قال لي صاحبي وهو يحاورني: مادامت القوى المعارضة لما حدث يوم 3 يوليو واثقة من شعبيتها فلماذا لا تقدم مرشحًا للإنتخابات الرئاسية، ولنر من له شعبية أكثر، فقلت له: يرحمك الله، كأنك كنت في الشهور الماضية في كوكب آخر ولم تعايش أجواء القمع والفاشية والتعتيم السياسي والإعلامي، والتي ينتفي معها أبسط مقومات الإحتكام لمنظومة الإنتخابات، ويصبح الحديث عنها بمثابة نكتة تنتمي لتصنيف الكوميديا السوداء !!.
ألم يأتك يا صديقي نبأ القنوات الفضائية التي أغلقت منذ اللحظات الأولى مساء 3 يوليو ؟!!، ألم يأتك نبأ الصحف التي أغلقت ؟!، والساسة الذين سجنوا ؟!، ألم يأتك نبأ قناة الجزيرة، وهي الوحيدة في المعارضة التي ما زالت مفتوحة لأنها خارج نطاق سيدي الحاكم، لكنها لا تترك في حالها ووحدتها، بل يقبض على مراسليها ويطردون ويطاردون ويهانون من زبانية الحاكم وبلطجيته أينما ذهبوا، وكفى بهذا قمعًا يقوض إدعاء نزاهة الإنتخابات، فمراسلو الجزيرة مهددون يوميًا بالإعتقال وتطاردهم المضايقات أينما حلوا، فالإنسان الطبيعي منهم ما لم يكن صاحب رسالة بحق أو مغامر أو مضطر إلى العمل فإنه سيترك هذا العمل إلى غيره، أو سيحاول الإبتعاد عن البؤر الساخنة، أو سيحاول ألا يكون قاسيًا في تعليقاته، وهذه كلها من صور القهر، بينما المحطات الأخرى الموالية للإنقلاب على كثرتها فإنما تتقرب إلى سيدي الحاكم بالمزيد والمزيد من التطاول على الإخوان والنيل منهم بالصدق أو الكذب، وبالمزيد من تملق الحاكم ونفخه كما نشاهد كل ساعة، وبالتالي فالواقع الآن أن معارضة الحاكم مغرم خطير عند المنابر القليلة المتبقية في المعارضة، وتأييد الحاكم (مغنم) عظيم عند المنابر المؤيدة التي تزيد عددها طالما المغنم حاضر عند الحاكم أو عند من ترتبط مصالحهم به، وكفى بهذا كله تزويرًا لإرادة الناخبين قبل تبدأ أي إنتخابات أو إستفتاءات.
قلت لصديقي، مرة أخرى كي لا تحدثني عن أي إنتخابات في هذا العهد، رجاء تذكر النقاط التالية، فإذا تحققت جميعها فحدثني عن إنتخابات، وإذا لم تتحقق فأرجوك لا تحدثني عنها: 1- فتح منابر المعارضة من صحف وفضائيات وإعطاءها حرية كاملة مثل الممنوحة لمنابر المؤيدين. 2- إطلاق زعماء المعارضة من السجون حيث أنهم القوة الدافعة لأي حراك معارض في الدنيا. 3- السماح بجميع حريات إبداء الرأي والملصقات (طبعًا تتذكر ملايين الملصقات بنعم، وفي الوقت ذاته القبض على من يقوم بوضع ملصقات لا !!، ثم يقول لك كان إستفتاء نزيهًا....أنظر كيف يفترون !!)، والسماح باللقاءات العامة مع الجمهور. 4- مراقبة دولية شاملة لكل مراحل الإستفتاء منذ الحملات، إلى أمام اللجان، وداخل اللجان، وأثناء جميع مراحل الفرز.
إذا تحققت هذه الأربع جميعها، كما تحققت في كل إنتخابات منذ 25 يناير حتى 3 يوليو، وذلك شهد العالم لها بالنزاهة ، فعندها حدثني عن إنتخابات وإستفتاءات، إذا لم تتحقق تلك الأربع – ولن تتحقق في هذا العهد أبدا – فلا تحدثني عن انتخابات أو استفتاءات.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.