... إلا الدماء فلا يملك أحد التنازل أو المساومة عليها,وقلت قبل أيام (نحن أولى من توتو ) قسيس جنوب إفريقيا الذي تبنى مصالحة شاملة وعفوا عاما مقابل رد الحقوق من العنصريين البيض ,وبه أوقف ثأرا دمويا ,وأنعش خزينة دولة لم تزل في طور النقاهة من نظام التمييز العنصري والتطهير العرقي. واعترض أصدقاء ووافق آخرون ,و(بلاها جنوب إفريقيا) وفتش معي في تاريخ مصر وقف عند الشيخ الجسور سيدي العز بن عبد السلام خطيب جامع عمرو بن العاص ,و على الرغم من اختلاف المثل ,فأنا أحاول التقريب, فالغضب كفيل بالفشل, وجملة(الغزية لازم تنزل) عبارة ستفضح أكثر مما تستر ,وتضر ربما أكثر مما تنفع ,وهب أن أمراء العصر المباركي ووجهاء الحزب الوطني من أول الرئيس المتخلي وأسرته وحتى أحمد عز وأبو العنين والمغربي وعشرات وربما مئات غيرهم ., هب أنهم أرقاء عندنا وأسرى مودعون ليمان طرة,ولما قدم مهيب الجناب العز بن عبد السلام مصر وتولى القضاء بعد أن أنكر –في كلمة حق عند سلطان جائر- تحالف حاكم دمشق الصالح إسماعيل مع الصليبيين ضد مصر ثم اعتقل وعزل وخرج., فولى وجهه شطر المحروسة رافضا الصلح مع حاكم دمشق الخائن في كلمة مشهورة للساعي إلى صلحه مع الصالح إسماعيل : “يا مسكين ما أرضاه أن يقبّل يدي، فضلا أن أقبل يده، يا قوم أنتم في واد، وأنا في واد، والحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به". المهم في مصر وهو قاض عليها اكتشف العز بن عبد السلام أن أمراءالملك الصالح أيوب عبيد أرقاء-أنا أتكلم هنا عن أسماء خطيرة قطز وقلاوون وعشرات القادة الفرسان - وبالتالي لا ولاية لهم ولا بيع ولا شراء ولا عقد نكاح ,فأبلغهم بذلك،و أوقف تصرفاتهم ,يعني جمد أرصدتهم ومنعهم من السفر- يا أخي مثلا مثلا واصبر علي قليلا - وبينهم نائب السلطان نفسه,وحاول السلطان والأمراء المساومة والالتفاف,والتآمر ,وأصر العز بمرونة العالم مقدما حلا يرضي جميع الأطراف في حدود الشرع ,قائلا لهم: نعقد لكم مجلساً، وينادى عليكم لبيت مال المسلمين، ويحصل عتقكم بطريق شرعي، وما كان ذلك ليرضيهم فرفضوا ورفعوا الأمر إلى السلطان الصالح أيوب، فراجع الشيخ في قراره فأبى، واعتزل العز بن عبد السلام وتأهب لمغادرة مصر ,وما إن انتشر الخبر , حتى خرجت الأمة عزيزة وراء الشيخ العز الذي غادر القاهرة، وأدرك السلطان خطورة فعلته، فركب في طلب الشيخ واسترضاه وطيب خاطره واستمال قلبه، وطلب منه الرجوع معه، فوافق العز على أن يتم بيع الأمراء بالمناداة عليهم واحدا واحدا ويغالي في ثمنهم حتى إذا ارتفع السعر إلى أقصى غايته، وعجز المشترون قام السلطان الصالح أيوب بدفع الثمن من ماله الخاص،وتكرر هذا الأمر منه عند بيعة الظاهر بيبرس حين استدعى الأمراء والعلماء لبيعته، وكان من بينهم الشيخ العز، الذي فاجأ الظاهر بيبرس والحاضرين بقوله: يا ركن الدين أنا أعرفك مملوك البندقدار فلا تصح البيعة لك وأنت لست أهلا للتصرف- يا جماعة الكلام السابق موجه للظاهر بيبرس المرعب القوي الذي تصطك له ركب و طقم أسنان الأعداء- فما كان من الظاهر بيبرس إلا أن أحضر ما يثبت أن البندقدار قد وهبه للملك الصالح أيوب، الذي أعتقه، وهنا تقدم الشيخ فبايع بيبرس على الملك. العز بن عبد السلام سيدنا وأعتق أسيادنا أبطال عين جالوت وقاهري الصليبيين وحافظي مصر محروسة من المتربصين. و به إن لم يعجبك (نحن أولى من توتو)فأرجو أن تتبنى معي (نحن أولى بالعز).و تطلب أن يتولى السيد النائب العام و مجلس القضاء الأعلى الإشراف على مزاد علني لبيع أصول المسجونين المتهمين بعد أن يرجعوا ثلاثة أرباع –مثلا- أرصدتهم بالخارج,مقابل عفو لا يشمل إزهاق الأنفس ,وقد بدأ هؤلاء بالفعل أمرا مشابها بعرضهم على النائب العام رد خمسة مليارات جنيه وملايين الأمتار من أراض اغتصبوها,وكل شيء قابل للمزاد ولفك القيد إلا الدماء ,ما سال منها في ثورة يناير أو قبلها على مدى ثلاثين عاما.والخزينة العامة بحاجة إلى فيتامينات ومنعشات ,ومصر في فترة نقاهة مريض عولج بالكيماوي ثلاثين سنة,والعفو عند المقدرة شيمة لابد أن نستدعيها أثابكم الله. [email protected]