كان الخطر الأكبر لتواجد جمال مبارك علي الساحة السياسية هو اغتيال المستقبل و قتل الأمل في نفوس الشباب وهم الغالبية من الشعب المصري، كنا ندرك أننا سوف نمضي الأربعين سنة القادمة – أو الي أن يشاء الله - في الفساد و الاستبداد و الظلم و المحسوبية و تزوير الانتخابات ومن ثم الي الاحباط و الكبت في نفوس المصريين، و لذا كانت الفرحة عارمة بسقوط النظام و انتعاش الأمل و الطموح في قلوب المصريين جميعا في غد أفضل و مستقبل مشرق. و قد أدي شعور المصريين أن بلدهم بأيديهم الي اعلان العديد من الشخصيات عزمها علي تأسيس أحزاب سياسية جديدة أو علي الترشح لمنصب رئيس الجمهورية. و أنا هنا لا أصادر حق أحد في الحلم بأي منصب – فبالطبع لست جمال مبارك !!! – و لكني أري أن كل انسان يستطيع الأن في مصر أن يفعل لمصر ما يستطيع أن يفعله و دون شك من أحد في وطنيته و دون ملاحقة من مباحث أمن الدولة بغض النظر عن وصوله للمنصب الرئاسي من عدمه. الدكتور عمرو خالد – مثلا- شاب أربعيني نابه و داعية اسلامية له أسلوبه المميز الذي عرفه به العالم كله و قدره باعتباره من أكثر الشخصيات تأثيرا في محيط الشباب. عمرو خالد كان له الكثير من البرامج التليفزيونية الشهيرة الرائعة و من أهمها (صناع الحياة) و (دعوة للتعايش) يدعو فيها الي استنهاض همم الشباب للجدية و الايجابية و صناعة النهضة الشاملة، غير أنه لم ينج – رغم سلمية برامجه و تحاشيه الحديث في السياسة و الأوضاع القائمة – من تحرش أجهزة أمن الدولة به و منعه من الخطابة في مصر لمحاولة تقليص تأثيره في الشباب و منع أي منافسة محتملة مع جمال مبارك !! الأن - و بعد الثورة العظيمة و بعد حل جهاز مباحث أمن الدولة - فاننا نطالب عمرو خالد بالعودة لقيادة شباب الثورة لاحداث تنمية اجتماعية التي هي الأساس للنهضة الشاملة التي نحلم بها جميعا. شباب ثورة يناير الذين نظفوا و جملوا ميدان التحرير بعد أن أسقطوا الطاغية، و نظموا حركة المرور في مصر كلها وكونوا لجانا للدفاع الشعبي للحفاظ علي الممتلكات العامة و قاموا بحراسة المنشأت التي لم تكف دبابات الجيش لحمايتها مثل البنوك وغيرها، هؤلاء الشباب الوطني العظيم عليهم واجبات الأن في حال السلم بعد أن أسقطوا الطاغية : لا يخفي أن كثيرا من المدن و القرن و الأحياء – حتي الراقية منها – في حالة مرزية من القذارة و تراكم القمامة و تحتاج الي جهد كبير لتنظيفها و تجميلها، هناك الملايين من الأسر الفقيرة التي تحتاج اما الي المال أو الي المساعدات العينية لكي يمكنها العيش في كرامة، هناك الأمية و التخلف في نسبة كبيرة من الشعب المصري، كما يوجد العديد من المواهب المصرية الناشئة التي تحتاج للمساندة ليكونوا مخترعين حقيقيين، كل هذا يحتاج الي جهد شبابي متواصل أدعو الدكتور عمرو خالد أن يقود هذا العمل الوطني الجليل أو علي الأقل يساهم في قيادته بغض النظر عن تأسيسه لحزب سياسي أو ترشحه لرئاسة الدولة. أذكر أن الشيخ الشعراوي حين عاني من بيروقراطية وزارة الأوقاف التي كان يحمل حقيبتها ترك الوزارة ، بل و خلع العمامة الأزهرية و لبس الطاقية البيضاء تهربا من شغل منصب شيخ الأزهر- الذي كان مرشحا له بقوة بعد وفاة الشيخ عبد الحليم محمود - و استمر في القاء خواطره الرائعة حول القرأن الكريم التي استمر بها حتي قبيل وفاته دون أي منصب رسمي. و بالمثل فان عمرو موسي الذي أمضي عشر سنوات كوزير لخارجية مبارك و مثلها في قيادة الجامعة العربية، ندعوه- وهو مازال في قمة لياقته الذهنية و البدنية علي الرغم من أنه سبعيني- أن يعمل علي تأسيس ( الاتحاد العربي) علي غرار الاتحاد الأوروبي و أن يكون علي أسس اقتصادية بحتة بعيدا عن التدخل الشائك في سياسات الدول. أتمني أن يعمل الاتحاد العربي علي احداث التكامل الاقتصادي العربي و دعم التنمية و مواجهة البطالة و تيسير تشغيل العرب في كافة البلدان العربية . انني أدعو أيضا الي انشاء مجلس أعلي للتعليم و البحث العلمي يضم كل الخبراء في هذين الأمرين الجليلين باعتبار أن هذه هي واحدة من أهم معارك الحاضر و المستقبل. التعليم به العديد من المشكلات التي تؤثر علي جميع الأسر المصرية وتحتاج الي مجلس أعلي يجتمع فيه الخبراء لدراسة اصلاح أحوال المدارس و مناهج التعليم و الاهتمام بالتدريب و الاعداد لسوق العمل و محاربة الدروس الخصوصية و نوعية الاختبارات، كل هذه الأمور لا يصح الارتجال فيها و لا يكفي أن يتخذ فيها القرار وزير مشغول بالسعي وراء مشروعات حرم الرئيس !!!، و البحث العلمي حالته مرزية و يحتاج أيضا للمجلس الأعلي من أجل دفع البحث العلمي والتكنولوجيا في كل جامعات و معاهد مصر و المؤسسات البحثية و ليس فقط في جامعة واحدة ، و بالطبع فاني أدعو صاحب نوبل الدكتور أحمد زويل و غيره من رجالات مصر الأوفياء للمساهمة في ذلك الأمر الجلل بخبرتهم الدولية المتميزة. خدمة مصر و المساهمة في النهضة الشاملة لا يكون فقط بتأسيس أحزاب سياسية أو الترشح لرئاسة الجمهورية. للتواصل علي فيسبوك: [email protected]