وافق مجلس الشورى في جلسته أمس برئاسة صفوت الشريف على الإذن للنائب إبراهيم نافع رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام ورئيس تحريرها السابق بسماع أقواله أمام النيابة العامة في الاتهامات الموجهة له حول استغلال منصبه. وكان مجلس الشورى قد تلقى طلبا من وزير العدل للتحقيق مع نافع فيما ورد في المذكرة التي أعدتها نيابة الأموال العامة العليا بناء مذكرة مقدمة من مصطفى عبده البرتقالي المحامي بالنقض والمستشار القانوني والعضو السابق بمجلس إدارة مؤسسة الأهرام الصحفية عن مخالفات عدة شابت عروض بيع عقارات وأراضي مملوكة للمؤسسة ، ولم يأخذ نافع بملاحظات المستشار المالي وأقر الإجراءات الخاطئة التي تمت ، مما فوت على المؤسسة إيرادا ماليا أكبر مما بيعت به. وأشار وزير العدل إلى أنه عقب هذا البلاغ تلقت النيابة بلاغين آخرين ، أحدهما مقدم من النائب مصطفى بكري رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير جريدة الأسبوع المستقلة ، يتهم فيه نافع وآخرين من العاملين بالمؤسسة بالاستيلاء على المال العام نتيجة ارتكابهم عدة مخالفات مالية وإدارية ، وقدم بكري عدة مستندات تدليلا على صحة ما ورد في البلاغ . وتتضمن البلاغ الثاني المقدم من سعد إبراهيم حسن عبد الرحمن الحلواني ويعمل مدير إنتاج بإعلانات الأهرام اتهامات لنافع بالتستر على مخالفات وقع فيها المسئول عن وكالة الأهرام للإعلان بالإسكندرية 1989 مرجعا ذلك إلى أن المسئول عن الوكالة كان يساعد نافع في الاستيلاء على مواد بناء مملوكة لمؤسسة الأهرام لاستخدامها في تأسيس وصيانة قصر يمتلكه في منطقة أبو تلات بالإسكندرية. وأشار وزير العدل إلى قيام إدارة مكافحة جرائم الاختلاس والإضرار بالمال العام بالتحري حول الاتهامات الموجهة لنافع ، وأنها انتهت إلى قيام نافع وآخرون من مسئولي مؤسسة الأهرام الصحفية بارتكاب مخالفات مالية عديدة يتمثل البعض منها في أن نافع يمتلك مع آخرين شركة مسماة "انتر جروب المصرية الدولية للإنشاءات والتنمية العقارية" وتساهم فيها أيضا شركة مسماة "انتر جروب الدولية المصرية للتجارة" ، يرأس مجلس إدارتها أحد أنجال نافع ويساهم فيها أيضا نجله الثاني ومدير الإعلانات بالمؤسسة . وكشفت إدارة مكافحة جرائم الاختلاس عن قيام هذه الشركة بالتعاقد مع الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية خلال عام 2003 على شراء مساحة 1012 فدانا بسعر 2200 جنية للفدان الواحد بمنطقة برقاش ، ثم قامت الشركة ببيع الفدان بعد عام من شراء الأراضي بمبلغ يتراوح ما بين 110 إلى 231 ألف جنية ، وأنه حدثت مشاكل بين الشركة وبعض من قامت بالبيع لهم لاكتشاف هؤلاء وجود حظر من الهيئة على البيع مدته سبع سنوات وأن بيع الهيئة هذه الأراضي للشركة المشار إليها كان بسعر متدن عن سعر السوق وسعرها الحقيقي بالتواطؤ مع مسئولي هذه الشركة وعلى رأسهم نافع ونجليه وآخرين . وأشارت إدارة مكافحة جرائم الاختلاس والإضرار بالمال العام إلى حصول مسئولي الشركة على ربح ومنفعة بغير وجه حق تعادل أكثر مما يقرب من مائة مليون جنية تقريبا مما يعد أيضا إضرارا بأموال الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية. وكشفت تحريات إدارة مكافحة الاختلاس والإضرار بالمال العام أيضا عن قيام وكالة الأهرام للإعلان التابعة لمؤسسة الأهرام بالتعاقد مع الشركة المصرية للوسائل الإعلانية المملوكة لإيهاب طلعت في عام 2001 لتسويق أربعة آلاف دقيقة إعلانية خاصة بالتليفزيون المصري وإسنادها للشركة بالأمر المباشر وبالمخالفة لقانون المزايدات والمناقصات وذلك على الرغم من أن مؤسسة الأهرام تعاقدت مع التليفزيون المصري على قيام وكالة الأهرام للإعلان بتسويق تلك الدقائق باعتبار أن المؤسسة لديها مندوبي تسويق ذو خبرة واسعة في هذا المجال ، فضلا عن استمرار مسئولي الأهرام في التعامل مع إيهاب طلعت بالرغم من توقف شركته عن سداد مستحقات المؤسسة التي بلغت 70.3 مليون جنية وذلك من خلال شركة مسماة شركة "اكستريم ميديا" مملوكة لإيهاب طلعت وهي مازالت تحت التأسيس وليس لها سابق أعمال إلا أن مسئولي مؤسسة الأهرام وافقوا على قيام شركة "اكستريم ميديا" بتفويض الشركة المصرية للوسائل الإعلانية التي توقفت عن سداد مستحقات مؤسسة الأهرام بتنفيذ هذا العقد الجديد ، وأن ذلك قد تم بموافقة نافع وآخرين بقصد حصول إيهاب طلعت على ربح ومنفعة بغير وجه حق من جراء ذلك ، فضلا عما أكده تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات من تأكيد لتلك الوقائع. وأشار الطلب المقدم من وزير العدل برفع الحصانة عن نافع إلى أنه بمطالعة أوراق القضية تبين من أقوال بعض الشهود إسناد وقائع أخرى لنافع تتمثل في عدم التزامه بقواعد المناقصات والمزايدات في التصرف في بعض عقارات المؤسسة وتنازله عن مديونية للأهرام لدي مجدي يعقوب نصيف بمبلغ خمسة ملايين جنية مقابل قطعة أرض لا تساوى قيمتها أكثر من نصف مليون جنية وأيضا استيلائه على بعض مواد البناء بمخزن فرع المؤسسة بالإسكندرية واستخدامها في بناء عقار له بمنطقة أبو تلات بالإسكندرية. في المقابل ، نفى النائب إبراهيم نافع ، وفقا لأقواله أمام لجنة الشئون التشريعية بالمجلس ، كافة الاتهامات الموجهة إليه ، واصفا إياها بأنها ادعاءات أوردها المبلغون للنيابة العامة، ولا يرمي أصحابها من ورائها إلا الكيد له ومنعه من أداء مسئولياته كنائب بالمجلس . من ناحية أخري ، نفي صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى تعرض المجلس لضغوط في ملف طلب رفع الحصانة عن نافع ، مؤكدا أن المجلس لا يقبل ضغط ولا يستطيع ولا يملك أحد أن يضغط على مجلس الشورى . وأضاف أن اللجنة التشريعية وهي تنظر مثل هذه الطلبات تغلق أذانها أمام أي قول وتحكم فقط بالضمير الوطني والنيابي. وأكد المستشار محمد عبد الرحيم نافع رئيس اللجنة التشريعية أن اللجنة تتعامل مع طلبات رفع الحصانة بضمير القاضي ولا شيء غيره مشيرا إلى أن الأذن " لنافع" بالإدلاء بأقواله لا يعني حجب حق النيابة العامة في عودة طلب رفع الحصانة البرلمانية إذا ما تطب التحقيق ذلك. وقال النائب إبراهيم شاهين إن هذه القضية قضية رأي عام والنيابة العامة خصم شريف ، مؤكدا على ضرورة رفع الحصانة من نافع وعدم رفع الحصانة عنه يمس المجلس ويثير الشبهات ، مشددا على أن نبض الشارع يطالب برفع الحصانة خاصة وأن هناك شبهات مثارة حول قيادات صحفية سابقة من أعضاء هذا المجلس فلماذا لا يقدمون هم ويطالبون رفع الحصانة عن أنفسهم. من جانبه ، أقترح النائب محمد فريد زكريا إصدار قانون يهدف إلى مقاومة الفساد في ظل عناقيد الفساد التي ظهرت في عهد مبارك. وأشار الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع إلى حق أي نائب في طلب الإذن بسماع أقواله ولنعطي نافع هذه الفرصة فالحصانة ليست حصنا لنائب وليس مطلوبا أيضا أن تكون سيفا على رقبته. ووصف ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل الوقائع الواردة في التقرير بأنها وقائع تهز الحكم وتستقيل لها حكومات ، مشيرا إلى أنه على مجلس الشورى أن يعلن انه مع النيابة العامة برفع الحصانة لاستبيان كافة الاتهامات. وطالب الدكتور أسامة شلتوت رئيس حزب التكامل بضرورة رفع الحصانة عن نافع متسائلا كيف تصمت الحكومة 17 سنة عما يحدث في تلك المؤسسات الصحفية وتساءل أين كانت الأجهزة الرقابية البالغ عددها 26 جهازا خلال تلك السنوات . وأضاف أن محاكمة نافع هي محاكمة للنظام. ورفض الشريف عبارة " محاكمة نظام" ، قائلا " إذا أخطئ أي شخص فليحاكم " ، وقرر رفع هذه العبارة من المضبطة ، مؤكدا أن المؤسسات الصحفية ليست ملكا للحكومة. وأكد الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية إن القول أن الفساد " فساد حكومة " أمر مرفوض فالحكومة هي التي تبلغ عن الفساد ولا تسكت عنه رافضا كافة الاتهامات التي تم توجيهها للحكومة. وطالب النائب موسى عبد الخالق برفع الحصانة البرلمانية عن نافع وقال أن نافع سوف يهرب إلى الخارج وأن الإذن له فقط يعني أنها فرصة للسفر إلى الخارج. فيما قال محمد رجب زعيم الأغلبية إن الإذن لنافع بالإدلاء بأقواله لا يصادر حق النيابة العامة في طلب رفع الحصانة إذا ما ارتأت هناك ضرورة لذلك.