كلنا قرأنا عن بلاغ وزير العدل للنائب العام بخصوص مراكز التحكيم الوهمية و التى تعطى ألقابا قضائية , و لم يكن مبعث الإندهاش هو التأخر الكبير فى هذا التحرك و هو الامر الذى طالما نادينا به و بح صوتنا من الدعوة لان هذا التحرك كان مبعثه فقط هو الغيره من إستخدام تلك المراكز لألقاب قضائية فقط . بينما كان مبعث ما فتئنا ندعو له هو الغيرة و القلق على وضع مصر التحكيمى . فقد خسرت مصر ما يربو على 99٪ من قضايا المنازعات الدولية فى الخارج، بسبب »الجهل المركب« وضعف مستوى المحكمين. و تكبدت نتيجة لهذه الخسارة مبالغ طائلة يقدرها الخبراء ب 60 مليار جنية . و فى الواقع فإن هذا قد حدث بسبب أن مراكز التحكيم العربية تحولت إلي »دكاكين عشوائية« تفتقر إلي الخبرة، ولا تخضع للرقابة الواعية , فقد صار الهدف الأساسى لهذه التجارة الرائجة هو بيع لقب مستشار تحكيم أو قاضى تحكيم بمبالغ قد تصل الى ثلاثة الاف جنية فى دوره لمدة 3 أيام يحضرها من يشاء و يشترى الشهادة و اللقب دون حضور من يرغب , كما لم تشترط تلك المراكز مؤهلا معينا – لأن هدفها التجارة و ليس التعليم – للمتقدم لتلك الدورة فكثيرا ما نصادف أشخاص حاصلين على الشهادة الإبتدائية أو حتى محو الأمية و معهم كارنية بلق مستشار من هذا المركز أو ذاك . و لعل ما يعمق من تلك الأزمة ان العديد من تلك المراكز يمتلها او يشارك فيها بعض كبار القانونيين فى مصر , بل إن احدها يرأسه أحد اعمدة القانون فى مصر . كما ان هناك العديد من الكيانات التى تدعى انها نقابات مختصة بالتحكيم – و لن نناقش هنا وضعها القانونى و هل هى حقيقية أم لا , لأن هذا ليس هدفنا هنا – تلك الكيانات لم تشترط كذلك مؤهلا معينا , ففى لائحة احدها نجد انه يشترط الحصول على الإعدادية كحد أدنى للمؤهل ؟!!!! و لا أعنى هنا الحصول على مؤهل قانونى لأن هناك تحكيم فى مختلف المجالات و لكن أقصد الحصول على مؤهل مناسب . و هو الأمر الذى كافحت نقابة مستشارى التحكيم الدولى و خبراء الملكية الفكرية ضدة طوال سنوات , ساعية لتقنين تلك المهنة و وضع المعايير الموضوعية و الرسمية للنهوض بمهنة التحكيم الدولى و الإرتقاء بالمستوى العلمى و المعرفى لممارسيها . فقد وضعت النقابة تدرجا فى اللقب على حسب القدرة المعرفية و التمكن المهنى للشخص عن طريق الحصول على دورات عملية و ورش عمل للتأكد من قدرة الشخص على ممارسة المهنة بفاعلية حقيقية و و لم يكن الانتقال من تدرج الى آخر عن طريق دورة واحدة بل عدة دورات و ورش عمل لأن المحتوى العلمى لن يكفى ممن دورة واحدة و لأن التمكن الممارسى لن يتأتى سوى من الممارسة الحقيقية بورش العمل , و لم يكن المبعث هو السعى وراء المكسب المادى فقد قدمت النقابة تلك الدروات بمبالغ رمزية لأن هذفها هو بناء المهنة و الممتهن . و من هنا فقد أكد المستشار أسامة القبانى النقيب العام دعم النقابة الكامل لأى قرار تتخذه وزارة العدل تجاة تلك المراكز سعيا وراء تصحيح الوضع الخطأ و رفع مستوى مهنة التحكم الدولى و ممارسيها حتى لا نغرق من جديد فى مستنقع الخسارة التحكيمية .