هذه هجمة مرتدة جديدة ضد اللغة العربية في مصر يقودها بعض الطائفيين الجدد، ويستخدمون فيها كل التكتيكات المساعدة على الوصول إلى الهدف وهو اعتماد العامية المصرية كلغة رسمية وفعلية للبلاد، ويسمونها اللغة المصرية الحديثة( المصري)، وقد نجحوا في الحصول على كود خاص بها في المنظمة الدولية للتوحيد القياسي( أيزو639) وهو arz، و aec. ينشط هؤلاء الطائفيون الجدد الآن في وضع معايير وقواعد لما يصفونه اللغة المصري كما يسمونها، وهي ليست سوى مجرد لهجة مصرية تختلف في القاهرة عنها في الدلتا أو الصعيد، ويسعون بهمة عالية لوضع قاموس لها وكتابتها بالحروف اللاتينية أوالقبطية القديمة. يستخدم المشروع الطائفي الجديد لهدم الفصحى من وسائل الإعلام والتعليم والثقافة إمكانياته المادية الكبيرة للترويج لنفسه عبر فضائيات وصحف ساويرس التي اعتمدت العامية ورفضت الفصحى وفق ما نشره قادة هذا المشروع التخريبي على الموسوعة الحرة على الإنترنت( ويكيبيديا)،والتي يظهر من خلالها الهوية الطائفية للقائمين على المشروع، وذلك بتمجيدهم للغة القبطية وبهجائهم للفتح الإسلامي لمصر، والذين يدعون أيضا أن هذه اللغة المصرية الحديثة هي لغة 76 مليون مصري في الداخل بخلاف ملايين المصريين في الخارج، وأنها لغة العديد من الروايات الأدبية والدواوين الشعرية ورسوم الكاريكاتير وشعارات الحزب الوطني!! خالطين مرة أخرى بين اللهجات واللغات. الدعوة إلى تعميم اللهجة العامية كلغة إعلام وتعليم وثقافة هي دعوة قديمة بدأت على أيدي مصريين وأجانب ولكن لكل منهما هدفه الخاص سواء لتيسير الفصحى أو لتدميرها تماما، كما أوضحت الدراسة القيمة للدكتور نفوسة زكريا بعنوان تاريخ الدعوة إلى العامية وآثارها في مصر، وقد بدأت الدعوة بقوة على يد أحد علماء الحملة الفرنسية وهو مارسيل الذي ألف كتابا بعنوان الأجرومية في اللغة العامية عام 1801 باللغتين العربية والفرنسية، وتوالت الهجمات المنظمة بعد ذلك من خلال العديد من الكتب والمحاضرات لعلماء غربيين مثل الألماني ولهلم سبيتا والإنجليزي وليم وليكوكس الذي قام بترجمة بعض الكتب الإنجليزية إلى اللغة العربية باللهجة العامية،كروايات شكسبير ، كما ألّف كذلك كتاب " العلم والإيمان " باللهجة العامية ، والقاضي الإنجليزي في مصر ديلمور الذي اصدر كتاب "العربية المحلية في مصر" دعا فيه المصريين إلى هجر الفصحى واستبدال العامية بها، واقترح أن تتولى الصحافة ذلك بدعم قوي من أصحاب النفوذ ، كخطوة أولى لتقريرها في التعليم الإجباري. ولم يتوقف الأمر عند كتابات علماء وباحثين ومستشرقين أوروبيين بل تعداه إلى تبني صحف ومجلات مصرية للهجة العامية ومنها مجلة المسامير التي أصدرها السيد عارف سنة 1910 ومجلة السيف لحسين علي التي صدرت سنة 1911 و الكشكول لسليمان فوزي التي صدرت سنة 1921ومجلة " البغبغان " لمحمود حسن التي صدرت في 1924، ومجلة " أبو شادوف " لمحمد شرف التي صدرت 1926 الحرب على العربية الفصحى قديمة إذن ، ولكن الهجمة الجديدة تأتي في إطار مشروع طائفي متعدد المسارات، يستند إلى قواعد دعم محلية وخارجية سواء من رجال أعمال كبار، أو مؤسسات إعلامية وتعليمية، أو قوى دولية ، أو لوبيات مهجرية، ورغم أن الحذر من هكذا مشروعات أمر ضروري، والاستعداد لمواجهة هذه المخططات فريضة دينية وقومية، فإن الخبرة التاريخية تؤكد أن مصير هذه المشاريع كان وسيكون إلى فشل ذريع، فالعربية هي لغة القرآن، والله أنزل هذا القرآن وتعهد بحفظه إلى يوم الدين.