تقليل الاغتراب 2025، موقع التنسيق يحدد موعد غلق باب تسجيل الرغبات    محمد عبدالجليل يكتب: رئيس الوزراء يشجع الأطباء على الهجرة فى بلد تعانى مستشفياته من نقص حاد    بالصور.. الشفافية ومكافحة الفساد في ندوة للرقابة الإدارية بالبحيرة    انخفاض جديد في سعر لتر العباد، أسعار الزيت بالأسواق اليوم الإثنين    ضربة مسائية من الجنيه للدولار    ضعف المياه بمدينة أخميم بسوهاج لأعمال غسيل مروق بالمحطة السطحية    مصر تتصدر نمو السياحة الإقليمية في الربع الأول من 2025    مرتديا نفس بدلته، زيلينسكي ينتقم من صحفي أمريكي بحيلة ذكية    بينهم نتنياهو.. تفاصيل استدعاء مراقب إسرائيل العام مسئولين لبحث إخفاقات 7 أكتوبر    أشرف داري يتعافى من إصابته ويشارك في تدريبات الأهلي بشكل طبيعي    مصطفي محمد يحتفل بعيد ميلاد ابنه عدي (الصور)    قبل انطلاق الكالشيو.. لوكاكو يتعرض لإصابة قوية ونابولي يكشف التفاصيل    أبطال منتخب مصر لكرة اليد تحت 19 عامًا في ضيافة أون سبورت.. الليلة    7 سنوات لموظف سابق بتهمة تسهيل الاستيلاء على 12 شقة سكنية بالإسكندرية    خبير أمني: "تيك توك" منصة للتضليل وغسل الأموال    جريمة تهز سوهاج.. العثور على جثة ستيني مذبوحًا بالزراعات    السكة الحديد تكشف تفاصيل واقعة ادعاء راكب منعه استقلال قطار مرتديا شورت    نوال عبد الشافي تطلق أحدث كليباتها "هاه" (فيديو)    مراسلة القاهرة الإخبارية: تصريحات نتنياهو تستهدف استعادة الرضا الداخلي    «بحر الهوى مشواره طويل» فرقة الطور تتألق على مسرح الشيخ زايد على أنغام السمسمية    «درويش» يشعل شباك التذاكر.. 12.5 مليون جنيه في 5 أيام    أمين الفتوى: تركة المتوفاة تُوزع شرعًا حتى لو رفضت ذلك في حياتها    هل يجوز للمرأة المستحاضة أداء الصلاة؟.. عضو بمركز الأزهر العالمي تُجيب    ميناء دمياط يستضيف مبادرة "100 يوم صحة"    ماذا يحدث لطفلك عند تناول الخبز مع الشاي؟    فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يكشف تعاطي سائق نقل ذكي المخدرات وضبطه بالقاهرة    تقصير أم نفاق؟ أمين الفتوى يجيب على سؤال حول الفتور فى العبادة    وزير الخارجية يرافق رئيس الوزراء الفلسطيني لزيارة الجرحى الفلسطينيين بمستشفى العريش العام    قبل لقاء زيلينسكي وقادة أوروبيين.. ترامب: حرب روسيا وأوكرانيا هي حرب بايدن «النعسان»    يتضمن 20 أغنية.. التفاصيل الكاملة لألبوم هيفاء وهبي الجديد    الخارجية الفلسطينية تدين قرار الاحتلال الإسرائيلي التعسفي بحق الدبلوماسيين الأستراليين    «قد تصل لسنة».. رئيس تحرير الأهلي يكشف مستجدات شكوى بيراميدز لسحب الدوري    قائمة ريال مدريد لمواجهة أوساسونا في الدوري الإسباني.. ظهور الصفقات الجديدة    محافظ الوادي الجديد يعتمد النزول بسن القبول بالصف الأول الابتدائي بالمدرسة الرسمية الدولية    المسلماني ونجل أحمد زويل يزيحان الستار عن استديو زويل بماسبيرو    تووليت وكايروكي يحيون ختام مهرجان العلمين الجديدة (أسعار التذاكر والشروط)    هل المولد النبوي الشريف عطلة رسمية في السعودية؟    البحوث الفلكية : غرة شهر ربيع الأول 1447ه فلكياً الأحد 24 أغسطس    سبورت: بافار معروض على برشلونة.. وسقف الرواتب عائقا    الرقابة المالية: 3.5 مليون مستفيد من تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر حتى يونيو 2025    هل يتم تعديل مواعيد العمل الرسمية من 5 فجرًا إلى 12 ظهرًا ؟.. اقتراح جديد في البرلمان    مصرع عامل وطفل فى انهيار منزل بدار السلام بسوهاج    شئون الدراسات العليا بجامعة الفيوم توافق على تسجيل 71 رسالة ماجستير ودكتوراه    نسف للمنازل وقصف إسرائيلي لا يتوقف لليوم الثامن على حي الزيتون    وزير الأوقاف ناعيا الدكتور صابر عبدالدايم: مسيرة علمية حافلة بالعطاء في خدمة اللغة العربية    الصحة العالمية تقدم أهم النصائح لحمايتك والاحتفاظ ببرودة جسمك في الحر    القوات الإسرائيلية تعتقل 33 عاملاً فلسطينيا جنوب القدس    الديهي يكشف تفاصيل اختراقه ل"جروب الإخوان السري" فيديو    في يومها الثالث.. انتظام امتحانات الدور الثانى للثانوية العامة بالغربية    «غضب ولوم».. تقرير يكشف تفاصيل حديث جون إدوارد داخل أوضة لبس الزمالك    أسعار البيض اليوم الإثنين 18 أغسطس في عدد من المزارع المحلية    «متحدث الصحة» ينفي سرقة الأعضاء: «مجرد أساطير بلا أساس علمي»    كلية أصول الدين بالتعاون مع جمعية سفراء الهداية ينظمون المجلس الحديثى الرابع    انطلاق امتحانات الدور الثاني للشهادة الثانوية الأزهرية بشمال سيناء (صور)    إصابة 14 شخصا فى تصادم ميكروباص وربع نقل على طريق أسوان الصحراوى    استقرار أسعار النفط مع انحسار المخاوف بشأن الإمدادات الروسية    نشرة أخبار ال«توك شو» من «المصري اليوم».. متحدث الصحة يفجر مفاجأة بشأن سرقة الأعضاء البشرية.. أحمد موسى يكشف سبب إدراج القرضاوي بقوائم الإرهاب    حدث بالفن | عزاء تيمور تيمور وفنان ينجو من الغرق وتطورات خطيرة في حالة أنغام الصحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التقارب السوري الإيراني في ظل التحولات الراهنة
نشر في المصريون يوم 14 - 11 - 2013

تعتبر العلاقات الثنائية بين البلدين من أقوى العلاقات في منطقة الشرق الأوسط بين طرف عربي وآخر فارسي، بدأت معالمها منذ الثمانينات من القرن العشرين عندما ساندت سوريا إيران في حربها ضد العراق. كما اتسمت العلاقات بين الدولتين بخضوعها لمجموعة من الثوابت (الجانب العقدي) كان لها كبير الأثر على
العديد من الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية، وتجاوزت مجموعة من الأزمات الإقليمية. وبذلك فالسمة البارزة لهذه العلاقة هو الحركية والتغير في بيئة إقليمية حافلة بالقضايا المعقدة والمتجددة.
وبالنظر إلى تغيرات عالم اليوم أصبحت هذه العلاقات خاضعة لتداعيات المرحلة دون إغفال الأوضاع الداخلية المساهمة في صنع القرار الخارجي للدولتين فقد استطاع بشار الأسد أن يوثق الصلة أكثر مع إيران حيث أكد في العديد من المناسبات على أهمية هذه العلاقة التي تجمعها التاريخ الإسلامي المشترك. فما أبعاد العلاقات الثنائية بين البلدين؟ وما طبيعة الدعم الإيراني للنظام السوري في ظل التطورات الراهنة؟
أبعد العلاقات الثنائية:
أ- البعد الديموغرافي
برز هذا العنصر في العلاقات الثنائية بين البلدين كأهم الروابط بينهما نظرا للامتدادات الديموغرافية سواء من حيث السمة اللغوية أو العرقية، فالبلدان يشتركان في احتضان العنصر الكردي الذي يشكل تواجده بالبلدين عاملا مؤثرا على علاقاتهما سواء في تبني خطاب الاستقلال الذاتي الذي يرعاه الحزب الديمقراطي الكردستاني، أو في حالة استعماله كورقة ضغط في حالة توثر الأجواء بين البلدين.
إضافة إلى ذلك نجد العنصر الشيعي الذي يشكل عامل تقارب بين الطرفين، نظرا لارتفاع نسبته في سوريا خاصة دمشق، ونظرا لقدوم طلبة إيرانيين للتحصيل بالجامعات السورية علاوة على الزيارات التي يقوم بها شيعة إيران للمزارات الشريفة بسوريا، فحسب إحصاءات وزارة السياحة السورية فقد بلغ عدد الزوار 2 مليون زائر سنة 2011. وهو ما ينجم عنه تأثير ثقافي خاصة مع تزايد الإقبال على تعلم اللغة العربية في إيران وتعلم الفارسية بسوريا.
ب - البعد الجغرافي:
تركز الدراسات الكلاسيكية والحديثة في العلاقات الدولية على أن هناك علاقة بين الموقع الجغرافي والسياسي وقد اعتبر نابوليون بونابارت أن الجغرافيا تتحكم وتدير سياسة الأمم وبذلك فالجغرافيا هي العنصر الدائم في السياسة مما يعني أن الموقع الجغرافي له تأثير كبير في تحديد نوعية ومظاهر العلاقات الدولية.
من هذا المنطلق فإن أهمية الدولتين الإستراتيجية والأمنية ساهمت في تحقيق التقارب بينهما، فرغم عدم وجود حدود مشتركة بينهما، إلا أن إيران تتقاسم حدودها مع تركيا والعراق والجمهوريات السوفياتية السابقة إضافة إلى حدودها مع الخليج العربي وبحر قزوين. كما أن سوريا لها حدود مشتركة مع العراق وتركيا والأردن وفلسطين، لبنان البحر الأبيض المتوسط. مما أهل المنطقة للعب دور طلائعي منذ القديم، علاوة على ما تزخر به البلدين من ثروات طبيعية جعلتهما محط اهتمامات وتجاذبات إقليمية ودولية، كما تشكل سوريا بوابة إيران إلى لبنان حيث حزب الله والشيعة وأيضا منفذا للبحر الأبيض المتوسط.
ج- البعد الاقتصادي:
يعتبر العامل الاقتصادي متغيرا أساسا في العلاقات الدولية خاصة بعد انهيار نظام القطبية الثنائية واتجاه دول العالم إلى خلق تكتلات اقتصادية إقليمية ودولية، لمواجهة النظام العالمي الجديد. وهكذا تعززت العلاقات الاقتصادية بين الطرفين حيث بلغت الاستثمارات الإيرانية بسوريا سنة 2006 حوالي مليار دولار، كما تم توقيع مذكرات تعاون في مارس 2008، وبذلك اتجهت الدولتان إلى تعزيز علاقاتهما الاقتصادية وخلق فرص جديدة للاستثمار وتنمية الاقتصاد السوري. وقدمت طهران مساعدات اقتصادية لدمشق بلغت 7 مليار دولار لمواجهة الأزمة، كما أقامت مشاريع اقتصادية مشتركة بسوريا كمحطات إنتاج السيارات، ومحطات الكهرباء علاوة على إعفاء الصادرات السورية إلى إيران. وبذلك تسعى الدولتان إلى خلق الأجواء المنافسة لها خاصة مع تزايد الضغط الإقليمي والدولي على نظام بشار الأسد، خاصة بعد اندلاع الثورة السورية رغم ذلك صوت البرلمان الإيراني في دجنبر 2011 على اتفاقية التبادل الحر مع دمشق في رد على الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الذين تقول إنهم يسعون إلى إسقاط نظام الأسد.
تطورات العلاقات بين البلدين في ظل الاحداث الراهنة.
تسارعت وثيرة العلاقات بين البلدين رغم تباين مواقفهما من مجموع القضايا الإستراتيجية التي تهم منطقة الشرق الأوسط، كالموقف المعلن من حرب العراق الثانية (2003) فإيران أدانت مبدأ الحرب ضد العراق خوفا من امتداد الحرب داخل أراضيها. أما سوريا فنددت بالتدخل الأمريكي وفتحت حدودها مع العراق للمقاومة.
شكل الإحساس بالتهديد المشترك الذي يمكن أن ينتج عن الحضور العسكري الأمريكي نقطة التقاء نقطة تلاقي في صياغة رؤى حل القضية العراقية، فقد يخطئ البعض أن هناك تطابق بين السياستين فيما يخص القضايا الراهنة بالمنطقة. فالنظام السوري حذر جدا من العناصر المشكلة للنظام العراقي الموالية لإيران، كما أنها حريصة على وحدة العراق لأن تقسيمه يهدد أمن سوريا وما زالت ترى في المقاومة العراقية مقاومة مشروعة.
أما الموقف من القضية الفلسطينية فسوريا تحرص على عدم تفجير الوضع الفلسطيني بل وتعتبر الوحدة الوطنية الفلسطينية عاملا مساعدا يضعف الموقف الإسرائيلي بينما العكس في المقاربة الإيرانية التي ترى أن المقاومة الفلسطينية المسلحة هي الحل حتى لو أدى ذلك إلى تفجير الوضع الداخلي.
ينسحب الاختلاف فيما يخص الموقف من القضية اللبنانية كذلك، حيث استمر الدور السوري في لبنان حتى بعد صدور القرار الأممي رقم 1559 في دجنبر 2005 القاضي بانسحاب سوريا من لبنان، إلا أن ذلك لم ينه الدور السوري بالبلد نظرا لما تركه ذلك من تداعيات طائفية. أما طهران فترتبط عقائديا بلبنان نظرا للامتداد الشيعي، حيث يعتبر حزب الله من أهم المراجع الشيعية في لبنان وفاعلا مؤثرا في الساحة السياسية اللبنانية، خاصة بعد الحرب الإسرائيلية السادسة(صيف2006) التي ارتبطت بها كذلك كل من سوريا وإيران بسبب العلاقة لعدائية مع الكيان الصهيوني من جهة ولتقارب البلدين من حزب الله منذ تأسيسه 1982. إلى جانب هذه القضايا لايمكن إغفال الدور المتنامي الآن لتركيا في البيئة الإقليمية وتعقد القضايا المطروحة بين الأطراف الثلاث (مشكل المياه، القضية الكردية، والاتفاق الإسرائيلي التركي، إضافة إلى الصراع القائم بين أذربيجان وأرمينيا ومصادر الطاقة، وهو ما يبرز العناصر والقضايا المشتركة التي تواجه النظامين السوري والإيراني بالمنطقة.
إلا أن تحليل الأوضاع الراهنة اليوم يوضح أن إيران أصبحت تتطلع الآن إلى لعب دور إقليمي قوي لايخلو من الرغبة في الهيمنة خاصة بعد تعافي إيران اقتصاديا وعسكريا، كما صارت طهران القوة المؤثرة في أفغانستان والعراق حيث حكام العراق الرئيسيون من أنصار إيران فضلا عن علاقتها القوية بحزب الله بلبنان. كما أن العلاقات الثنائية بين البلدين دخلت منعطفات جديدة خاصة مع اندلاع التظاهرات في درعا مارس 2011، حيث تحولت سوريا بالنسبة لإيران إلى رهان جيوسياسي مرتبط بجوهر الأمن القومي الإيراني ومستقبل إيران كدولة، فقد صرح الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون": "أن بإمكان إيران لعد دور مهم بالمنطقة خصوصا إذا تعلق الأمر بسوريا". كما زار طهران موفدون دوليون مكلفون بالتوصل إلى حل الأزمة السورية". وبذلك أثبتت نفسها كطرف رئيس في أي معادلة تخص المنطقة. إذ نجد مثلا النظام الإيراني يدعو بشار الأسد في شتنبر 2011 إلى وقف استخدام العنف ضد المحتجين السوريين. ومع دخول الثورة السورية عامها الثالث وفقدان آلاف من الجنود وأفراد الميليشيات من الطائفة العلوية أصبح بشار السد يعتمد الآن على وحدات خاصة من حزب الله وميليشيات شيعية أخرى من الحرس الثوري لمساعدته في تحويل دفة الصراع لصالحه، وهو ما سيؤدي إلى تراجع سلطة الأسد ومعه موقع سوريا في المنطقة خاصة مع تقارب إيران مع الغرب الذي بدأ يلوح في الأفق.
خلاصة القول فالعلاقات الثنائية بين البلدين لم تتغير رغم هبوب رياح الربيع العربي، لكون صنع القرار الخارجي الإيراني يرسمه المرشد وليس الرئيس. كما تتهم المعارضة السورية طهران بتوظيف قواتها لدعم النظام السوري وقمع المحتجين، كما أن طهران مع أي حل سياسي للأزمة السورية. فماذا سيكون الموقف في إيران إذا تغير النظام في سوريا معارض لإيران؟

* باحث من المغرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.