أشاد الداعية السعودي الشهير الدكتور سلمان العودة "المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم"، بالنموذج الإسلامي التركي، داعيًا الحركات الإسلامية في شتى أنحاء العالم الإسلامي إلى وقف العنف. وأكد العودة خلال لقاءه عددًا من الصحفيين بالقاهرة يوم الثلاثاء الماضي، أن النموذج التركي من شأنه أن يغير اهتمامات المسلمين حول القضايا المختلفة، وقال: "زرت تركيا قبل 20 عاما ووجدت عندهم مشاكل كثيرة والآن هم تغيروا كثيرًا وتحولوا إلى الأفضل. وأضاف أنه لابد للناس أن يعلموا أن التغيير جزء هام من الدين، كذلك أن يكون جزء من مهمة الحكومات الإسلامية إصلاح حال الناس في شتى المجالات ك"التعليم والصحة"، مشيدًا بمدينة اسطنبول التركية وقال: هي مدينة كبيرة كعدد من العواصم الإسلامية والعربية الأخرى لكنها الآن نموذج يحتذى. ودعا فضيلته إلى محاكاة النموذج الماليزي والتركي لأنهما قد يعطيان دفعة للأمة الإسلامية لأن نصحو يومًا ما ونرى التجربة كررت في بلد أخر كباكستان واندونيسيا. وأوضح أن النموذج التركي لا يصلح لتركيا فقط لكن البلدان العربية أوضاعها مختلفة ولا يمكن استنساخ النموذج التركي بها لأنه لابد لكل بلد إسلامي أن تشهد نهوض من الداخل في شتى المجالات "نهضة اقتصادية واجتماعية وثقافية شاملة"، وألا تكون هذه النهضة منقولة عن غيرها. العنف تدمير للأمة وحول العنف الذي يحدق بالأمة حاليًا، أكد "العودة" أن العنف يعني تدمير كل ما هو قائم وموجود بدلا من أن نحلم بتقدم، فالعنف يمنع الناس أن يذهبوا إلى المساجد أو الأسواق أو إلى أعمالهم ووظائفهم ، والعنف معناه أن يتحول المجتمع الإسلامي لمجتمع بدائي يتحكم فيه القوة. وانتقد المقولة الشائعة التي تقول بأن الإسلام لا يقوم بالمجتمعات التي بها سلطة مركزية ويضربون المثل بمكة في صدر الإسلام، وقال: "هذه الفكرة في غاية الخطورة فالإسلام جاء لبث الأمن بين الناس، مؤكدًا أن العنف ليس مدرسة لكنه نوعًا من الاحتكام للذات والتسلط والعدوان ومن أخطر ما يواجه المسلمين هو قتالهم فيما بينهم، ضاربًا المثل بما يحدث في اليمن والصومال وحتى في مصر في وقت من الأوقات. المراجعات وأشاد الداعية الكبير بعملية المراجعات التي بدأت بالأساس من مصر قبل عدة سنوات، لأن يكتب هؤلاء الناس مراجعاتهم بأنفسهم فتلك شجاعة محمودة ، مشيرًا إلى أن هذه المراجعات ليست معصومة هي الأخرى وإن كانت عليها توافق لوقف العنف ووجود اتفاق رسمي بين عناصر هذه الجماعات المسلحة لوقف العنف لا يعني أن هناك نقصا في الشخصية. وأشار فضيلته إلى أن أنبياء الله وكبار الصحابة راجعوا أنفسهم كثيرًا والنبي الكريم "صل الله عليه وسلم" راجع نفسه وبرئ نفسه من قول قاله خالد بن الوليد بقوله "اللهم إني أبرئ إليك مما قال خالد". وأرجع العودة تواجد العنف في المجتمعات الإسلامية إلى عدة أسباب أهمها: غياب المرجعية الدينية وسوء التربية، وضرب مثلا بالزيارة التي قام فضيلته إلى ليبيا ولقائه عدد من عناصر الجماعة المسلحة هناك والذين قدموا مراجعات واستمعوا لصوت العقل وكان هو من بين عدد من العلماء زاروا هؤلاء في سجن أبوسليم ومن ثم أفرجت السلطات الليبية عن عدد كبير منهم ولا يبقى سوى القليل. ودعا الجميع لأن يدعم مثل هذه المراجعات والوقوف بجانب الخارجين من السجون واحتضانهم حتى لا يعودوا إلى ما كانوا عليه، مشددًا على أن عودة أحد هؤلاء إلى أفكاره مرة أخرى يعد فشلا للتجربة برمتها، إذ لابد من تحفيزهم وتشجيعهم على وقف العنف والعودة إلى المجتمع بدون أية عوائق. وعن حالة القتال بين الحركات الإسلامية في بلدان كالعراق والصومال قال الدكتور العودة: "هذا مؤشر على فشل تلك المشاريع التي تتقاتل، فهم كانوا يتحدثون عن الوصول للسلطة والآن وصلوا للسلطة فماذا فعلوا؟، تقاتلوا فقط. الصومال كنموذج هي بلد مسلم 100% لكنه كبلد مدمر جدا وهذا ليس له أي تفسير سوى الفشل، الفشل في طاعة الله ورسوله "صل الله عليه وسلم" كما قال تعالى "وأطيعو الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وأصبرو إن الله مع الصابرين"، كما قال "إن الله لا يصلح عمل المفسدين". سب الصحابة وعن سب الصحابة رضوان الله عليهم، أكد الشيخ العودة، أن هذا الأمر جريمة بالفعل، لكن من سنة الله تعالى في الكون أن يوجد المتطرفون والمجرمون وللأسف الإعلام ساعد على انتشار هؤلاء المجرمين وهذه الأصوات النشاز ، ولكني أود أن أقول ربما يكون فيما يحدث خيرًا بإذن الله يعمله الله تأكيدًا لقوله "لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم". وأوضح أن النبي "صلى الله عليه وسلم" نهى عن سب أبوجهل نفسه لأن السب لن يصل له وإنما يؤذي الحي، كما قال الله تعالى "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون"، كما أنه لايوجد سب في الإسلام إطلاقا أو احتفالات لسب فلان فما بالنا بكبار صحابة رسول الله "صلى الله عليه وسلم"، وطالب فضيلته بألا نعطي لهؤلاء المجرمين أهمية أكبر من حقهم بالاهتمام بما يزيد عن حجمهم. المشاركة السياسية وعن المشاركة السياسية في الانتخابات والأقوال حول تحريم المشاركة قال فضيلته: "لا أرى عدم المشاركة في الانتخابات و أري وجوب المشاركة ليس كالذي يقول بأن عدم المشاركة " مثل التولي يوم الزحف" لأن أحوال المسلمين لن تتغير بمثل هذه الطرق، كما أن من يرفض المشاركة ويراها أنها مضيعة للوقت الأمر ليس كذلك لأنها ربما تكون طريقة للتغيير. وأضاف، الأمر لابد أن يؤخذ بعيد عن الحلال والحرام وأنا أميل إلى المشاركة حتى لو كان الإنسان يعلم أنه لا ينتظر منها الكثير من المضايقات .