الأحزاب العلمانية وصحف وفضائيات رجال الأعمال، اعتبروا كلام الفريق السيسي يوم أمس الأول، 12 يناير 2014، رسالة قطعت بنيته في الترشح لانتخابات الرئاسة القادمة. ولا أدري كيف فهم منه ذلك، رغم أن الفريق السيسي، تحدث بلغة "التفويض"، بمعنى أنه علق قراره بالترشح على ما وصفه ب"موافقة الشعب وتفويض الجيش".. وهما شرطان غريبان لكل راغب في الترشح، حتى الدستور الجديد، يشترط تزكية المرشح من قبَل 20 نائباً بالبرلمان على الأقل، أو حصوله على تأييد 25 ألف مواطن من 15 محافظة بحد أدنى ألف مؤيد في كل محافظة.. وليس من بينها "تفويض الجيش"!! المهم أن الفريق السيسي "ألمح" ولم "يقطع".. فضلا عن أن شروطه للترشح غير دستورية، إلا إذا كان يقصد تولي الرئاسة بالتفويض وليس بالانتخاب.. مع حصوله على ضمان تأييد الجيش ومساندته له.. وهو احتمال مستبعد لأنه يجعل من الدستور الجديد "أضحوكة" أمام العالم. والحال أنه وسط هذا الهوس بالسيسي، لا يمكن استبعاد أي سيناريو، بما فيه سيناريو توليه السلطة بلا انتخابات.. لأن هناك حركات سياسية وشخصيات إعلامية كبيرة، تقود حملة لإسناد منصب الرئاسة إليه ب"الأمر المباشر".. ولا أدري ما إذا كانت هذه الحملة "تطوعية".. أم تقف وراءها أجهزة ومؤسسات رسمية متنفذة، خاصة وأنه من الصعوبة أن نصدق بأن مقعد الرئاسة، من أعمال البر التي تقدمه الجمعيات الخيرية، مثل "شنطة" رمضان. ولا أدري حتى الآن، كيف سيفوض الشعب ويوافق الجيش على ترشح الفريق السيسي؟!.. فأنا أتساءل هنا عن "الآلية" أي عن الأداة؟.. وإذا كان من السهل تخيل الأداة الشعبية "النزول إلى الشارع".. فكيف يمكن أن يفوضه الجيش؟!.. بورقة مكتوبة مثلا أم ببيان أم بعرض عسكري في ميدان التحرير؟! حتى الآن يصعب على أي مراقب أن يرسم صورة واقعية لمثل هذا الطلب :التفويض الشعبي وموافقة الجيش.. طالما أن الفريق السيسي وضعهما شرطا لقبوله الترشح لانتخابات الرئاسة. ونتساءل أيضا: فإذا تيسر تحقيق أحد الشرطين "التفويض الشعبي" وتعذر بطبيعة التقاليد العسكرية، الحصول على موافقة الجيش.. فهل يكفي ذلك لإقناع وزير الدفاع بالدخول في السباق الرئاسي؟! ولا أدري ما إذا كان الفريق السيسي "صعبها" على نفسه، أو"عقدها " على مؤيديه.. أم أنه كان من قبيل الحماس الخطابي في لحظة شديدة الدقة والحساسية.. تبحث عن "قائد" بعد أن أخليت الساحة من "الرامبوات" الآخرين؟! وإذا كان البعض رأى في كلمة الفريق السيسي الأخيرة، "موافقة" على الترشح.. فإنه في واقع الحال، كانت رسالة مربكة لكل التوقعات.. وتركت المشهد في حسبة غامضة، فالشروط التي وضعها لا علاقة لها لا بالقانون ولا بالدستور.. ولا يمكن أن تكون واقعية أو موضوعية.. ولم تترك لنا إلا تفسرا وحيدا، أقرب ما يكون إلى الحراك الداعي إلى توليه الرئاسة بالتفويض الشعبي وحسب. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.