قال الكاتب الأمريكي المعروف جاكسون ديل إنه في أعقاب أول يوم من الانتخابات البرلمانية التي زيفت على نطاق كبير في نوفمبر السابق، خرجت صحيفة الأهرام الخاضعة لسيطرة الدولة بعنوان زائف لا يقل عن حال الانتخابات وهو "أنزه انتخابات برلمانية في 50 عاما"... فيما أعلنت صحيفة الجمهورية الحكومية أيضا لقرائها أن "المصريون اختاروا الديمقراطية وليس الشعارات واستجابوا لنداء الرئيس حسني مبارك". وأعرب الكاتب في مقال له بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن تأييده لما ذكرته صحف مستقلة بشأن الخروقات التي شابت الانتخابات البرلمانية من تهديدات بالقتل ورشاوى وانحياز من قبل قوات الأمن. وضرب الكاتب المثل بصحيفة "المصري اليوم" ، معتبرا أن نشر مثل هذه العناوين في صحف القاهرة وباللغة العربية بل وبقاء المسئول عنها حرا طليقا إنما يعد علامة قوية على أن النظام الاستبدادي الخانق في مصر قد بدأ يتحلل. وسلط الكاتب الأمريكي الضوء على تصريحات أدلى بها هشام قاسم نائب رئيس مجلس إدارة صحيفة "المصري اليوم" خلال لقاء جمع بينهما الأسبوع الماضي، فأورد على سبيل المثال أن قاسم طالب الولاياتالمتحدة بالاستمرار في الضغط على النظام المصري قائلا: الولاياتالمتحدة يتحتم عليها الاستمرار في الضغط.. كلنا يريد عملية إصلاح منضبطة في ظل مبارك.. لكن إذا تركته وشأنه فلن يفعل شيئا. واستعرض جاكسون ديل الوضع الذي كانت عليه الصحافة المصرية قبل عامين تقريبا بالقول إن الإعلام المصري تشكل من صحف رسمية مثل الأهرام والتي يعين رؤساء تحريرها الرئيس مبارك ويؤمرون على نحو نمطي بعنوانين مثل التي وردت أعلاه.. فيما كانت الصحافة المعارضة تتخصص في إطلاق الافتراءات ضد إسرائيل والشعب اليهودي والولاياتالمتحدة وثقافة الغرب وكل شيء عدا مبارك، ضاربا المثل بأخبار تناقلتها تلك الصحف منذ عشر سنوات عن سعي إسرائيل لإفساد النساء في مصر من خلال توزيع لبان يتسبب في إحداث إثارات جنسية لا تقاوم. وأشار الكاتب في المقابل إلى تغير توجهات الصحف المعارضة أو المستقلة مشيرا إلى ما قاله هشام قاسم خلال اللقاء في هذا الشأن: كفانا فوبيا.. أي شخص يريد تدمير إسرائيل يمكنه الالتحاق بالجهاد. ورأي الكاتب أن الضغوط التي مارسها الرئيس بوش على الرئيس المصري كانت السبب في حالة الحرية التي تشهدها الصحافة المصرية منذ فترة وحتى اللحظة مستدلا بتصريحات لنائب رئيس تحرير "المصري اليوم" قال فيها: الضغط الأمريكي على نظام مبارك كان الحافز الأكبر وراء التغيير الذي نشهده ". ةاعتبر هشام قاسم بحسب ما ذكره الكاتب الأمريكي أن اللقاء الذي جمع مبارك وبوش في أبريل من عام 2004 في تكساس كان بمثابة نقطة تحول حيث سمع الرئيس مبارك لأول مرة من رئيس أمريكي ضرورة تحرير النظام السياسي للإبقاء على علاقات جيدة بين البلدين. وأضاف قاسم أنه بعد عدة أشهر كان مبارك خلالها يأمل في أن يخسر بوش انتخابات عام 2004 في أمريكا، خلص الرئيس المصري على مضض إلى ضرورة اتخاذ خطوات ملموسة حيث كانت الخطوة الأولى السماح بحرية أكبر للصحافة، والثانية تغيير نظام الاستفتاء على اختيار الرئيس إلى انتخابات تعددية. واصل قاسم القول إن المشكلة تتمثل في أن الرئيس مبارك بعدما ضمن انتخابه لفترة أخرى إضافة إلى قبول واشنطن بذلك، فقد لجأ الرئيس مبارك إلى تجميد كافة الإصلاحات. ونقل الكاتب الأمريكي عن هشام قاسم مخاوفه من أن يموت الرئيس مبارك في منصبه دون أن يترك خلفا له أو آلية ديمقراطية لاختيار رئيس آخر. أما الكاتب الأمريكي فلم يختلف كثيرا مع نائب رئيس تحرير الصحيفة المصرية المستقلة، فقال إنه رغم القائمة الطويلة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية التي سبقت الانتخابات، فلم ينفذ أيا من هذا الإصلاحات حتى الآن. وأشار إلى أنه بدلا من ذلك، سجن الرئيس مبارك خصمه الليبرالي أيمن نور على خلفية تهم جنائية ملفقة وأجل الانتخابات المحلية ورفض منح الشرعية لأحزاب سياسية ربما تمثل البديل لنظامه أو لجماعة الإخوان المسلمين الأصولية.