فوجئت بمن يخبرني بأن بث القنوات الاقليمية على القمر الصناعي المصري "نايل سات" توقف ابتداء من أول ابريل الحالي بقرار من أنس الفقي وزير الاعلام! أنا لا أتابع التليفزيون كثيرا هذه الأيام بسبب مشاغلي التي تأخذني من الصباح حتى وقت متاخر من الليل لا يصلح معه سوى أن أخلد إلى النوم لبضع ساعات، لكن الخبر على كل حال ازعجني بشدة، فهو لا يعني سوى أن وزير الاعلام الشاب يحتاج إلى دورات تدريبية طويلة ومكثفة حتى يخرج من عقليته المركزية الشمولية! منذ تم تعيينه لأول مرة وزيرا للشباب والرياضة ورأيت صورته في الصحف، وسيرته التي تخلو من أي إنجاز أو كفاءة غير عادية، وأنا اتوقع له صعودا سريعا، وهبوطا دراميا في المجالات التي يتبوأها! مثل هذا النوع من المسئولين يصعدون على سلالم المجاملات ويعتبرون أنفسهم مسخرين فقط لخدمة أصحاب المقام العالي الذين جاءوا بهم إلى مناصبهم، ومن ثم فإن كل مصالح الآخرين لا قيمة لها في عملهم أو قراراتهم! لقد ذكرني أنس الفقي بوزير شاب اسمه منصور حسن جاءت به السيدة جيهان السادات في فترة حكم زوجها ليتولى وزارة الاعلام، وقد كان في طريقه للصعود بسرعة الصاروخ، وصعد فعلا لبعض الوقت، لكنه انزوى واختفى في ظروف غامضة! كثير من الصفات المتشابهة بين الاثنين، ما عدا أن الفقي ينقصه الكثير من ذكاء منصور حسن، ربما لا يحتاج لهذا الذكاء في نظام يعيبه للأسف الغباء الشديد، فلا يكتشف الكوارث التي يمكن أن يقع فيها الاعلام بسبب وزيره الصاعد من بئر الصدفة والمجهول! أنس الفقي يعتبر كل ما فعله صفوت الشريف رجسا من عمل الشيطان ينبغي تطهير الاعلام منه، ما عدا الأرجاس الحقيقية المتفق عليها من الجميع والتي جعلت من قنواتنا التليفزيونية أضحوكة العرب، قنوات بعدد الليمون لكنها لا تقدم أية أفكار جديدة، وهي ناجحة بامتياز في تطفيش المشاهدين! عنصرية أنس الففي ومركزيته الشديدة دفعته إلى الغاء البث الفضائي للقنوات الاقليمية، وهو قرار يحصر كل المصريين في ناديين فقط هما الأهلي والزمالك، فالتميز الوحيد لهذه القنوات أنها كانت تنقل لنا مباريات أندية الأقاليم، فنشاهد في القناة الرابعة مثلا مباريات الاسماعيلي والمصري واسمنت السويس، وفي القناة السادسة مباريات غزل المحلة والبلدية، والثامنة مباريات الالمونيوم، والخامسة مباريات الاتحاد. الآن سنعود إلى زمن كنا مجبرين فيه على مشاهدة المباريات التي أحد طرفيها الأهلي أو الزمالك، فلا نشاهد مثلا سوى أربع مباريات للاسماعيلي طوال الدوري وربما خلال الموسم كله، وهي التي تجمعه ذهابا وايابا مع قطبي القاهرة! بسبب هذا القرار الجائر فان كل الأجيال الجديدة لن تكون سوى أهلاوية أو زملكاوية، فحتى أبناء الاسماعيلية أو بور سعيد مثلا لن يشجعون أنديتهم. وهكذا يجتمع الفقي مع ضيق ذات اليد التي أفرغت الأندية من لاعبيها، فيفرغها بتليفزيونه الخائب من جماهيرها! إن العيب يا فقي ليس في هذه القنوات التي تتسم برامجها بالسطحية الشديدة والسذاجة وضعف الاعداد وقلة الحيلة، وهي صفات موجودة في كل قنوات تليفزيونك الرسمي بما فيها القناتان الرئيسيتان الأولى والثانية والقناة "المسخرة" المعروفة باسم الفضائية المصرية! العيب في سياسة إعلامية غبية لا زالت تعتقد أن استقبال رئيس الجمهورية لوزير اعلامه أو خارجيته أو لسفير دولة هبارستان، هو الخبر الأول المهم للمشاهدين! العيب في سياسة إعلامية غبية تعتقد أنها وصلت إلى قامة القنوات الفضائية العربية ببرنامج تمثيلي هايف يقدمه عمرو عبدالسميع الذي يحتاج إلى رجيم قاس يخلصنا أولا من ثقل دمه وضحالة أسئلته واستعراضاته المضحكة مع ضيوفه! حتى فقرة المسلسل العربي التي كانت الوحيدة المستقطبة لمشاهدي القرى والأرياف لم تعد تستقطب أحدا لأنها دراما مكررة مملة بأفكار بالية نشاهدها منذ دخل التليفزيون المحروسة لأول مرة! كان يجب عليك أن تمتلك الشجاعة لتصحيح هذه العيوب الأزلية، لكنك رجل جئت بالمجاملة والصدفة، فعملت على خلق رجالك وبرامج تليفزيونك بالمجاملة والصدفة أيضا، ودليلي هؤلاء الذين يسيطرون على برامج ماسبيرو ويحتكرونها من أمثال مذيعة جمال مبارك الصحفية لميس الحديدي، وعمرو عبدالسميع وغيرهما من الحواري والمحبين ورجال لجنة السياسات! الفقرة الوحيدة التي كنت اتابعها في تليفزيون مصر هي مباريات فرق الاقاليم في القنوات الاقليمية عبر بثها الفضائي! الآن اعلنت الطلاق على التليفزيون المصري بالثلاثة!! [email protected]