستثناء إجراءات عقابية خفيفة وشكلية لبعض دول الاتحاد. تحدثت أمس بشكل واسع عن الزيارة التي كانت بمثابة إزاحة الستار كاملاَ لنرى الصورة على المسرح شديدة الوضوح والتمام عن أن علاقات مصر مع أوروبا، وأيضاَ مع أمريكا لم تتضرر بعد عزل مرسي كما يصور الإعلام الموجه، وكما تسفسط النخبة المفلسة. والمحور الأهم في تلك الزيارة هو ما نتحدث عنه اليوم بشيء من التفصيل ويتعلق بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين أشتون ووزير الخارجية نبيل فهمي ليقوم الاتحاد الأوروبي بمراقبة الانتخابات الرئاسية. هناك نقطتان لافتتان في هذا الاتفاق هما: 1 - أنها ستكون المرة الأولى التي يراقب فيها الاتحاد الأوروبي انتخابات تجري في مصر. 2 - دعوة مراقبة الانتخابات جاءت من مصر، وكان الرئيس المؤقت مهتماَ بالموضوع خلال لقائه مع أشتون. الاتفاقية التي سيتم التوقيع عليها اليوم مع وزارة الخارجية ولجنة الانتخابات ستسمح بتحرك متابعي الاتحاد الأوروبي بمختلف أنحاء البلاد دون عوائق والنفاذ لكل الأطراف السياسية ذات الصلة والتي تتمتع بوضعية قانونية. كما أن البعثة ستقوم بأداء مهامها وإجراء تقييم للعملية الانتخابية بصورة محايدة ونزيهة. والمعنى من وراء ذلك أن السلطة تسعى لنيل شهادة نزاهة في الانتخابات تكون معتمدة من الاتحاد الأوروبي، بما يعني اعترافًا منه بشفافية الانتخابات، والتزامها بالمعايير الدولية للانتخابات الحرة، وبالتالي سيكون ذلك غطاء شرعياً لدول الاتحاد لاستقبال الرئيس الفائز دون أن تحاصره شبهات وشكوك بتزوير الانتخابات، وإذا كان السيسي هو الفائز فسيضاف إلى ذلك نقطة أخرى غاية في الأهمية، وهي أن السيسي وباعتباره قائد الجيش الذي تدخل لعزل مرسي استجابة لمظاهرات شعبية فإنه ترشح كمدني، واستجابة لإرادة شعبية، وفاز بتلك الإرادة الشعبية بنزاهة وبشهادة دولية ، ولذلك لن يكون لدى الأوروبيين والغرب عموماً مجال للقول إنه انقلاب، وإن قائد الانقلاب فرض نفسه رئيساً على غير الإرادة الشعبية، ومطلوب من مقاطعته وغلق الأبواب في وجهه. تعالوا نذهب للمقر الانتخابي للسيسي حيث التقى أشتون الخميس الماضي لنقرأ ماذا قالت له : "نعلم صعوبة اتخاذك قرار الترشح لرئاسة الجمهورية، لكنه قرار شجاع وصعب في ظل التحديات التى تواجه مصر خلال المرحلة الراهنة، والاتحاد الأوروبي يدعم اختيارات الشعب المصري". وقالت أيضاً : "الاتحاد الأوروبي سيتابع العملية الانتخابية بكل اهتمام، ونحن نعلم أن ترشحكم للرئاسة ليس سعياً للسلطة وإنما شعور بالمسؤولية، وهذا دائماً ما يصنع نماذج سياسية أفضل للشعوب". كلام مهندسة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي واضح جداً ويؤكد ما نقوله هنا بأن أبواب القارة العجوز ستُفتح أمام السيسي وسيتم استقباله رسمياً بعد فوزه، وقد سبق وحسمت أمريكا خيارها وقالت سنحترم إرادة الشعب المصري، وعملياً هي لم تكن ضد السيسي، وإلا ما كان وزير دفاعها يتحدث معه بانتظام ولوقت طويل. والسؤال: ما خيارات ورهانات الإخوان التي تضيق؟!. هم يراهنون على تزوير الانتخابات للسيسي، أو " توضيب " الصناديق له كما قال أحمد شفيق، للتشكيك في فوزه، ومحاصرته خارجياً ليجد الغرب نفسه في حرج من استقباله والتعامل معه. لكن الواضح أنه لن يتم توضيب الصناديق، بل تقديري أنها ستكون انتخابات نزيهة فعلاً، لأن السيسي يضمن تصويتاً كثيفاً لصالحه من فئات مختلفة في المجتمع. وإعفاء محافظ الوادي الجديد من منصبه لتحريره توكيلاً للسيسي يشير إلى أن الحكومة ستكون محايدة، لأنها مطمئنة لارتفاع أسهم السيسي، فما الحاجة للانحياز، وليس هناك مرشح يهدده، مع تقديري لحمدين صباحي الذي خذله بيته الناصري، والذي خفت بريقه عن الانتخابات السابقة لأسباب عديدة سياتي ذكرها في مقال لاحق. أشتون خلال لقائها مع السيسي كانت تتحدث إليه وتدرك أنها تجلس مع المرشح الرئيس. أشتون لم تلتقِ صباحي بسبب تغير الموعد لزحام المرور، ومبررات أخرى، لكنها لم تذهب أيضاً في الموعد الجديد، بينما التقت السيسي في حصنه الحصين دون تغير في مواعيد، أو مشكلة مرور. هي يمكن أن تضحي بلقاء مع حمدين، لكن يصعب أن يحدث ذلك مع السيسي الرئيس المنتظر. الإخوان يراهنون أيضاً على أنهم بالتحرك القانوني والقضائي الدولي سيمنعون السيسي من ولوج أوروبا والعالم، وهذا ملف طويل ومعقد، وليس سهلاً كما يتصورون، والسياسة والمصالح تسبق الاعتبارات القانونية أحياناً ، كما أن السيسي، والدولة العميقة، والتحالف الإقليمي الداعم يتحرك في اتجاه محاصرة الإخوان كجماعة إرهابية دولياً لإفشال تحركاتها القانونية الخارجية ليكون المشهد أن الحكومة المصرية تكافح إرهاباً، وليس عملاً سياسياً سلمياً. صراع طويل، ومرير، وشاق، وعدمي، والخاسر الأكبر فيه هو مصر والمصريون. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.