زعم رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي أن قوات الاحتلال في العراق لم تعلن أعدادا أقل للقتلى العراقيين المدنيين, وأنه لم يتجاهل الانتهاكات بحق سجناء على أيدي القوات العراقية، فيما اعتبرت الخارجية الأمريكية أن التحقيق في هذه الجرائم مسؤولية الحكومة العراقية وليس مسؤولية الولاياتالمتحدة. جاء ذلك بعد أن نشر موقع "ويكيليكس" الإلكتروني يوم الجمعة حوالي 400 ألف من الملفات الأمريكية السرية عن جرائم الاحتلال في العراق, في أكبر تسريب من نوعه في تاريخ الجيش الأمريكي, تتضمن تفاصيل أعمال القتل والانتهاكات التي تعرض لها المدنيون في العراق, وكشف عن 15 ألف حالة وفاة لمدنيين عراقيين آخرين غير القتلى الذين أعلنهم الجيش الأمريكي. وقال رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي -الذي عمل قائدا لقوات الاحتلال الأمريكية في العراق من 2004 إلى 2007- الجنرال جورج كايسي أمس الأحد: "إن القوات الأمريكية كانت تذهب في الواقع إلى وحدات حفظ الجثث بالمستشفيات لإحصائها"، مضيفا "لا أتذكر أنه حدث تهوين في أعداد الضحايا المدنيين". وزعم الجنرال المتقاعد أن الولاياتالمتحدة عملت على منع السلطات العراقية من ممارسة التعذيب، نافيا المعلومات الواردة في وثائق نشرها موقع "ويكيليكس" وكشفت عن تستر واشنطن على أعمال تعذيب. وأضاف كايسي "الذي ورد في التقارير الصحفية ويوحي بأننا غضضنا الطرف عن الإساءة للسجناء العراقيين، غير دقيق، وسياستنا كانت على الدوام أنه عندما يلحظ الجنود الأمريكيون وجود إساءة للسجناء فإن عليهم أن يوقفوا ذلك، وأن يرفعوا على الفور تقريرا بذلك", حسب زعمه. وفي السياق, رفضت وزارة الخارجية الأمريكية اتهامات "ويكيليكس"، معتبرة أن الولاياتالمتحدة دربت القوات العراقية على "احترام حقوق الإنسان". وقال المتحدث باسم الخارجية فيليب كراولي: "إذا كانت هناك حاجة للمحاسبة فإنها، أولا وقبل كل شيء، يجب أن تكون من قبل الحكومة العراقية نفسها، وكيف تعاملت مع مواطنيها، وهذا الأمر سبق أن تحدثنا فيه وسنواصل الحديث بشأنه مع حكومة العراق", على حد قوله. وكان موقع "ويكيليكس" الإلكتروني قد كشف عن وثائق سرية أمريكية تؤكد أن الآلاف المدنيين العراقيين ومن بينهم النساء الحوامل والعجائز والأطفال ظلُّوا يقتلون طيلة سنوات الاحتلال على نقاط التفتيش العسكريَّة وبنيران الطائرات الأمريكيَّة المقاتلة, رغم أن وزارة الدفاع الأمريكيَّة "بنتاجون" كانت طيلة الوقت تخفي الأرقام الفعليَّة لعدد الضحايا. وتفصح الوثائق عن قوات الاحتلال السريَّة كانت تحتفظ بتوثيق للقتلى والجرحى العراقيين، رغم إنكارها علنيًّا لكل ذلك. كما كشفت الوثائق عن حالات من القتل والتعذيب والإساءة للمدنيين على أيدي القوات العراقيَّة، وكذلك تستر من قبل جيش الاحتلال الأمريكي على هذه الجرائم. هذا بالإضافة إلى كشفها معلومات جديدة عن ضحايا شركة "بلاك ووتر" من المدنيين، إلى جانب معلومات عن دور سري لإيران في تمويل وتسليح المليشيات الشيعيَّة. وكَشَف "ويكيليكس" تفاصيل أخرى ضمن وثائق سرية بشأن عمليَّات القتل , حيث أطلق جنود أمريكيون النار على عائلة عراقيَّة عند اقترابها من دوريَّة أمريكيَّة، وأعدِم عشرات المدنيين بأسلوب "فرق الموت الطائفيَّة". وذكرت الوثائق التي تغلب عليها المصطلحات العسكريَّة، أسماء الضحايا ومعلومات تفصيليَّة حول المكان والزمان والطريقة التي تعرَّضوا بها للقتل. وأكَّد مسئولو موقع "ويكيليكس" أنهم لم يكشفوا عن كافة الوثائق الخاصة بجرائم الاحتلال الأمريكي في العراق, مشدِّدين على أن ما جرى في العراق ليس بمعزل عما يجري حاليًا في أفغانستان. وطالبت مسئولة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة أمس الثلاثاء واشنطن بأن تحقق بشأن جرائم قوات الاحتلال في العراق التي كشفتها الوثائق السرية.