ب36 شخصية رفيعة.. قارة آسيا تتصدر الحاصلين على قلادة النيل    السر في القلي.. إيه اللي يخلي البطاطس «مقرمشة» ماتشربش زيت؟    إيمان كريم: بروتوكول التعاون مع "قضايا الدولة" يعزز دعم ذوي الإعاقة    هل يجب على أعضاء مجلس النواب المعينين في "الشيوخ" تقديم استقالاتهم؟    اليوم.. أولى جلسات اللجنة الرئيسية لتطوير الإعلام بمقر الأكاديمية الوطنية للتدريب    التصديري للملابس الجاهزة: هدفنا التوسع في الأسواق الأوروبية    باستثمارات 20 مليون دولار.. وزير قطاع الأعمال يتفقد التشغيل التجريبي لمصنع بلوكات الأنود    مصرع عامل غرقا بخزان مياه ري في المنيا    دار الإفتاء توضح حكم تنفيذ وصية الميت بقطع الرحم أو منع شخص من حضور الجنازة    دار الإفتاء توضح حكم ارتداء الأساور للرجال.. متى يكون جائزًا ومتى يُمنع؟    بعد استبعاده من «مستقبل وطن».. «الحسيني» يخوض انتخابات مجلس النواب 2026 «مستقلًا»    انطلاق اللقاء الأول من فعاليات النسخة الرابعة للمؤتمر الوطني للنشء فى أسيوط    فرانكو دوناتو وأحمد شبراوي ضمن أفضل 10 رماة في العالم    الداخلية توقع بروتوكول تعاون مع الاتحاد المصري للكيك بوكسينج لرفع كفاءة طلاب معاهد معاوني الأمن    وزير التعليم يجري جولة مفاجئة لمدارس الفيوم    سحب 981 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    آمال ماهر نجمة افتتاح مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية ال33    محافظ أسيوط يعلن عن إعادة تأهيل الشوارع والميادين بحي شرق    سويلم يلتقى وزير الزراعة الموريتانى ضمن فعاليات "إسبوع القاهرة الثامن للمياه    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في الشرقية    27 مليون دولار وحَملة إعادة إعمار.. بريطانيا تعلن دعمًا لإنقاذ غزة بعد قمة شرم الشيخ    «الصحة» تنظم يوما علميًا للتعريف بالأدلة الاسترشادية بمستشفى المطرية التعليمي    محافظ البحيرة تتفقد عددًا من المشروعات الخدمية بقرية الأبعادية بدمنهور    الأرصاد: استقرار بالأحوال الجوية وفرص أمطار ببعض المناطق    ارتفاع عدد الوفيات بين تلاميذ تروسيكل منفلوط ل3 أطفال    موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 يبدأ يوم 23 الشهر الجاري    مهرجان VS-FILM للأفلام القصيرة جدا يكشف عن لجنة تحكيم دورته الثانية    سفير فلسطين بالقاهرة: دور مصر محورى فى وقف الحرب ومنع تهجير سكان غزة    تسليم شهادات التحقق من البصمة الكربونية ل6 شركات محلية    رئيس إندونيسيا يؤكد دعمه لاتفاق شرم الشيخ للسلام فى غزة    مدرب المنتخب: وارد انضمام السعيد لأمم أفريقيا.. ولا توجد أزمة مع إمام عاشور    المدرب العام للمنتخب: شريف ليس في حساباتنا.. ونحتاج للاعب يخلق الفرص لنفسه    ماكرون: الأسابيع والأشهر المقبلة ستشهد هجمات إرهابية وزعزعة للاستقرار    من يريد الوطن يجب أن يصبر.. الفلسطيني المحرر أحمد التلباني: التعذيب بسجون إسرائيل أنساني ملامح أطفالي    إشادة دولية بالتجربة المصرية في الاعتماد الصحي خلال مؤتمر ISQua الدولي بالبرازيل    وفد رفيع المستوى من مقاطعة جيانجشي الصينية يزور مجمع الأقصر الطبي الدولي    ثلاثية أبطال أكتوبر في قصر العيني.. بطولات تتجدد بين ميادين الحرب والطب والسلام    صحيفة إسبانية: شرم الشيخ لؤلؤة سيناء تتألق كعاصمة للسلام وتخطف أنظار العالم    عاجل|الصحة تغلق مركزًا غير مرخص للتجميل في مدينة نصر تديره منتحلة صفة طبيب    خبير سياسي: مطالبة حركة حماس بنزع سلاحها مطلبا مهينا وغير واقعي    قمة شرم الشيخ.. الإعلام الأمريكي يبرز كلمة الرئيس السيسي وإشادة ترامب بدور مصر في السلام    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة وفرص ضعيفة لأمطار خفيفة    أسعار الحديد والأسمنت في مصر اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025    اليوم.. الحكم على 4 متهمين ب"خلية الحدائق"    الكنيسة الأسقفية تؤيد اتفاق شرم الشيخ وتثمن جهود القيادة المصرية من أجل السلام    أسعار اللحوم اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025 في أسواق الأقصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة الأقصر    تصفيات كأس العالم - رأسية فولتماده تمنح ألمانيا الفوز على إيرلندا الشمالية وصدارة المجموعة    النادي المصري يُثمن جهود الرئيس عبد الفتاح السيسي لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني    رئيس المجلس الأوروبي: تخصيص 1.6 مليار يورو لدعم السلطة الفلسطينية خلال العامين المقبلين    جولة داخل متحف الأقصر.. الأكثر إعجابًا بين متاحف الشرق الأوسط    وفاة شقيق عبد المنعم إبراهيم .. تعرف على موعد ومكان العزاء    دولة التلاوة.. تاريخ ينطق بالقرآن    «زي النهارده».. وفاة الشاعر والإعلامي واللغوي فاروق شوشة 14 أكتوبر 2016    «التعليم» توضح موعد بداية ونهاية إجازة نصف العام 2025-2026 لجميع المراحل التعليمية    هبة أبوجامع أول محللة أداء تتحدث ل «المصري اليوم»: حبي لكرة القدم جعلني أتحدى كل الصعاب.. وحلم التدريب يراودني    توتر داخلي وعدم رضا.. حظ برج الدلو اليوم 14 أكتوبر    الخميس المقبل.. ريم حمدي تحيي حفلًا في مهرجان الموسيقى العربية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأملات في إعلان السيسي ترشحه للرئاسة
نشر في المصريون يوم 27 - 03 - 2014

أخيرا ظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود ، وقطعت كل الظنون ، واختفت كل الاحتمالات بخصوص ترشح السيسي للرئاسة ، أمس أعلنها الرجل في خطاب متلفز حاول فيه أن يكون دقيقا وملتزما ومراعيا لكل كلمة وكل جملة ، من فرط التوتر والحيطة ، حتى أنه رغم أنه كان بالعامية قرأه من جهاز "أوتوكيو" أمامه ، وأكد السيسي في كلمته أن هذا هو اليوم الأخير له بالزي العسكري في مؤشر على أنه تقدم باستقالته من القوات المسلحة ثم من وزارة الدفاع صباح اليوم ، كانت كل الحسابات المنطقية والسياسية تعطي أن السيسي لن يخوض هذه المغامرة لخطورتها والتحديات الضخمة التي تنتظره ، وكان الرهان الوحيد لترجيح ترشحه يعتمد على "المكون الفطري" في الإنسان والدوافع النفسية وأشواقها لمنصب ما زال هو الأرفع في الدولة المصرية ، حسنا ، أعلن السيسي ترشحه ، وكان يبدو في كلمته مخطوف الوجه وبادي الإرهاق ، لأنها لحظة قلقة جدا وأكثر خطورة من خطوة إطاحته بمحمد مرسي ، فمنذ هذه اللحظة ومصير السيسي السياسي والقانوني والأمني حتى إعلان نتائج انتخابات الرئاسة معلق على "كلمة شرف" لا أكثر .
لم يكن هذا هو التفسير الوحيد للونه الشاحب ووجهه المخطوف وهو يلقي كلمته ، فمجمل الصورة التي تشاغل عينيه وخاطره لمستقبل البلد كانت حاضرة وبقوة في مشاعره وفي كلمته ، كما أن انحسار موجة التفاؤل الشعبي بشخصيته وانعقاد الآمال عليه تراجعت بقوة في الأشهر الأخيرة بعد الانهيارات المتوالية في الأداء الأمني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي ، وبدت صورة مصر أكثر كآبة من ذي قبل ، ولو أن السيسي أعلن ترشحه قبل سبعة أشهر لتفجرت ميادين مصر بحشود جماهيرية عفوية ابتهاجا بإعلانه واستبشارا به فور إعلانه ، ولكن الذي حدث أمس أن كلمته مرت بهدوء مدهش وتلقاها ملايين المصريين بنظرة حائرة ومشاعر باردة مملوءة بالشك والقلق وغياب اليقين ، ورغم محاولات النفخ الإعلامي وصناعة فرح إلا أنه لم يخرج سوى عشرات الأشخاص للتعبير عن ابتهاجهم ، وهو مشهد بدون شك شديد التعبير ، ولن يمحوه أو يغير من دلالته اهتمام بعض الأجهزة بعد ذلك بالترتيب لاحتفالات مصطنعة بالتنسيق مع متعهدي "المواطنين الشرفاء" وبعض المؤسسات الطائفية ، السيسي يعلم الآن أن حضوره يوم أطاح بمرسي يختلف جذريا عن حضوره الشعبي الآن .
لا أوافق على المبالغات التي قيلت في الاعتراض على موضوع إعلان كلمته في التليفزيون الرسمي للدولة ، فلا يوجد خطأ جوهري في ذلك ، فما زال حتى لحظتها نائب رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ، لكن الخطأ الفادح أن يعلن السيسي ترشحه للرئاسة وهو بالثياب العسكرية ، إنها الإعلان الصريح قصد أو لم يقصد أنه مرشح الجيش ، وهي هدية كبيرة لمن وصفوا إعلان 3 يوليو بأنه انقلاب عسكري ، كما أنها تضع المؤسسة العسكرية في قلب المعركة السياسية وتوابعها ، فنجاحه نجاح لها ولكن فشله يعني فشلها بكل تأكيد ، فضلا عن أن هزيمته في الانتخابات وهي افتراضية بطبيعة الحال ستكون هزيمة للمؤسسة العسكرية ، قولا واحدا ، كان هذا خطأ كبيرا ، وكان المنطق والعقل يدعوانه لمخاطبة الناس بالترشح لمنصب مدني وهو بثياب مدنية ، كمرشح مدني ، وفي كل الأحوال فإن الطريقة التي ترشح بها السيسي وانتقل بها من القائد العام للجيش إلى مرشح الرئاسة هي تحول كبير في طبيعة الصراع السياسي في مصر ، وسيضع الجيش في مواجهة مخاطر عديدة على المستوى الشعبي والسياسي والأمني ، فهي ليست مباراة في كرة القدم ، ولكنها مباراة سياسية لا تعترف بالمحددات الأخلاقية ، ويتولد عنها أحقاد وعداوات وضغائن وتربص ورغبات لرد الصفعات والتشهير والضرب تحت الحزام وإفشال الخصوم .
في كلمته التي أعلن فيها ترشحه زاد السيسي من إحباط الناس على إحباطهم ، لأن محصلة الكلمة بعيدا عن بعض الكلمات العاطفية القليلة تعني أنكم مقبلون على "أيام صعبة" ، وأنني لا أملك الطاقة للإنقاذ وحدي ، ولكني سأجتهد ولن أقصر ، ولكن البقية عليكم ، لا بد أن تتحملوا وتصبروا ، لقد صبر هذا الشعب أجيالا عدة حتى قام بثورته ، وهو لا ينتظر "منقذا" لكي يصدمه من جديد بأن يطلب منه "المزيد من الصبر" ، خاصة وأن الإجراءات التي تم اتخاذها طوال الأشهر الماضية يتحملها السيسي والمؤسسة العسكرية بالمقام الأول ، والشعب ليس شريكا فيها بأي معيار ، فلماذا يدفع الناس ثمنا لقرارات خاطئة وعنيفة ومتطرفة وغير محسوبة ثم يبتلعون فكرة قبول قائد هذه القرارات لكي يستمر في المجهول ، أيضا فإن السيسي لم يقدم أي إشارة أو مفتاح يبدد غموض الصورة السوداوية للمستقبل ، والحديث عن استعراض القوة هنا ضد التحديات أو الإرهاب غير مفيد ، لأن اختراقا واحدا للإرهاب يمكن أن يكلفك موسما سياحيا كاملا ويدفع بملايين المصريين إلى البطالة ، فالقوة هنا بدون منظومة للعدالة الشفافة والإصلاح السياسي الشامل لا قيمة لها .
أخطر ما يواجهه السيسي في مغامرته الجديدة ، هي أنه يبدأ مشواره من حيث انتهى حسني مبارك ، فمبارك حتى يقع الانقسام عليه ثم تتشكل معارضة شعبية ضخمة ضده ، احتاج لأكثر من عشرين عاما تقريبا من حكمه ، ثم انتهى في العشر سنوات الأخيرة إلى الكوارث التي أدت إلى الثورة عليه ، السيسي يبدأ الرحلة في المحطة الأخيرة قبل الثورة ، وهو يواجه الانقسام الاجتماعي والسياسي الخطير ، والانفلات الأمني المؤسس على مظالم ومرارات يصعب تجاهلها ، واقتصاد منهار وأسباب تفاقم انهياره ما زالت قائمة وممتدة لسنوات مقبلة في ظل السياسات الحالية ، ولعل هذا ما جعل اللغة المتفائلة التي استخدمها السيسي عقب إطاحة مرسي من مثل "بكره تشوفوا مصر" ، وقد الدنيا وها تبقى قد الدنيا ، اختفت تماما من خطاب السيسي وحتى من كلمته للترشح ، وحلت محلها لغة محبطة ومتشائمة ، وحتى صورة وجهه لمن تأملها وقارنها مع صورته أيام النشوة في أعقاب 3 يوليو ، فالبهجة والثقة والتفاؤل الكبير تحولت إلى معالم إحباط وإرهاق وقلق مرسومة بوضوح على وجهه .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.