يتفق كل المصريين على إدانة ما حدث أمام كنيسة القديسيَن بالاسكندرية ليلة رأس السنة، فالحادث بكل المقاييس عمل إجرامى خطير، له أبعاد خطيرة، لكن يخطىء كل من يتصور أن الحادث يقصد به المسيحيون المصريون، فليس ثمة حزازات أو كراهية بين سكان مصر مبنية على أسس دينية، وعلى مدى قرون عاش الكل داخل الوطن الواحد، يعانون معا ظلم واستبداد الحكام، وقسوة الحياة والمعيشة، يحاربون مع عدوا واحدا، يقصد المسلم الطبيب المسيحى ويضع حياته رهن يديه فى غرفة العمليات، ويبتاع منه الدواء لإنقاذ حياته دون شك أو ريبة، ويلتحق المسلمون بالمدارس المسيحية، ويقفون أمام القاضى المسيحى ليقضى بينهم بقانون واحد، ويلعب الصغار والصبية الأبرياء مع بعضهم البعض قبل أن يدركوا أن لطرف دين مختلف عن الآخر، ولذا فإن هذا الحادث يقصد به مصر الوطن والشعب، أولا وثانيا وآخرا. الكل يتفق أيضا أن هذا الجو المحتقن لم يكن له وجود قبل عقد السبعينات من القرن العشرين، وبدأ يزداد سنة بعد أخرى وعاما بعد عام، حتى وصلنا لمستوى خطير من الفتن تكاد تعصف باستقرار الوطن، وتنذر بحرب أهلية تقضى على ما تبقى منه، وهو ما حذر منه الكثيرون، وعلى وجه خاص تلك الصحيفة التى يظهر من خلالها هذا المقال، إنها صحيفة المصريون التى حملت على عاتقها مسئولية جسيمة لحماية الوطن، من خلال تبنيها لوجهات نظر نخبة من الكتاب والمفكرين الذين لديهم قدرة على استشراف المستقبل، ويرفعون ومازالوا صوتهم محذرين من عواقب التعامل المخزى من قبل النظام مع الملف القبطى. قريبا وليس بعيدا سيقف الباحثون والمؤرخون أمام كل ما نشرته تلك الجريدة بخصوص هذا الملف، ليدركوا كم الكوارث التى حظرت منها تلك الصحيفة الفريدة، بعدما تكون قد وقعت الوقائع، واستحالت سبل العلاج، ولذا فهى الموقع الالكترونى العربى الوحيد الذى يتعرض لمشاكل كثيرة على شبكة الانترنت، وأصبح البحث عن مقال نشر فيها أمرا مستحيلا، فهناك تنظيم خفي لديه امكانيات تقنية عالية، يزيل من ذاكرة الانترنت ما يتم نشره فيها، وأطلب من أحد القراء أن يكتب عنوان مقال نشر فيها قبل أيام ويبحث عنه، لن يصل إليه بأى محرك بحث، فهى صحيفة بحجم جيش دفاع يقف كسد منيع لكشف المؤامرات التى تحاك بمصر، وتحول قدر المستطاع دون إتمامها، تلك المؤامرات التى أصبح فى حكم اليقين أن هناك تنظيما سريا يقوم عليها تخطيطا وتنفيذا وإشرافا، وهذا التنظيم الملعون يمتد ما بين مصر وأمريكا وكندا وأوربا واسرائيل، بمباركة من قيادات كنسية رسمية. لابد أن نستفيق وندرك جيدا خطورة هذا الأمر الجلل، بعدما ظهرت ملامحه جيدا، وبعدما دخلت خططه المرحلة الثانية، وهى مرحلة التمرد المسلح، فبعدما انتهت المرحلة الأولى منه بنجاح ساحق، والتى تمثلت فى ملء الأرض صخبا وضجيجا من خلال كل وسائل الإعلام بكل أشكالها من صحف وفضائيات وانترنت بأن المسيحيين فى مصر مضطهدون، وبعدما نجحوا فى شراء العشرات من الإعلاميين، ونجحوا تماما فى فرض المشهد القبطى على الساحة الإعلامية فى مصر، فما من صحيفة أو فضائية إلا وتجد أخبار الكنيسة ورأسها متقدما كل القضايا، فاختفت بحق صورة مصر خلف صورة البابا ورجاله كما قال بذلك المفكر والكاتب الموهوب محمود سلطان فى مقاله يوم الثلاثاء 4 يناير الجارى وقد قلنا ذلك فى مقالات كثيرة سابقة، حينما أشرت إلى أن هناك صحفا بعينها تمثل لسان حال الكنيسة، ، وأشرت إلى صحف المصرى اليوم واليوم السابع والدستور (أيام ابراهيم عيسى)، ويضاف إليهم صحف أخرى كثيرة، منها العربى الناصرى، والأهالى، بخلاف الطابور الخامس المتغلغل فى المؤسسة الإعلامية الرسمية للدولة، من صحف وتليفزيون وغيره. بعدما نجح هذا التنظيم فى صناعة ميديا صاخبة، جعلت العالم كله يتحدث عن مسيحى مصر، بدأت المرحلة الثانية، وهى التمرد المسلح، وكتبت فى هذا المكان مقالا بعد حادث العمرانية، كان عنوانه "حادث العمرانية .. بداية التمرد المسيحى المسلح"، فلقد كان ماحدث عملية إرهابية خطيرة تم التخطيط لها وتوزيع أدوارها على الآلاف التى شاركت فيها، حيث قام هؤلاء فى لحظة واحدة بمهاجمة رجال الأمن بقذائف حارقة لم تعلن جهات التحقيق عمن أعدها، فى الوقت الذى كانت فيه مجموعة أخرى تقطع الطريق الدائرى، ومجموعة تقطع شارع الهرم، وأخرى تهاجم مبنى المحافظة، وغيرهم تهاجم مبنى حى الهرم، فى توقيت واحد، وخرج كهنتهم يدعون بالباطل فى أجهزة الإعلام الحكومية قبل الممولة منهم يدعون بأن الأمن الذى بدأ بمهاجمة المصلين، وكان هؤلاء يدافعون عن أنفسهم، ولو صدقنا أن الأمن هاجم المصلين، فكيف قامت هذه المجموعات فى التو واللحظة بتنفيذ تلك الأعمال فى أماكن متفرقة فى وقت واحد ؟!، ومن أين أتت بقنابل المولوتوف؟!، هل من عند البقال المجاور للكنيسة؟!، كان محل البقالة الذى يبيع المولوتوف مغلقا فى هذا الوقت أيضا، وقتل اثنان برصاص من فرد خرطوش، فمن الذى أطلق هذا الرصاص؟!، هل قوات الأمن المصرية تستخدم فرد خرطوش؟ّ!. وجاء تعامل الدولة مع الحدث كما توقعنا متراخيا لأبعد الحدود، ولم يتم الكشف عن الحقائق التى أسفر عنها التحقيق، واستقل الحبر الأعظم موكبه الرهيب إلى منتجعه المفضل بوادى النطرون، فتحركت أجهزة الدولة كلها لترضيته، ثم استقبله رئيس الجمهورية، واللافت للنظر أن رئيس الجمهورية يوم أن استقبله، استقبل قبله رئيس الوزراء ثم وزير الدفاع، ونقل التليفزيون صورة لقاء رئيس الجمهورية برئيس الوزراء وهو يجلس أمام الرئيس على مكتبه، ثم وزير الدفاع كذلك، أما استقباله للحبر الأعظم فكان فى الصالون المخصص لرؤساء الجمهوريات وملوك الدول، فكأن الرئيس يريد التأكيد على أن ضيفه فى منزلة الملوك ورؤساء الجمهوريات، وبعد اللقاء تم الإفراج عن الإرهابيين الذين خربوا وأتلفوا وأصابوا وشرعوا فى قتل رجال الأمن، والغريب أنه من الناحية القانونية أن هؤلاء محبوسين حبسا احتياطيا على ذمة قضية، وسواء تم الإفراج عنهم بأى ضمان أو استمر حبسهم لابد أن يحالوا للمحاكمة، ولابد أن يتضمن قرار الإفراج تاريخ جلسة محاكمتهم واسم المحكمة، لكن لم يحدث شىء من هذا القبيل، فالقضية تم تقفيلها، تماما كما تقفل صناديق الانتخابات هذا التنظيم السرى الذى أتكلم عنه، وهو بالقطع تنظيم مسيحى مجرم لا يمثل عموم أبناء مصر من المسيحيين، وهو يضرهم أكثر مما ينفعهم، بدأ مرحلة التمرد المسلح بحادث العمرانية، ثم جاءت جريمة الإسكندرية، وهى بالقطع حققت لهم مكاسبا لا تعد، فقد وصلت إخبارها لكل سكان المعمورة عن طريق أبواقهم، وتحدث عنها كل العالم، وخرجت بيانات من البيت الأسود الأمريكى، ومن الفاتيكان، ومن الاتحاد الأوربى، ومن كندا، واتخذت كسبوبة لاندلاع المظاهرات الصاخبة غير السلمية فى العديد من شوارع مصر ، وتجرأ المتظاهرون على إهانة كل رموز الوطن، واعتدوا على رجال الأمن، حتى سقط منهم حتى الآن قرابة مائة وخمسين مصاب من الضباط والجنود، دون أن يحال المعتدون للمحاكمة، مثلما حدث فى موقف مشابه حينما "ادعى" الأمن أن أحد المتظاهرين من حركة كفاية اعتدى على ضابط خلال مظاهرة أمام عمر مكرم، ونقل تليفزيون الدولة مشهد الإعتداء ولم يكن هناك أى اعتداء بل مجرد تلويح باليد، لكن أحيل الشاب للمحاكمة التى قضت بحبسه، لكن هؤلاء بعد ذلك الحادث المدبر من قبل هذا التنظيم المسيحى الخفى، جاهروا بالعدوان، ومعهم الفضائيات الملعونة تناديهم جهارا نهارا قائلة "إغضب لكن لا تخطىء"، أى أنها تشجع على التظاهر والتخريب، ومن يلاحظ تلك التظاهرات الغاضبة التى يشارك فيها المسلمون، يجد أن المسيسيين يتظاهرون على اسس طائفية، ويهتفون بهتافات طائفية، فهذه الأعداد الغفيرة من المسلمين التى تخرج متضامنة معهم، على اساس ينددوا بالإرهاب، يقابلهم المسيحيون بهتافات طائفية، لأن هذه المجموعات لا تمثل جموع مسيحى مصر، بل هى مجموعات مشحونة ومبرمجة، وسوف يتم خلال الأيام القادمة المزيد من التنازلات، والتنازل يجلب آخرا، حتى تقدم الدولة المزيد من التنازلات لهم، ولعل أخطر هذه التنازلات ما أعلنت عنه وزير الأسرة من أن وزارتها قدمت لوزارة التربية والتعليم توصيات بتعديل مناهج اللغة العربية والدراسات الإجتماعية لتلاميذ المرحلة الإبتدائية، وهذه التعديلات تقضى بحذف كل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية من منهج اللغة العربية، وحذف الغزوات والسيرة النبوية من منهج التاريخ، ووافقت وزارة التعليم على ذلك، ومن العام القادم سوف يدرس أبناء مصر مناهج أمريكانى للقضاء نهائيا على ديننا الحنيف، وهى تنازلات بلغت حدا مخزيا، وتجعلنا نكاد نصرخ خوفا على هذه البلد، التى يمسك بزمام الأمور فيها عصابة فاسدة لا يهمهم سوى مصالحهم الخاصة، من سياسيين وعصابات رجال الأعمال، ولا بد أن نقف جميعا ونعلن نحن الآخرين عن غضبنا، لمنع هذه الجريمة الكارثة. . الحادث مقصود به مصر، وحصره فى أنه عدوان على كنيسة تخص المسيحيين، وتقديم التعازى لكبيرهم هو أكبر خطأ، لأن العدوان وقع على قطعة من أرض مصر، تخص شعب مصر كله، والعدوان عليها عدوان على مصر كلها، وبالتالى فالذى يجب تعزيته هو كل شعب مصر، أو من يمثله وهو رئيس الجمهورية، وذهاب السفيرة الأمريكية وغيرها من سفراء بعض الدول الأوربية لتقديم التعازى للبابا فى مكتبه هو قمة الإهانة لرمز مصر الذى يمثلها أمام العالم، وهو رئيس الجمهورية، لكن الإعلام الأعمى العميل رسم لوحة زاهية ألوانها، تعلن للعالم كله أن العدوان وقع من مسلمين ضد مسيحيين، والنظام بمؤسساته السيادية وقع فى نفس الخطأ، وكأنه يعطى مزيدا من التأكيدات على أن المسيحيين دولة أخرى لها سلطتها الخاصة، وبالطبع فهذا هو واقع الحال، لكن ما كنا نريد أن ينزلق النظام الحاكم الذى يضم نخبة من دهاة السياسة أن يتورط فى تلك الكارثة، كارثة فصل الكنيسة عن الوطن مصر. وللحديث بقية ... [email protected]