«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فقهاء دستوريون: ألغام تفجر دستور 30 يونيه

أبو الوفا: الدستور الحالي قائم على المواءمات وإرضاء أطراف على حساب أخرى
بدوي: به عوار ولم ينص على منصب نائب رئيس الجمهورية والذي طالما طالب به المصريون أيام مبارك
أمين: يفتح الباب لهروب المستثمرين ويعطي صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية
الصاوي: يجعل القضاة فوق القانون ويهدف لتحقيق مصالح النخبة فقط
رفعت: المادة الخاصة بوزير الدفاع سوف توتر العلاقة بين رئيس الجمهورية ووزير دفاعه
فودة: هناك مواد تخدم قيادات لجنة الخمسين
أبو سعدة: يقيد حرية الصحافة في مصر
نافعة: بعض مواده وعلي رأسها المحاكمات العسكرية للمدنيين ستشكل جدلاً سياسيًا
القلا: مادة تعيين رئيس مجلس الوزراء من المواد الفادحة في الدستور
حامد: دستور 30 يونيه هو دستور الغرف المغلقة
"إحالة المدنيين للمحاكمات العسكرية، وطريقة تعيين وزير الدفاع، وعدم تحديد النظام الانتخابي خلال الفترة القادمة"' تلك هي أبرز المواد التي أجمع عليها فقهاء القانون على أنها أهم الأخطاء الدستورية الفادحة في دستور 2013 أو كما يطلق عليه دستور ثورة 30 يونيه، والذي أثار حالة من الجدل السياسي حول أهم المواد التي شملها هذا الدستور، بالإضافة إلى أن البعض يعتبر هذا الدستور هو دستور الغرف المغلقة حيث لم تتم مناقشة مواده بطريقة علنية ومباشرة بل اقتصرت فقط على بعض التصريحات الإعلامية للمتحدث باسم لجنة الخمسين محمد سلماوي، الذي كان هو القناة الوحيدة للاتصال بين الشعب ولجنة الخمسين المكلفة بوضع دستور 30 يونيه، والكلمة الآن للشعب ليحدد ما إذا كان سيصوت ب"نعم" أم "لا" على الدستور الجديد.
وفي إطار ذلك رصدت "المصريون" آراء القانونين والسياسيين في دستور 30 يونيه، والذي من المزمع دعوة الشعب للاستفتاء عليه خلال أيام.
في البداية، أكد العديد من القانونيين وفقهاء الدستور أن دستور 30 يونيه به العديد من العوارات الدستورية التي لا يمكن تجاهلها، فيقول الدكتور أحمد أبو الوفا، رئيس قسم القانون الدولي بجامعة القاهرة، إن التعديلات الدستورية التي تم إجراؤها على الدستور المعطل لن يكتب لها النجاح والبقاء, وذلك لأن الدستور ولد ميتًا، حيث إن طريقة العمل التي كانت تقوم بها لجنة الخمسين تفتقر إلى الهيكلة الأساسية، والتي تقوم بها الدساتير العالمية وعلى رأسها الجلسات السرية التي كانت تتم أثناء عمل لجنة الخمسين.
وأوضح "أبو الوفا" أنه هذا الدستور قام بالأساس على المواءمات وإرضاء أطراف بعينها على حساب أطراف أخرى، والغريب أنه تم حذف مواد كانت جيدة وتم استحداث مواد أقل بكثير من دستور 2012.


وفى السياق ذاته، يشير الدكتور ثروت بدوى، الفقيه الدستوري، إلى إنه لا يوجد اختلاف ما بين دستور 2012 ودستور 2013، فكلاهما به عوار دستوري، حيث إن الدستور الحالي يعانى من نفس الخلط الحادث في دستور الإخوان بشأن النظام البرلماني والرئاسي، كاشفًا أن المادة 121 من دستور لجنة العشرة تنص على أن يختار رئيس الجمهورية رئيسًا لمجلس الوزراء، ويكلفه بتشكيل الحكومة، وعرض برنامجها على مجلس الشعب خلال ثلاثين يومًا على الأكثر، فإذا لم تحصل على الثقة يكلف رئيس الجمهورية رئيسًا آخر لمجلس الوزراء من الحزب الحائز على أكثرية مقاعد مجلس الشعب، فإذا لم تحصل حكومته على الثقة خلال مدة مماثلة، يختار مجلس الشعب رئيسًا لمجلس الوزراء، ويكلفه رئيس الجمهورية بتشكيل الحكومة، على أن تحصل الثقة خلال مدة أخرى مماثلة، وإلا يحل رئيس الجمهورية مجلس الشعب، ويدعو لانتخاب مجلس جديد خلال ستين يومًا من تاريخ صدور قرار الحل، مشيرًا إلى أنه في جميع الأحوال يجب ألا يزيد مجموع المدد المنصوص عليها في هذه المادة على تسعين يومًا، وفى حالة حل مجلس الشعب، يعرض رئيس مجلس الوزراء تشكيل حكومته، وبرنامجها على مجلس الشعب الجديد في أول اجتماع له، وتلك المادة تعانى من نفس العيب الدستوري الذي كانت المادة 139 من دستور 2012 تشتمل عليه.
ويضيف "بدوي" أن المادة 135 من الدستور الحالي تنص على أنه «إذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لسلطاته حل محله رئيس مجلس الوزراء، وعند خلو منصب رئيس الجمهورية للاستقالة، أو الوفاة، أو العجز الدائم عن العمل، أو لأي سبب آخر يعلن مجلس الشعب خلو المنصب، ويخطر الهيئة الوطنية للانتخابات ويباشر رئيس مجلس الشعب مؤقتًا سلطات رئيس الجمهورية، وفى حالة حل مجلس الشعب تحل الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا، ورئيسها محل المجلس، ورئيسه فيما تقدم، وفى جميع الأحوال يجب أن ينتخب الرئيس الجديد في مدة لا تجاوز مئة وعشرين يومًا من تاريخ خلو المنصب، وتبدأ مدة الرئاسة في هذه الحالة من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب، ولا يجوز للقائم بأعمال رئيس الجمهورية أن يترشح لهذا المنصب، ولا أن يطلب تعديل الدستور ولا أن يحل مجلس الشعب، ولا أن يقيل الحكومة وهذا يتضمن أيضًا نفس العوار الموجود في المادة 153 من دستور 2012 لأنه جاء قاصرًا، لعدم النص على منصب نائب رئيس الجمهورية، مضيفًا أنه من غير المعقول أن يجاهد المصريون خلال ثلاثين عامًا من حكم نظام مبارك لإقناعه بتعيين نائب لرئيس الجمهورية ولم ينص الدستور الجديد على هذا المنصب.
ويشير الدكتور رأفت فودة، أستاذ القانون الدستوري، إلى أنه يبدو أن مَن كتب دستور 2013 هم أنفسهم مَن كتبوا دستور 71، حيث ذكرت كلمة تكفل وعلى النحو الذي يلزمه القانون أكثر من مائة مرة، معتبرًا أن تكرار هذه الكلمات في الدستور الجديد خطأ كبير، فهذا يعطي مؤشرًا للدرجة الدنيا الذي ستقدمه الدولة للمواطنين.
وأضاف "فودة" أن المادة الرابعة هي من أحلام بعض قيادات لجنة الخمسين، وذلك لأنه جعل نظام الحكم في مصر نظامًا رئاسيًا.
من جانبه، يقول الدكتور أحمد رفعت، أستاذ القانون الدولي ورئيس جامعة بني سويف سابقًا، إن من أكثر المواد التي سوف تؤدى إلى إثارة الشارع المصرى فى دستور 2013 المواد التي تخص العمال والفلاحين وأيضًا طريقة الانتخابات سواء فردى أو قائمة، وذلك لأن الانتخاب بالقائمة سوف يؤدى إلى دخول جماعة الإخوان المسلمين إلى الساحة السياسية مرة أخرى لعدم وجود أحزاب قوية الآن فى الشارع.
وأضاف "رفعت" أن المادة الخاصة بوزير الدفاع سوف تؤدى إلى توتر العلاقة بينه وبين رئيس الجمهورية، لأنها تقوم بالحد من سلطات رئيس الجمهورية, وهذه المادة سوف تؤدى إلى خلق روح من الصراعات بين وزير الدفاع ورئيس الجمهورية فى المرحلة القادمة، مما تؤدى إلى عدم استقرار الأمور فى الشارع المصرى.
ومن المنطلق ذاته، يقول الدكتور محمد الصاوي، أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق جامعة عين شمس، إن هناك العديد من المآخذ على مواد السلطة القضائية الواردة في المسودة المنشورة من دستور 2013 لعل أهمها المبالغة في ضمانات القضاة الشخصية، وغياب الإطار الزمني اللازم للبت في المنازعات، وعدم النص على نوع الرقابة الدستورية على القوانين، وعدم تعريف الهيئات القضائية بشكل جامع، إضافة إلى "دسترة" محاكمة المدنيين عسكريًا.
وعلى الرغم من كون المادة رقم 185 من الدستور الحالي قد صيغت على نحو يمنع تغول أي من السلطتين التشريعية أو التنفيذية على السلطة القضائية، من خلال تقييد ما تمتلكه السلطتان التشريعية والتنفيذية من صلاحيات يمكن من خلالها الضغط على السلطة القضائية ولي ذراعها من خلال تعديل القوانين والتشريعات المتعلقة بالسلطة القضائية مثلما حدث في فترة حكم الرئيس السابق محمد مرسي، إلا أن تلك المادة قد بالغت كثيرًا فيما يتعلق بالضمانات الشخصية للقضاة، حيث نصت على عدم قابليتهم للعزل فجعلتهم فوق المحاسبة، وكان من الأحرى أن يتم النص على جواز عزلهم ومحاكمتهم، وليس فقط مساءلتهم تأديبيًا حال ثبوت تورطهم في مخالفات وانتهاكات قانونية، ولكن من قبل جهة قضائية معينة ولتكن محكمة النقض مثلاً أو المحكمة الدستورية، تختارها الهيئات القضائية بالتوافق بعيدًا عن أي تدخل من السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهو أمر بات ملحًا في ظل وجود بعض الاتهامات التي تذهب إلى انحراف بعض القضاة عن إجادة العدالة، سواء لاعتبارات تتعلق بالفساد أو تسييس القضاء.
أما المادة رقم 187 من الدستور الحالي، فإنه لم تضع حدًا زمنيًا أقصى للفصل في المنازعات والجرائم، وتركتها من دون أن تذيلها حتى بعبارة، وفقًا لما يحدده القانون، وهي ثغرة لطالما استغلتها السلطات التنفيذية في أنظمة الحكم المتعاقبة في استخدام القضاء سياسيًا في بعض الأمور الأساسية من خلال توظيف ظاهرة بطء آليات وإجراءات التقاضي لتحقيق مصالح النخبة الحاكمة، بالإضافة إلى إصدار تشريعات تنطوي على مثالب وعوار دستوري لتحقق مصالح وأهداف خاصة لتلك النخبة.

ويقول المستشار محسن أحمد محمد، المستشار بمجلس الدولة، إن دستور 2013 لا يمكن أن يكون دستور مصر ولا يليق أن يكون دستور دولة عريقة مثل مصر بها أكبر فقهاء القانون والدستور في العالم، حيث إن هناك الكثير من المواد بها ثغرات تخدم الفئات التي وضعت لأجلها هذا الدستور، حيث إن مسودة الدستور الجديد قد نصت في المادة (96) على أن التقاضي حق مصون ومكفول للكافة ولا يحاكم شخص إلا أمام المحاكم المدنية، والمحاكم الاستثنائية محظورة، إلا أنها عادت في موضع آخر لتجيز في المادة (206) محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية في الجرائم التي تمثل اعتداءً مباشرًا على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة، وهو الاستثناء الذي طالما كافحت القوى الثورية لإزالته من دستور 2012 المعطل، والذي جاءت مسودة الدستور الجديد لتسير على دربه في هذا السياق، وهو ما يبدو ماسًا باستحقاقات ثورة يناير التي كانت المطالب بالحرية من أبرز شعاراتها.
وأضاف "محمد" أنه في نفس الوقت أغفلت مسودة دستور 2013، سواء عن عمد أو عن غير عمد، تناول بعض مظاهر التأثير التي ربما تمارسها السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، لتحد من استقلاليتها في إنجاز عملها، ولعل أهم تلك المظاهر التي تم إغفالها، على سبيل المثال لا الحصر، وضع وزير العدل لائحتي التفتيش القضائي، وتفتيش النيابات، وانفراد السلطة التنفيذية بالكلمة النهائية فى ندب وتجديد ندب مَن تختارهم وحدها من مستشارى محكمة الاستئناف ليكونوا تابعين لها فى رئاسة المحاكم الابتدائية فى الإشراف على الرؤساء والقضاة وأحكامهم وقراراتهم القضائية والولائية وهو ما يعني استمرارًا للمساس بمبدأ الفصل بين السلطات بشكل يسيس مرفق العدالة في مصر متمثلاً في السلطة القضائية.
ويشير ناصر أمين، رئيس مركز الاستقلال القضائي والناشط الحقوقي، إلى أن مسودة الدستور اشتملت على نص يجيز التأميم، وهو جريمة اقتصادية كبرى وباب مفتوح على مصراعيه لإرهاب وهروب المستثمرين، مضيفًا أن لجنة العشرة قامت بحذف المادة 39 من دستور 2012 رغم ما بها من ضمانة تمنع الأجهزة الأمنية من دخول أي مكان دون أمر قضائي مسبب.
وأوضح أمين أن دستور لجنة الخمسين تضمَّن أيضًا في مادته رقم 128 نفس العيب الوارد في المادة 147 من دستور الإخوان حيث نصت تلك المادة على أن «يعين رئيس الجمهورية الموظفين المدنيين، والعسكريين، والممثلين السياسيين، ويعفيهم من مناصبهم، ويعتمد الممثلين السياسيين للدول والهيئات الأجنبية وفقًا للقانون هذا من شأنه إطلاق يد رئيس الجمهورية في تعيين وعزل المدنيين بلا ضابط قانوني وهو الأمر الذي قد يسيء رئيس الجمهورية استخدامه.

وعلى نفس السياق، أكد العديد من المحللين السياسيين، أن دستور 30 يونيه به العديد من الأخطاء الدستورية الفادحة، فيقول الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة، إن أهم العيوب السياسية فى دستور 2013 والتي ستشكل جدلاً كبيرًا فى المجتمع المصري وعلى الساحة السياسية، هي المادة الخاصة بمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية فى حالات معينة فنص هذه المادة ليس مرضيًا بما فيه الكفاية لما تضمنه من ألفاظ مطاطة.
وأضاف "نافعة" أن من ضمن المواد التي ستثير جدلاً كبيرًا هي المادة الخاصة باختيار وزير الدفاع ما بين ضباط القوات المسلحة بعد موافقة القوات المسلحة على الشخصية المطروحة فكل هذا يعمل على تقييد سلطات رئيس الجمهورية إلى حد كبير, كما يرى البعض فى هذه المادة دورًا سياسيًا كبيرًا للجيش والقوات المسلحة، قد يعرقل عملية التحول الديمقراطي, فيما يرى البعض الآخر أن هذه المادة هي ضمانة حقيقية لعدم اختراق الجيش المصرى من جانب جماعة الإخوان المسلمين إذا تسلموا السلطة سواء عبر مجلس النواب أو الانتخابات الرئاسية القادمة ولكن هذه الحالة مستبعدة للغاية لأن جماعة الإخوان المسلمين فقدوا معظم شعبيتهم فى الشارع المصرى.
وأوضح "نافعة" أن المادة التي تنص على موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على قرار رئيس الجمهورية بتعيين وزير الدفاع تجعل العلاقة بين رئيس الجمهورية ووزير الدفاع معقدة بسبب المادة المتعلقة التي تم وضعها وسط هواجس أن يأتي الرئيس القادم من أغلبية بعينها وهذا الاحتمال لم يعد قائمًا، ولذلك فالمادة بشكلها الحالي تقيد من سلطة رئيس الجمهورية وتحد من سلطات رئيس الوزراء.
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أنه هناك بعض المواد الموجودة داخل دستور 2013 تثير جدلاً كبيرًا وخلافًا وقد تتباين وجهات النظر وهذا أمر طبيعي, ولكن السؤال هنا كيف ستحدد القوة السياسية موقفها فى دستور 2013 فهل ستحدده استنادًا لنصوص الدستور أم ستحدده استنادًا لتحالفات سياسية لها علاقة لما جرى فى ثورة 30 يونيه.
وأضاف "نافعة" أن كل القوى السياسية سوف تحدد موافقها فى دستور 2013 لاعتبارات سياسية لا دستورية وقانونية, لكن الأغلبية الصامتة هي التي سوف تحسم التصويت على الدستور فإذا ذهب أكثر من 50 % إلى صناديق الاقتراع سيعد هذا مكسبًا كبيرًا لصالح الدستور, وإذا صوت أكثر من ثلثي المشتركين فى التصويت لصالح الدستور سيعد هذا تصويتًا لصالح ثورة 30 يونيه وما حدث فيها, وبالتالي سيكون التصويت على الدستور مسألة حاسمة تتجاوز القضية القانونية وتكون الخطوة الأولى نحو نجاح أو فشل خارطة الطريق.
وفى سياق متصل، يقول حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن مسودة الدستور نصت على أن يكون تعيين وعزل وزير الدفاع بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وذلك في المادة رقم (233) والتي تقول "يكون تعيين وعزل وزير الدفاع بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتسري أحكام هذه المادة لدورتين رئاسيتين كاملتين اعتبارًا من تاريخ العمل بالدستور، بالإضافة إلى أن المواد الخاصة بالصحافة في مسودة الدستور الجديد تعتبر كارثية لسماحها بإغلاق وتعطيل الصحف والقنوات بناءً على الضوء الأخضر الذي سوف تمنحه للمشرع لعمل قانون يقيد به الصحافة وحريتها، حيث إن حرية الصحافة إحدى لبنات النظام الديمقراطي والتي لا غني عنها بأي حال من الأحوال.
فى السياق نفسه، يؤكد اللواء عادل القلا، رئيس الحزب مصر العربي الاشتراكي وعضو مجلس الشعب السابق، أن دستور 2013 يغفل أهمية النظام الانتخابي المناسب للشعب المصري, حيث إن هناك كثيرًا من الخلافات حول النسبة الانتخابية ووجود مادة الانتخابات فى دستور 2013 وهذا يدل على أن أعضاء لجنة الخمسين غير مدركين لأهمية تحديد النظام الانتخابي بجانب هذا فإن دستور 2013 يحمل بعض المواد والتي يبلغ عددها حوالي ثماني مواد تنص على أشياء مسلم بها، مثل الحرية لكل مواطن والثقافة حق لكل مواطن وأيضًا الدولة مسئولة عن محاربة الفساد, فهذه المواد معادة ومكررة تعيق الدستور وتظهر مدى الدراية فى الصيغة الدستورية.
وأضاف القلا أن أعضاء لجنة الخمسين قرروا فى الدستور الجديد وضع مادة العدالة الاجتماعية مع نظام السوق الحر وعدم الاعتماد على النظام الاشتراكي أو الرأسمالي وهذا قرار غير منطقي ويدل على التناقض فكل الدساتير التي مرت على مصر كانت تنص على الطبيعة الاشتراكية, وذلك لأن الاشتراكية هي طبيعة الشعب المصرى الذي يعتمد على الوسط بين كل الأشياء الذي يتمثل فى النظام الاشتراكي فماذا الهروب من كلمة الاشتراكية فى دستور 2013, ونجد السبب فى أن البعض من أعضاء لجنة الخمسين يؤيد الاشتراكية والبعض الآخر يعترض عليها, فهذا الخطأ قد ارتكبه أعضاء دستور 2012 من جماعة الإخوان المسلمين ومازال موجودًا فى دستور 2013.
كما أشار رئيس الحزب مصر العربي الاشتراكي إلى أن المادة التي تنص على محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية من المواد التي تعيب دستور 2013، وذلك لما تحتويه من قصور لدى لجنة الخمسين حول هذه المادة بمعنى أنهم لا يدركون خطورة الاعتداء على منشأة عسكرية وأن يتم للجاني محاكمة مدنية فلابد من محاكمة عسكرية فى حالات محددة فقط, فكان يجب أن لا يثار لغم حول هذه المادة.

وأوضح "القلا" أن هناك مشاكل كثيرة سوف تثار فى كل الأوساط السياسية من أجل المادة التي تنص على تعيين رئيس الوزراء الذي يقوم بتعيينه رئيس الجمهورية فإذا لم يتم التوافق عليه من مجلس الشعب سوف يقوم رئيس الجمهورية بحل مجلس الشعب, فهذا يعتبر من أهم أخطاء وعيوب دستور 2013 الفادحة.
ويشير محمد حامد، عضو مجلس الشعب السابق عن حزب الوسط، إلى أن دستور 30 يونيه لم يتمكن الكثير من الشعب المصري من الاطلاع عليه وهو دستور سري للغاية ولم يكن أحد يطلعنا على مواد الدستور إلا ما يقوم به محمد سلماوي المتحدث الرسمي باسم اللجنة الذي لا يقوم إلا بإلقاء بعض الشو الإعلامي فقط دون إبراز النقاط الجديدة في الدستور، فدائمًا كانت اللجان تعقد في الغرف المغلقة من أجل تمريرها.
وتساءل "حامد" متى يتم طرح الدستور على الحوار المجتمعي فهناك أزمة دستورية قوية إذا تم تأخير طرحه على الحوار المجتمعي طبقًا لخريطة المستقبل التي تكلموا فيها منذ البداية.
وأنه من أهم النقاط الرئيسية التي نعترض عليها هي المادة 219 والتي تم تعديلها مؤخرًا، بالإضافة إلى
المادة 204 وهي التي تتعلق بمحاكمة المدنيين عسكريًا متسائلا كيف للمصريين بعد ثورة يناير العظيمة أن تتم محاكمتهم محاكمات عسكرية.
وتقول نرمين شوقي، عضو بحركة "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين"، إن الهدف الأساسي الذي يجتمع عليه المصريون هو رفض المحاكمات العسكرية للمدنيين ورفض أن يتم التعامل مع المدني بغير القوانين المدنية.
وأضافت "شوقي"، لقد سبق أن ناشدنا أعضاء لجنة الخمسين أن يصوتوا ب"لا" على المادة 174 الخاصة بالمحاكمات العسكرية للمدنيين، ولكن للأسف لم يستجب أحد لكننا سنظل نقف بجانب كل مظلوم يحاكم محاكمات عسكرية غير عادلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.