علمت "المصريون" أن الرئيس حسني مبارك يدرس حاليا مقترحا بالدعوة لحوار وطني موسع يضم كافة القوى السياسية والحزبية الشرعية، مما يعني استبعاد "الإخوان المسلمين"، في خطوة تهدف إلى احتواء أحزاب المعارضة، خاصة الأربعة الكبرى "الوفد", "الناصري", "التجمع", "الجبهة الديمقراطية"، ومعالجة الشرخ الكبير الذي أحدثه التزوير واسع النطاق في الانتخابات الأخيرة، مما عمق حالة الشكوك بين الحزب "الوطني" الحاكم وقوى المعارضة، بعد تبنيه نهجا إقصائيا لهذه القوى ويهدف المؤتمر الذي لم يتم الإعلان عن إطلاقه رسميا حتى الآن إلى التخفيف من حدة الاحتقان الراهن على الساحة السياسية، واستعادة الثقة هذه الأحزاب، والعمل على ترضيتها وفي محاولة لمنعها من الانخراط في أي نشاط قد يثير الجدل حول شرعية النظام، وفي أعقاب الطعن على نتائج الانتخابات الأخيرة، خاصة وأن العام القادم سيشهد انتخابات رئاسية يرغب النظام في تجنبيها الضجة الحالية حول شرعية مجلس الشعب وتفادي تداعياتها المحتملة على الاستحقاق الرئاسي. وكشفت مصادر مطلعة، أن الحزب "الوطني" الحاكم يحاول حاليا جس نبض أحزاب المعارضة الرئيسية والتعرف على موقفها من الدعوة لهذا المؤتمر قبل الإعلان عنه بشكل رسمي، لاسيما أن كل الأجواء تشير إلي احتمال مقاطعتها لهذا الحوار إلا إذا تضمن جديدا من جهة إجراء تغييرات في عدة مواد في الدستور، منها المواد 75, 76, 76 وإدخال تغييرات جوهرية علي قانون مباشرة الحياة السياسية وتخفيف القيود المفروضة على ترشيح المستقلين لانتخابات الرئاسة. لكن مسعى "الوطني" لتخفيف حالة الاحتقان من المرجح أن يصطدم برفع سقف مطالب أحزاب المعارضة لإداركها حاجة النظام الشديدة لتسويق هذا الحوار، والعمل على تحسين صورته أمام المجتمع الدولي وتخفيف حدة الانتقادات الموجهة له، في محاولة لانتزاع تنازلات في قضايا يعتبرها النظام خطوطا حمراء. ورجحت المصادر أن يبادر النظام إلى تعديل المادة 77 من الدستور لتنص على تحديد مدة الرئاسة بولايتين كحد أقصى، كبادرة منه لإنجاح مثل هذا الحوار، لكن السفير عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية السابق، استبعد إقدامه علي هذه الخطوة باعتباره علامة علي خضوع النظام لأحد المطالب الرئيسية لأحزاب المعارضة، فضلا عن تأثيرها السلبي علي خطط بعينها لتحديد مستقبل الحكم في مصر. وقال الأشعل ل "المصريون" إن الدعوة لحوار وطني مسألة لا يعلم تفاصيلها حتى الآن إلا الرئيس مبارك مما يجعل تقييمها أمرًا سابقًا لأوانه، وإن كان يعتقد أن تغيير المادة 77 لن يكون له أي تأثير في ضوء بقاء المادة 76 على حالهما، فضلا عن أنه سيسمح للحزب الحاكم بالسيطرة التامة على منصب الرئاسة لما يقرب من عقدين قادمين، وهو ما يفرغ أي حوار من مضمونه، على حد قوله.