أكدت الدكتورة عزيزة بدر مدير مركز البحوث والدراسات السودانية بجامعة القاهرة، أن إنشاء هيئة دولية للبث في النزاعات المتعلقة بالمياه وتأمين تقاسم عادل لهذا المورد بات أمرًا متوقعًا فرضته التطورات الأخيرة، خاصة في ظل الأزمة التي اندلعت بين مصر ودول منابع النيل التي تطالب بتعديل اتفاقية تقاسم مياه النهر. وأشارت إلى أن انفصال جنوب السودان المحتمل يعد دافعا قويا لطرح هذه الفكرة وإمكانية تفعيلها، بعد أن برزت المطامع فى السودان وفي الاستيلاء على ثرواته، خاصة موارده من مياه النيل. وقالت إن تداعيات هذا الأمر لن يقتصر على السودان فقط بل سيمتد إلى مصر في المقام الأول وليبيا وتشاد وسائر دول الجوار الجغرافي فى قلب إفريقيا وفي دول غرب السودان حيث يشترك السودان في حدوده مع تسع دول، كما أن لها تأثيره على تغيير الموازين الدولية وتكريس حالة من الفوضى في العالم. وأضافت إن الأمر ليس مقتصرا على التحكم فى المياه دوليا، بل الخوف من تكرار سيناريو العراق لأسباب اقتصادية، بعد ظهور البترول واليورانيوم وغيرها من الثروات بجنوب السودان. من جانبه، رأى الدكتور وحيد عبد المجيد مستشار مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، "أن انفصال الجنوب ليس نهاية المطاف وأن هناك مخططا إسرائيليا أمريكيا لتقسيم السودان إلى ثلاث دويلات في الشرق والغرب والشمال بعد انفصال الجنوب، وذلك لأن السودان مليء بالثروات ويعد مخزنا غذائيا للدول العربية وعمقا استراتيجي لمصر، ومن مصلحة إسرائيل السيطرة عليه وتمزيقه. وأشار إلى أن الخطر الأكبر ينصب حول حصص المياه والتي قد تفجر صراعا من الممكن أن يرتقي إلى المستوى العسكري، فقيام دولة جديدة يعني الحاجة إلى إعادة التفاوض حول تقسيم مياه النيل، مما يضع الدبلوماسية المصرية في مشكلة نظرا لأنها ستتعامل مع أكثر من طرف بعدما كانت السودان طرفا واحدا. ورأى أن الخطر ليس عسكريا نظرا لأن ميزان القوى العسكرية يصب لصالح مصر. وحذر من أنه في ضوء النزاعات على المياه بين الدول العربية وبعضها فقد يتم استحداث هيئة دولية بالفعل تتولى شئون المياه، وهذا ليس من الصعوبة بعد أن صارت مصر هدفا سهلا يسهل التحكم فيه. وكان تقرير للجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب حذر مؤخرا من تعرض مصر لمشاكل مائية مع السودان، خاصة بعد عملية الانفصال. وتحدث التقرير الذي أعده الدكتور أمير جميل عضو اللجنة والمحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية العليا عن وجود مشاكل مع السودان رغم ما يبدو من دعم ظاهري للموقف المصري، وأشار إلى قيام السودان باتخاذ بعض الإجراءات التنفيذية من خلال بناء ثلاثة سدود أحدها على مجرى النيل الرئيسي واثنان على نهر عطبرة أحد الروافد الرئيسية للنيل. علاوة على أن انفصال السودان أعطى شعوراً لدى الشمال أن مصر تخلت عن دعمهم فى الوحدة، وهو ما قد يدفع السودان لاتخاذ إجراءات، مضادة للمصالح المصرية، حسبما أكد التقرير . وكشف التقرير عن زيادة الاهتمام الأمريكي بقضية مياه النيل، وأكد وجود مشاكل لمصر مع الجهات المانحة خاصة فرنسا وبريطانيا، مشيرًا إلى أن هذه الدول ترى ضرورة إبداء مصر مرونة فى التعامل مع المسألة من منطلق احتياجات دول المنابع لمشروعات تنموية.