عكاشة: تآمروا على الأمن القومى.. وهدان: قتلوا الأخلاق والقيم.. زارع: غرسوا روح الكراهية
القنوات الفضائية سلاح ذو حدين، أما أن تكون وسيلة لبناء المجتمع، وأما أن تكون سكينًا يتم من خلالها ذبح الفضائل والقيم، إلا أنه يبدو جليًا أن كثيرًا من الفضائيات اختار الطريق الثاني، وقرر التضحية بكل مبادئ الإعلام، مما عرض النسيج الاجتماعى للخطر، من خلال التشهير والسباب والخوض فى الأعراض وتصفية الحسابات، الأمر الذي يصفه الخبراء بظاهرة "الردح الإعلامي"، والذي يدفع الرأى العام ثمنه من خلال تدنى الذوق العام، حتى وصل الأمر إلى أن بعض البرامج التى تقدمها راقصات متضمنة أغان هابطة وكلمات مبتذلة تخدش الحياء، وأصبحت الأسر تسمع من الألفاظ، والكلمات غير اللائقة والعبارات المسيئة ما يؤذى مشاعر وأسماع المشاهدين، ومن إطلالة "توفيق عكاشة على "الفراعين" إلى وقاحة الراقصة "سما المصري" على قناة "فلول"يا قلبى احزن وابكى يا عين بدل الدموع دم. الدكتور رضا عكاشة، أستاذ الإعلام بجامعة 6 أكتوبر يرى أن هذه الإفرازات الرديئة التى طفت على سطح العمل الإعلامى فى الفترة الأخيرة هى انعكاس لحالة الهشاشة والتفلت التى صارت عليها حياتنا الثقافية بشكل عام، وحالتنا الأخلاقية والسياسية بشكل أكثر عمومية، فالرصد المبدئى للغالبية العظمى من القائمين على معظم هذه البرامج والقنوات يبين أن سجلهم الشخصى ممتلئ بالأخطاء والعورات سواء من ناحية علاقتهم الأخلاقية أو غير الأخلاقية أو ارتباطهم غير السوى ببعض الأجهزة الأمنية، أو ممارستهم لأعمال لا علاقة له بالعمل الإعلامى كما يحدث من هذه الراقصة المدعوة "سما المصري" التى سقطت علينا من السماء. ويضيف: لاشك أن عدم المهنية والانفعال والردح والتمثيل اللفظى والجسدى الذى يقع فيه نفر غير قليل من الإعلاميين، وعلى رأسهم توفيق عكاشة الذى لا أعتقد أنه أسلوب يتماشى مع مناقشة مجموعة من الأفراد يجلسون على إحدى المقاهى فى منشية ناصر أو عزبة خير الله. ويؤكد عكاشة، أن سبب الردح الإعلامى الذى يخترق أسماع الملايين بشكل يومي، يرجع للفراغ الذى تعيشه المؤسسات المهنية فى مصر؛ والتي تفتقد لما نسميه البنية التحتية للمؤسسات الإعلامية، فالهياكل الإدارية غير واضحة وبالتالى يسيرها أفراد سواء من فوق الأرض أو من تحت الأرض - بحسب تعبيره، فالإمكانيات المادية غير واضحة ويمتلكها فرد من فوق الطربيزة أومن تحتها، إضافة إلى غياب القواعد التشريعية والقانونية التى تضبط هذه المؤسسات. ويشير عكاشة، إلى أن السبب الخطير الذى ساهم بشكل سلبى فى وصلات هذا الردح، جو الفتنة السياسى الحادث فى مصر، فشئنا أم أبينا هناك تشققات سياسية حادثة لا أقول منذ ثلاث سنوات بل عشرات السنين، بين تيارات سياسية أو ثقافية شديدة التناقض، وفى الفترة الأخيرة ولأسباب عديدة ظهرت وبشكل قاسى ومن المؤسف أن المؤسسات الإعلامية والإعلاميين يعتبرون أنفسهم أحزاباً سياسية وتيارات فكرية وقضاة على المنصة، يحكم ويسجن ويتهم ويصادر، مما ضخم مؤشرات الردح على هذا النحو الخطير فى مجتمعنا. ويقول الدكتور محمد وهدان أستاذ الإعلام بجامعة الأزهر، إنه من المفترض أن يرتفع الإعلام بالخلق الذى يؤمن به المجتمع، فالإعلام هو المرآة التى ينعكس منها قيم وعادات وتقاليد المجتمع، أما ما تضمنه بعض برامج "التوك شو" من العبارات والإيحاءات والإيماءات الخادشة للحياء, ففيها خروج على قيمنا الاجتماعية وديننا الحنيف، كفانا وقوعًا فى هذه العبثية الإعلامية التى تدخل المجتمع فى نفق مظلم وتسيئ إلى أبنائه ورموزه وتفرق صفه وتشتت شمله. وطالب بضرورة وقفة صارمة مع من يقف وراء هذه البرامج وإيقافها لفترة محددة لتأديبها حتى تعود على النهج السليم، ودون إغلاق القناة فأنا ضد إغلاق القنوات. فيما اعتبر الدكتور أحمد زارع الأستاذ بكلية الإعلام والمستشار الإعلامى لجامعة الأزهر، أن الإعلام يعكس واقعنا أمام الآخر سواء فى الداخل أو الخارج ونحن فى ظل السموات المفتوحة علينا أن نراعى ذلك، ولا ينبغى بأى حال من الأحوال أن تسحبنا كراهيتنا لفصيل معين أن ننتهج هذا النهج غير الأخلاقى فى التعبير عن رفضنا له. وأضاف: مهما اختلفنا في تحليلنا للمجتمع المصرى فسمته الأساسية أنه جمهور قيمى يلتزم بقيم المجتمع ولا يحيد عن مبادئه الأصيلة، وطالما أن هذه البرامج الحوارية اختارت هذا النهج المنحرف فسوف يصيبها الفشل فى القريب العاجل ولن تستطيع أن تستقطب جمهورًا يقدرها ويحترمها وسينزوي عنها كل من يشاهدها ويستمع إليها فى أسرع وقت حتى إن كان من أشد المؤيدين لما تدعو إليه فسوف يلفظها سريعًا. وشدد زارع على أن مثل تلك القنوات سيكون لها مردود عكسى فسوف يتحول المؤيد لما تدعو إليه إلى معارض بشدة وذلك لبذاءتها وانحرافها.