منذ يومين وبالتحديد في يوم الجمعة 14 ابريل 2006 حدث اعتداء آثم على عدد من كنائس مدينة الإسكندرية، وراح ضحيته مواطن قبطي وجرح عدد آخر، وقيل أن الجاني شخص واحد وصف بأنه "مختل عقليا" تنقل من منطقة أخرى ليقوم بعدوانه مستعملا أكثر من سكين دون أن يعترضه أحد حتى تم القبض عليه في المحاولة الرابعة .. ثم تلاه في اليوم الثاني السبت اشتباك بين المواطنين المسلمين والمسيحيين أثناء تشييع جنازة المواطن القبطي الذي راح ضحية هذا العدوان.. مما أسفر عن وقوع إصابات بين عدد من الطرفين في مناخ سلبي ينذر بانتشار الخطر إلى مناطق أخرى من وطننا الحبيب مصر، والحقيقة أن هذا الذي جرى مدان ومرفوض مثله مثل أي عدوان على أي طرف مصري مسلما كان أو مسيحيا. والحقيقة أيضا أننا منذ فترة طويلة تحدث لدينا مشكلات من هذا النوع وفي كل مرة يتعامل الناس مع الحدث الأخير فقط دون ارتباط الأحداث بعضها البعض، وهذا تحليل مخل للأحداث، فالحوادث التي أطلق على تسميتها حوادث الفتنة الطائفية لا يمكن النظر إليها كل على حدة، لأنها تتعلق بظروف محلية وإقليمية ودولية، وهي مرتبطة كذلك بعدة جهات في الداخل وتتوزع فيها المسئولية على عدة أطراف . لذلك كتب كثير من العقلاء مما ساهموا في إقامة علاقات متوازنة بين المسلمين والأقباط في مصر على أساس المواطنة في السنوات الأخيرة مثل المستشار طارق البشري والدكتور سليم العوّا ، الذين كتبوا منبهين لسلوكيات تمت في الفترة الأخيرة متعلقة بقضايا وفاء قسطنطين، والقرص المدمج لمسرحية عرضت بكنيسة في الإسكندرية، وذكروا أن معالجة الدولة وأجهزتها وقيادتها السياسية كان خاطئا في الاستجابة لطلبات قيادة الكنيسة الأرثوذكسية التي جعلتها فوق القانون، مما غذى روح خطرة بين المسلمين وإخوانهم المسيحيين، لذلك فان الحل الحقيقي لهذا النوع من المشكلات يجب أن يكون من داخل الوطن بالتفاهم بين أبنائه وليس بالاستقواء بالخارج أو لوي ذراع نظام الحكم وهو في حالة ضعف لتحقيق مطالب سياسية طائفية في أغلبها، والحل الحقيقي لمثل هذا النوع من القضايا هو طرحها في إطار وطني جامع وليس في إطار طائفي .. بمعني أنه حينما نتكلم عن حرية بناء الكنائس يجب أن يكون الكلام عن حرية بناء دور العبادة. وحين نتكلم عن المناصب لا نتكلم عن حصص للمسيحيين، ولكن نتكلم عن حرية وديمقراطية حقيقة لكل المصريين مسلمين ومسيحيين، وكذلك يجب أن يتدارس العقلاء كيفية تنقية المناخ الثقافي الذي يغذي التعصب والغلو في الطرفين، كما يجب مراعاة مشاعر كل الأطراف فلا يصح تجريح العقائد في وسائل الإعلام وخاصة عقائد إخواننا المسيحيين، كما لا يجوز أيضا التحريض على المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام ومبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، ومن ذلك أيضا المطالبات المستفزة الخاصة بالأزهر، أو إلغاء النص على الديانة في البطاقة... الخ . مثل هذه المطالبات التي يرددها غلاة العلمانية حين يتلقاها بعض إخواننا المسيحيين تغذي فكرة الصدام والغضب وتهيئ المناخ لأي تفجير وهو أمر خطير على هذا الوطن بكل أبناءه مسلمين ومسيحيين. نداؤنا للجميع بالحرص على الوطن والبعد عن الإثارة وتحكيم العقل والضمير الوطني والديني لبناء وطن حر ديمقراطي يحقق العدل والمساواة للجميع ويمنع الفتن ويقضي عليها .. [email protected] E.mail: