الكتاب المسمى بالجامعي يظلم الجامعة لأنه سبة في جبينها، وعقبة أمام التعليم الحقيقي الجاد. فليس هناك سلعة أردأ وأخس من هذا الكتاب، وليس هناك بائع أسوأ وأقمأ من صاحبها ومروجها، وليس هناك سوق أرحب وأوسع لهذه السلعة من الجامعة. هذا الكتاب غير جدير بالاقتناء، فطريقه إلى المكتبة موصدة، ولكنها معبدة إلى مستقره الذي يليق به في صندوق القمامة. فهو ليس بكتاب، وإنما رزمة ورق أصفر مصاب بالأنيميا، سطوره لا تعرف الاستقامة، تحمل خليطا من لغة عربية ركيكة وإنجليزية أكثر ركاكة. ورغم كل ما سبق استطاعت هذه السلعة أن تفرض وتسوق نفسها، بل وتلقي دعما بمبالغ طائلة من الحكومة يذهب معظمها إلى بطون أولئك الذين يتعاملون في الكليات ذات الأعداد الوفيرة، أما كليات الأعداد المحدودة فلا نصيب لها من الدعم المفترض أنها الأولى به. هذا الكتاب له آثار بالغة السوء، أولها تدني مستوى العلمي للطلاب وعزوفهم عن حضور المحاضرات اكتفاء بأنهم سجلوا اسماءهم في سجل المبيعات ويضمنون بذلك النجاح. ثانيا... اقتتال أعضاء هيئة التدريس للفوز بالنصيب الأكبر من المقررات الدراسية وإن في غير تخصصه، فلكل مقرر كتاب، ولكل كتاب حصيلة مضمونة. ثالثا... فقدان عضو هيئة التدريس لكرامته ونزاهته وهو يمد يده إلى الطالب. رابعها... خراب الذمم واعتماد مبدأ تبادل المنفعة. خامسها... المرارة التي تتولد لدى فريق يفضلون المشي على أخفافهم على مد الأيدي، تجاه فريق أخر يبدلون سياراتهم كل سنتين أو ثلاث. الفريق الأول يعاني قلة ذات اليد، بينما الآخر في رغد من العيش. ويبقى أمر هام هو أن وظيفة عضو هيئة التدريس نقل ما تعلمه إلى الطلاب نظير ما يتقاضاه من مرتب، فلهذا الغرض أعدته الدولة وانفقت عليه من مال الشعب، أما أن يتقاضى مرتبه ثم يستدير إلى الطلاب ليتقاضى منهم ما يشاء ابتزازا وتهديدا فشئ إد. ولعلنا لا ننسى أن صدور القانون رقم 82 لسنة 2000 القاضي بمحاصرة أساتذة الستين وتسريح أساتذة السبعين كان لإخلاء الساحة للتجار الصغار الجدد. وقبل أن نتحدث عن الحل علينا أن نعى أن الأستاذ الجامعي هو قدوة الطالب لأنه أخر من يقع عليه البصر قبل الخروج إلى الحياة العامة. فإذا فسد فسدت القدوة وإذا صلح صلحت القدوة. ما الحل! إلزام (بقرار أو بقانون) كل من يريد من أعضاء هيئة التدريس وضع كتاب أن يتقدم بمخطوطه إلى إدارة الجامعة مقابل مكافأة موحدة من المبلغ المخصص للدعم لا ترتبط بأعداد الطلاب، وبحد أعلى لا تتجاوزه في العام الدراسي، ثم تتولى الجامعة الطباعة والتوزيع بسعر التكلفة. وحبذا تخصيص جزء من المبلغ المخصص للدعم لترجمة الكتب الأجنبية المحترمة. ملحوظة: التقاعس عن حل مشكلة الكتاب الجامعي مساهمة في الإفساد المستدام للتعليم.