عندما كان الرئيس الأسبق حسني مبارك في السلطة كان يمكن للصحفيين الأجانب قضاء ما يشاءون من وقت مع أعضاء جماعة "الإخوان المسلمين" الذين كانوا بشكل عام يوجهون انتقادات لاذعة له. لكن مثل هذه المقابلات قد تؤدي بالصحفيين هذه الأيام إلى المثول أمام المحكمة بتهمة معاونة "جماعة إرهابية" في مؤشر على الوجهة التي تسير نحوها مصر بعد ثلاث سنوات من انتفاضة شعبية رفعت سقف الآمال في مزيد من الحرية، هكذا سلطت وكالة "رويترز" في مستهل تقرير لها عن أوضاع الصحفيين في مصر. وأشارت إلى أن مصر قمعت أصواتًا معارضة منذ أن عزل الجيش الرئيس السابق محمد مرسي لافتة إلى ما أثارته الإجراءات ضد مراسلي قناة "الجزيرة" قلق دبلوماسيين غربيين وجماعات لحقوق الإنسان. ويقول دبلوماسيون غربيون إن المثير للقلق هو أن مسؤولين كبار في وزارة الداخلية وحتى في السلك القضائي يؤمنون بمقولة "إما معنا أو علينا". ويصعب هذا الظروف التي يعمل بها الصحفيون الأجانب. وقال متحدث باسم "الجزيرة" إن المزاعم ضد مراسلي القناة "سخيفة ولا أساس لها وخاطئة" وتنتقص من حرية التعبير. وردا على سؤال حول موضوع الصحفيين الأجانب في ضوء قضية مراسلي "الجزيرة"، قال العقيد أحمد علي المتحدث باسم القوات المسلحة إن القضية لها علاقة بقناة انتهكت القانون وينظر فيها القضاء المصري لا القوات المسلحة. وقالت جين ساكي المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية إن الولاياتالمتحدة "قلقة للغاية بشأن التراجع المستمر لحرية التعبير والصحافة في مصر". وأضافت "يجب ألا يصبح أي صحفي بغض النظر عن ميوله هدفا لأعمال عنف أو ترويع أو إجراءات قانونية مسيسة. يجب أن يحظوا بالحماية ويسمح لهم بممارسة عملهم بحرية في مصر". وبعد الإجراء الذي اتخذ مع مراسلي "الجزيرة" إثر قرار النائب العام بمحاكمة أربعة صحفيين أجانب هم أسترالي وبريطانيان وهولندية يعملون لدى القناة القطرية بتهمة مساعدة 16 مصريا ينتمون إلى "جماعة إرهابية" في إشارة إلى "الإخوان"، تساءل الصحفيون الأجانب عما إذا كان إجراء مقابلة مع أعضاء الجماعة قد أصبح الآن جريمة. وقالت الهيئة العامة للاستعلامات في مصر إنها ستحمي حرية الصحافة وإن إجراء مقابلة مع أي جماعة ليس جريمة طالما لم يتضمن الأمر تحريضا. وقال صحفي غربي تلقى تهديدات بالقتل على الهاتف من أشخاص اتهموه بالوقوف مع "الإخوان ضد الشعب إن مستويات الحيطة سترتفع بعد قضية صحفيي الجزيرة. وقالت سارة لي ويتسون من منظمة "هيومن رايتس ووتش" "الأمر واضح. قررت الحكومة المصرية أنه لا يمكنها أن تتحمل بعد الآن أي صحافة مستقلة تعرض محورًا لا تريد أن تراه". وفي التسعينيات من القرن الماضي كانت هجمات الإسلاميين أكثر عنفا لكن صحفيًا أجنبيًا عمل في مصر في تلك الأيام قال إنه لم يظن أبدا أنه قد يكون عرضة للمحاكمة لإجرائه مقابلة مع الإخوان أو إسلاميين آخرين. وقال اتش.يه. هلير الخبير في شؤون مصر والزميل في مؤسسة بروكينجز البحثية "كان من الممكن أن يتجول الصحفيون الأجانب بدون حتى تصريح رسمي. كان أقصى ما يتعرضون له هو التوبيخ من الشرطة التي تخبرهم بضرورة إصدار التصاريح". وتابع: "ليس الآن.. لا أوصي بإجراء مقابلات مع أحد من الإخوان. فالصحفيون الأجانب مشتبه بهم إلى أن يثبت العكس".