الجمعية الشرعية للعاملين بالكتاب والسنة المحمدية وجمعية أنصار السنة ، كلتاهما مؤسستان أهليتان تأسستا قبل أن يولد في التاريخ شي اسمه "الإخوان المسلمين" ، وبعدهما بسنة ثم سنتين أسس حسن البنا رحمه الله جماعته ، وطوال هذا العمر المديد كانت الجمعيتان الأهليتان الأكبر في مصر ينحصر جهدهما في الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية للفقراء والشريحة المنسية في مصر ، إضافة إلى الأعمال الدينية البحتة ، مثل تحفيظ القرآن وإنشاء المدارس وإقامة الشعائر في المساجد التابعة لها ، ولم تختلط تلك الجمعيات بالسياسة ولا شأن لها بها عادة ، ومجالس إداراتها كان يترشح لها أناس من كل ألوان الطيف كمواطنين ، أساتذة جامعات ، وعلماء بالأزهر وقيادات سابقة بالشرطة أو الجيش وشخصيات من الحزب الوطني وأخرى من الإخوان المسلمين وأخرى من مباحث أمن الدولة فرضا ، وبالتالي فأي محاولة لنسبة هذه الجمعيات الأهلية الضخمة إلى الإخوان المسلمين هو هراء وكذب مفضوح ، وأي خطوة كالتي حدثت بالفعل لوقف هذه الجمعيات وتجميد أموالها فهي جريمة في حق الوطن وفي حق ملايين الفقراء والبسطاء الذين يرتبط مصيرهم ومعاشهم وعلاجهم وتعليمهم بهذه المؤسسات ، والجمعية الشرعية وحدها تتكفل بكامل نفقات تعليم أكثر من نصف مليون طفل مصري ، كما أنها تتحمل كامل نفقات ربع مليون أسرة هي من أسر اليتامى لموت العائل ، ولها مئات المستشفيات والعيادات المنتشرة في ربوع مصر من الاسكندرية إلى أسوان ومن العريش إلى مطروح ، وتقدم جميع الخدمات الطبية غالية الثمن للفقراء بالمجان مثل وحدات الغسيل الكلوي والأشعة بأنواعها المختلفة وتوفير حضانات للأطفال المبتسرين وهم معرضون للموت الآن بفعل القرار الغشيم والإجرامي لشخص مجهول في الحكومة بتجميد أموال الجمعية ، كما أنشأت الجمعية مئات من وحدات تنقية مياه الشرب للمناطق الأكثر فقرا ويستفيد منها ما يقرب من خمسة ملايين مواطن ، أنشأت حتى الآن سبعمائة وحدة تنقية مياه ، والجمعية الشرعية هي المؤسسة الخيرية المصرية الوحيدة التي يمنع دستورها ونظامها قبول أي تبرعات أو هبات من أي جهة خارج مصر ، والجمعية تخضع لرقابة صارمة من الأجهزة الأمنية التي كانت تضع بعض رجالها أحيانا في مجلس الإدارة نفسه لضمان متابعة أدق التفاصيل ، وكان وزير الأوقاف الحالي موظفا فيها حتى أشهر قليلة قبل توليه المنصب ، ويبدو أنه قد خرج من وظيفته فيها بطريقة أغضبته ، وراح يتحرش بالجمعية من ساعتها لتصفية مواقف شخصية بحتة. فجأة يصدر مجهول ، أو جهة مجهولة ، قرارا بتجميد أموال الجمعية بما يعني وقفها عن العمل وهدم جميع أنشطتها ، دون أي شرح أو بيان أو أدلة أو أحكام قضائية أو أي شيء ، فجأة ، هذا المشروع الخيري الأهلي العملاق والمشرف لأي دولة تحتضنه يتم تدميره ، بما يعني أن السلطة الحالية تعاقب الشعب المصري وتعاقب الوطن نفسه وليس أي حزب سياسي أو جماعة الإخوان أو غيرها ، القرار الإجرامي صدر دون أن يكون هناك أي ضمانات لاستمرار المشروعات الخيرية والطبية والتعليمية القائمة بالفعل والتي سيدمر بسببها مستقبل وحياة ملايين المصريين ، هي حكومة فقر ونكد ، لا هي عالجت الفقراء ولا هي تركت الناس تعالجهم ، من يتحمل كامل نفقات تعليم نصف مليون طفل وصبي ، ومن يوفر القوت الشهري لربع مليون أسرة ، يصل تعداد أفرادها لحوالي مليون إلى مليون ونصف المليون مواطن ، ومن يدير ويوفر نفقات حضانات الأطفال المبتسرين ، لا أحد يجيب ، ولا أحد يهتم ، تخرب البلد باللي فيها ليس مهما ، فقط الجهة الوحيدة التي اهتمت بمتابعة الملف على الفور وبعد ساعات من صدور القرار هي الكنيسة المصرية ، حيث أعلن بعض قياداتها عن اهتمامهم برعاية تلك الأسر التي تضررت من وقف الجمعيات الخيرية الإسلامية ، وتقديم يد العون لها ، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات عن مغزى ذلك ، وخاصة أن العمل الخيري هو البوابة الرئيسية لعمليات التنصير التي تتم في بلدان كثيرة في آسيا وأفريقيا كما هو معروف ، فهل كان إغلاق الجمعيات الخيرية الإسلامية وإطلاق يد الأخرى المسيحية جزء من صفقة الملياردير القبطي الكبير مع السلطة الحالية ، أو جزء من سداد فواتير تحالف 30 يونيو ، مطلوب من أحد محترم في هذه الدولة أن يتكلم ويواجه الرأي العام ، من الذي باع فقراء مصر ، ولحساب من باعهم ، دعونا من خزعبلات الإخوان والجماعات ، واجهوا الناس بالحقيقة إن كنتم تمتلكون أدنى قدر من الشجاعة أو الأخلاق .