كشفت مصادر أمنية وأخرى من الإسلاميين عن فرار قيادات من التحالف الذي تقوده جماعة الإخوان المسلمين، والمؤيد للرئيس السابق محمد مرسي، خارج البلاد خلال الأسابيع الأخيرة، قائلة إنها «اختارت المنفى» بعد رفضها التسليم بالواقع الجديد، وتسعى للتصعيد ضد سلطات القاهرة من عدة عواصم عربية وأجنبية في الخارج. وتابعت المصادر الأمنية القريبة من الحكومة في تصريحات لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، أن بعض هذه القيادات ظهر أخيرًا في قطر وتركيا وبريطانيا وسويسرا وغيرها، وأن عددًا منهم اشترط إطلاق سراح مرسي وقيادات «الإخوان» قبل أي تفاوض على قبول خارطة الطريق التي يقودها الحكام الجدد، ووصفت هذه المصادر الشروط بأنها «تعجيزية»، قائلة إن «عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء». ووفقًا للمعلومات فقد فر 15 على الأقل من قادة الإسلاميين، بمن فيهم عدد من كبار رجال أعمال «الإخوان»، خلال الأيام الأخيرة. وقالت المصادر الأمنية إن هروب هذه القيادات استمر حتى الأسبوع الماضي، بعضهم كان عبر مطار القاهرة الدولي (غير مطلوبين على ذمة قضايا) وبعضهم بالتسلل عبر الحدود، ومنها إلى دول أخرى، بينما فضل عدد آخر من القيادات البقاء في الخارج منذ مغادرة القاهرة قبل عزل مرسي الذي جرى في مطلع يوليو الماضي. ويقف تحالف الإسلاميين المعروف باسم «التحالف الوطني لدعم الشرعية» ضد الاعتراف بالخارطة السياسية التي أعلنها قائد الجيش. وتمكنت السلطات من ضبط الكثير من قيادات جماعة الإخوان وقادة إسلاميين آخرين قبل سفرهم من مطار القاهرة ومنافذ أخرى إلى خارج البلاد. وتضاربت خلال اليومين الماضيين المعلومات بشأن مكان وجود عاصم عبد الماجد الذي يعد أحد أهم قيادات الجماعة الإسلامية المؤيدة للرئيس السابق، والمتهم في الكثير من القضايا في مصر، من بينها الحض على العنف. وبينما قالت تقارير محلية إن عبد الماجد ظهر في أحد فنادق الدوحة، نفى علاء أبو النصر، أمين حزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، وجود أي معلومات بشأن سفره لقطر. كما استبعد مصدر أمني بمطار القاهرة سفر عبد الماجد من المطار، مشيرًا إلى أنه ربما تسلل إلى ليبيا أو السودان ومنها إلى قطر. ومن جانبه كشف أسامة رشدي، القيادي في التحالف المناصر للنظام السابق، والموجود حاليًا خارج البلاد، عن وجود خيارات للتصعيد ضد الحكام الجدد في القاهرة، إلا أنه رفض اتهامات مصرية تقول إن «التحالف» يستعين بالحكومة التركية ودول أخرى وقيادات إسلامية عربية وأجنبية، للعمل ضد نظام الحكم في مصر. وأضاف رشدي في اتصال عبر الهاتف من العاصمة البريطانية قائلاً إن الوضع في مصر «لم يعد آمنًا ولا طبيعيًا ولا يشجع أي مواطن ولا حتى مستثمر». وتابع أنه اضطر لمغادرة مصر والعمل السياسي من الخارج مرة أخرى، بعد أن كان قد رجع إليها عقب ثورة 25 يناير 2011، مشيرًا إلى مغادرة عدد آخر من قيادات التيار الإسلامي للبلاد عقب الإطاحة بمرسي، خشية الملاحقات الأمنية. ودافع رشدي عن وجود قيادات إسلامية غير مصرية في لقاءات عقدت في الفترة الأخيرة في كل من باكستان وتركيا وغيرهما، وتناولت الشأن المصري الداخلي، وقال إن مشاركة تلك الشخصيات كانت تقتصر على لقاءات فكرية تتناول موضوع ثورات «الربيع العربي» والانقلابات العسكرية، وأن بحث الأمور المصرية كان يقتصر على المصريين فقط. وحول إمكانية القبول بحلول سياسية لتجنيب البلاد مزيدًا من عدم الاستقرار، أضاف رشدي قائلاً إن الاستراتيجية التي طرحها «التحالف» تحدثت عن الترحيب بأي وساطة وطنية حقيقية يمكن أن تفضي إلى حل الأزمة و«تجنيب مصر الدخول في ما هو أسوأ مما نحن فيه الآن»، لكنه اشترط تهيئة الأجواء أولاً لمثل هذه الحلول من خلال استعادة «المسار السلمي» مرة أخرى وإطلاق سراح القيادات التي جرى القبض عليها ومنهم الرئيس السابق.