كان الله في عون العاملين في حقل الدعوة فهم دون خلق الله أجمعين الموقوفون علي عملهم فلا يستطيع الواحد منهم ممارسة اي عمل أخر يعينه علي أعباء الحياة .. وفي ظل الظروف المعيشية الصعبة وحاجتهم الملحة إلي دخل يكفيهم شر السؤال والمسكنة ويكفل لهم حياة كريمة ومستقرة .. كنا نسمع ممن أنيط به أمر الدعوة ( سامحه الله ) وهو يتباري في كل المناسبات أنهم أحسن حالاً من أقرانهم في كل المصالح والهيئات الأخرى ... وأنهم والعهدة علي الراوي يؤدون فريضة الصلاة ويتقاضون الأجر .. وهذا افتئات عليهم وتحقير من شأنهم ومن رسالتهم التي ارتضوها في الغالب طوعاً لا كرهاً.. وربما كان هذا دافعاً إلي ابتعادهم عن الشكوى والتي هي في كل الأحوال ( لغير الله مذلة ) أئمة المساجد أو دعاة النظام كما يحلو للبعض تسميتهم.. لطالما تجرعوا المرارة والذل وكثيراً ما صوبت إليهم السهام دون جرم ارتكبوه .. وفي تقديري أن أئمة المساجد لا يمكن أن يستقر لهم حال إلا أذا تحققت لهم عدة أمور: أولاً : المسارعة بإقرار ما أسموه بالكادر الخاص وهذا ليس بدعاً من القول فهم ليسوا بأقل من فئات أخري في المجتمع كالقضاة ورجال السلك الدبلوماسي .. وغيرهم كثير .. وقد سبق في مجلس الشعب ( 2005/2010 ) أن وافقت لجنة الشئون الدينية علي هذا المشروع والذي لطالما انتظرناه طويلاً ... وبعد مناقشات مستفيضة وكان قاب قوسين أو أدني من الإقرار لولا وقوف السيد / أحمد عز ( فرج الله كربه )وكانت حيثياته ومبرراته التي روجها نيابة عن صديقه الأعز / بطرس غالي وكان منها العين بصيرة واليد قصيرة وأشياء أخري .. وبعدما سمعنا عن المليارات التي نهبت وسرقت ألا يحق لنا أن نطالب بالمسارعة بإقرار الكادر الخاص للدعاة ؟ ثانياً : أئمة المساجد دون غيرهم من كل الفئات الأخرى وبالمخالفة لكل الشرائع السماوية والوضعية هم من كتب علي جبينهم الحرمان من إنشاء نقابة لهم تحميهم وتشد من أذرهم وأتذكر ما قاله الرئيس الراحل / أنور السادات عندما طالبه البعض بإنشاء نقابة للأئمة وكانت قولته أننا لا نستطيع تفريقهم وهم علي حالتهم فكيف بنا إذا كان لهم بنيان يجمع شتاتهم .. وهل صحيح أن الدعاة يمثلون خطورة يجب تلاشيها والقضاء عليها. ثالثاً : لقد تحمل الدعاة كغيرهم الأمرين من تدخلات سافرة لجهاز مباحث أمن الدولة تارة بالمنع وأخري بالنقل والتشريد والحرمان مما ترك غصة في حلق الكثيرين من الدعاة الذين يحاولون هذه الأيام إلقاء التبعة علي قيادات الأوقاف وان علموا أنهم لا حول لهم ولا قوة وان شئت قل في الهم سواء .. فهل صحيح أن ما حدث لن يعود مرة أخري وان الدعاة من الآن فصاعداً لا خوف عليهم ولا هم يحزنون وبالتالي يمكنهم الغوص في هموم الناس وآمالهم دون خوف من تعسف أو تشريد .. هذا ما نرجوه . رابعاً: ولماذا لا يمنح الدعاة حصانة تحميهم من الكبت وتكميم الأفواه إذا كنا فعلا وقولاً جادين في النهوض بالدعوة والحرص عليها.. وما ندعو إليه ليس خروجاً علي النص كما يقولون.. وإنما هو حق أصيل باعتبارهم أصحاب كلمة وفي كل الأحوال فان قانون العقوبات فيه ما لذ وطاب لمحاسبة الخارجين البعيدين عن الدعوة إلي الله بالحكمة والموعظة الحسنة. خامسا : وحتى لا يكون الدعاة في مرمي الاستجداء من ذوي النفوس المريضة وأصحاب الأهواء المغرضة وما يحلو لهم ترويج الأفكار البعيدة عن الإسلام بمفهومه الأوسع فليس أقل من تحسين دخولهم وبما يكفل لهم الاستقلالية التامة في عرض أفكارهم دون تحيز لفئة أو مذهب وأتصور أن هيكلة مرتباتهم ليس اقل من المسارعة في انجازها وبتمويل جاد لا يحتاج إلي إبطاء . سادساً : وهل صحيح أن مساكن هيئة الأوقاف محرمة عليهم ومن منا يستطيع الاقتراب من أثمانها الباهظة وأتساءل ومعي كثيرون ما هو مصير ما تم استثماره من أموال هيئة الأوقاف في توشكى وهل يتفق هذا الإنفاق مع شروط الواقفين .. لست ادري . وفي النهاية إذا كان من حق الجميع أن يظفروا بنصيبهم في مكتسبات الثورة ومنها الارتقاء بمستواهم المادي والمعنوي فالدعاة كذلك ليس أقل من تحقيق مطالبهم المتواضعة.. وإنا لمنتظرون ؟؟