قرر كرم زهدي رئيس مجلس شورى "الجماعة الإسلامية"، وأحد أبرز مؤسسيها في سبعينات القرن الماضي، والدكتور ناجح إبراهيم المنظر الفكري للجماعة "التخلي نهائيًا وإلى الأبد عن مسئوليتهما في قيادة الجماعة، والتفرغ للعمل الدعوي بالمساجد"، في تطور مفاجئ جاء في أعقاب الأزمة الأخيرة التي شهدتها الجماعة. وأعلن إبراهيم في بيان أصدره الاثنين، أن زهدي أبلغه استقالته من رئاسة مجلس شورى الجماعة ومن كافة المسئوليات الإدارية الأخرى، مؤكدًا أنه قرر "تطليق المسئولية الإدارية بالجماعة طلاقًا بائنًا وإلى الأبد", تاركًا لإخوانه حرية الاختيار في الانتخابات القادمة للجماعة والمقرر إجراؤها خلال الأيام القليلة القادمة. وأعرب زهدي الذي أطلق مبادرة لوقف العنف في عام 1997 عن أمله فى أن لا تعود الجماعة فى ظل قياداتها الجديدة إلى الصدام مع الدولة أو المجتمع, وأن يصدعوا بالحق في رفق ولين, ويحافظوا علي ثوابت الإسلام, وأن يحسنوا استغلال الحرية المتاحة في نشر الخير ودعوة الإسلام الصافية, وأن لا يتاجروا بآلامهم في ميدان السياسة الرخيص. وقال زهدي إنه يترك القيادة بعد أن حصلت "الجماعة الإسلامية" علي حقوقها وانتهت كل أزماتها وأصبحت علي خير حال، وأصبحت علي خير حال". أما الدكتور ناجح إبراهيم، الذي يعد الرجل الثاني بالجماعة ومنظرها الفكري فأعلن قراره بالتخلي عن موقعه داخل الجماعة في بيان وداعي جاء تحت عنوان "وداعًا للقيادة ومرحبًا بالدعوة"، قال فيه إنه سيتفرغ لمهمة الدعوة بعد أن أزيلت القيود التي كانت مفروضة في السابق. واعتبر أن "الدعوة إلى الله هي مهمة الرسل الأساسية وهي حبي الأول والأخير, وأعود إليها بعد عياب طويل بدون أية قيود من الدولة, أو المسئوليات الإدارية التي أثقلت كاهلي في السنوات الماضية والتي كانت سببًا في توجيه نصال النقد والحقد أيضًا إلي صدري, وكانت سببًا في تشتت مجهودي الرئيسي عن مهمتي الحبيبة إلى نفسي وهي السعي في هداية الخلق إلى الحق سبحانه". وقال إنه يتخلى اليوم طوعًا عن جميع المسؤوليات الإدارية قبل إجراء الانتخابات في الجماعة الإسلامية بعد أن رست سفينتها إلي بر الأمان وساهمت في إخراج المئات من السجون ويسرت مع غيري الحياة على كل المعتقلين. وأكد أنه يستقيل من المسئولية بعد أن "أدركت أن هذا الزمن ليس زمني في المسئولية وليس الوقت المناسب للبقاء فيها أو للترشح لها أو حتى لقبولها إذا جاءت إليَّ مرة أخرى أو العودة إليها طيلة حياتي". وأعلن المنظر الفكري للجماعة، أنه قرر أن يسخّر ما تبقى من حياته فى الدعوة إلي الله مقتديًا بالدكتور يوسف القرضاوي رئيس "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" والمفكر الإسلامي الدكتور سليم العوا. يذكر أن الجماعة شهدت مؤخرًا أزمة اعتبرت مؤشرًا على حدوث انشقاق في صفوفها، إثر صدور قرار بفصل الدكتور صفوت عبد الغني القيادي بالجماعة, ووقف الدكتور عصام دربالة من عضوية مجلس شورى الجماعة, بعد أن اتهما بالتراجع عن تأييد مبادرة وقف العنف ومحاولة العودة بالجماعة إلى فكر ما قبل المبادرة. لكنهما نفيا ذلك وقالا في بيان مشترك إن ما نسب إليهما بهذا الخصوص "عار تمامًا عن الصحة"، وإنهما لا يزالان متمسكين بتلك المبادرة التي وضعت حدًا للصدام الدموي بين الجماعة والدولة في حقبة التسعينات. وانتهت الأزمة التي كانت مادة للسجال الإعلامي بعد تدخل وسطاء لإنهائها، وتم في النهاية تسوية الأزمة والتراجع عن القرار بشأن عبد الغني دربالة والاتفاق على إجراء انتخابات قريبًا.